“Don’t believe me, believe your own eyes لاتصدقني بل صدق ماتراه عينيك.”

الرئاسات العراقية الثلاث تحمل على أكتافها مسؤولية أختارتها بنفسها " تطبيق الديمقراطية" والألتزام بها والتي خولها لهم الشعب العراقي والدستور.


الاخبار العاجلة للقنوات التلفزيونية تشير بين أونة وآخرى الى عقد إجتماع للرئاسات الثلاث رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري، وربما ليس آخرها في 25. 1. 2017 لمناقشة المستجدات السياسية والأمنية في البلاد. معظم أبناء العراق على معرفة بأن هذه اللقاءات صورية في الشكل والمضمون وكما تراها العين الأعلامية المستقلة، مجرد إجتماعات تضخيم أعمال لاطائل ولانفع من ورائها. فالمستجد في هذه الإجتماعات هو أن أرض العراق مازالت مخترقة و حدود العراق منتهكة من كل جانب ويستجد خرقها كل يوم بل وكل ساعة.

الديمقراطية ليست جرم فضائي يدور حول الأرض، أو من نجم فضائي في السلطة الى نجم فضائي آخر، يوجه برلماني أسئلة الى برلماني ويجيب الآخر عليها. الديمقراطية أذان مفتوحة وعيون مفتوحة تتجاوب وتسمع وترى حاجة الطبقات الشعبية وتمثل إرادتها. لذا، وجد الكثير منا، صعوبة رفع العراق من قائمة تصنيف الدولة الواعدة بالأنجازات وهي بلا إنجاز حقيقي، لا سماع أو رؤية لحقول الحياة المهمة والمهملة حالياً . فما قيمة الديمقراطية في إجتماعات تعقدها الرئاسات الثلاث لايرى الشعب ثمارها؟

الأعادة التاريخية منذ قيام الدولة العراقية عام 1921 الى اليوم تعطي الشعب العراقي وقادته حقيقة أن كل حروب العراق العسكرية سببها محاولات دول الجوار قضم وقطع وضم مايمكنهم من أرضه وحدوده الدولية وتنازل الحكومات المتعاقبة لصالح دول المنطقة باحداثيات حدودية لا تتفق مع المقاييس العالمية.

الدستور العراقي الحالي يضمن حدود العراق البالغة 438 ألف كيلو متر مربع، ومن يكفل حمايتها والدفاع عنها هي الحكومة وسلطاتها المخولة تشريعياً، كما ورد في المادة (7) من فقرته الأولى بحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الارهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو من يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، و تلتزم الدولة محاربة الارهاب بجميع اشكاله وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو ساحة لنشاطه.

المشكلة هي ليست في النص الواضح بقدر ماهو الواقع التطبيقي. فالصورة المرئية والصورة المخفية لاتعكس التزام الأطراف العراقية في السلطة بسيادة العراق على ممرات أرضه وإهمالها لحدود تجارته الدولية وبالأخص( أنابيبه النفطية وطرق الشحن والناقلات ودخول وخروج المواطنين بالطرق القانونية والأوراق الرسمية). وآخرها تنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية. كيف يستطيع أي مواطن عراقي أن يفهم مصادقة مجلس النواب العراقي عام 2013 على ترسيم الحدود وتنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية لايتم إلا بسلسلة تنازل العراق عن أراضيه لدول ترتبط بحدود معه؟ الحكومة العراقية تجاوزت الحواجز التشريعية للقرار (833) فمنحت الجانب الكويتي حق الاشتراك معنا في تنظيم الملاحة في خور عبد الله, رغم ان القرار (833) نفسه حدد تحركات الكويت بالدعامة رقم (162)، حيث يمتد هذا الخور إلى خور الزبير الذي يقع فيه ميناء أم قصر.

ماذا لو تجنبت الحقيقة البحثية وتكاتفت مع الملفقين وجاهرتُ كذباً بأن منافذ وممرات العراق الدولية والتجارية مؤمنة ومزودة بأكفأ العاملين للخدمة العامة وبأحدث أطر المراقبة الألكترونية وأحدث صالات حديثة لإستراحة القادمين والمسافرين خارجه؟؟

لايوجد دولة في عالم اليوم بحدود مغلقة لمواطنيها ومفتوحة مخترقة يومياً كالعراق. لقد تغيّرت جغرافية العراق تاريخياً 9 مرات منذ الحكم العثماني وبإنتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918. فهل ستتغّير مرة أخرى وحسب ماترتأيه العشائر السياسية المعقدة التركيب والولاء المذهبي والقومي؟

ذلك ما تسهم به الرئاسات العراقية الثلاث ومن يدعي علم الخبرة العسكرية وبعض النواب المعنيين بتحسين رسم الصورة المرئية الحالية لسياسي الطبقة السياسية وبإجتهادهم الشخصي لعكس صورة غير حقيقية لما يجري من مخالفات ونشاطات إجرامية ونقل متفجرات من منافذ العبور الرئيسية المخترقة يومياً شرقاُ وغرباً وشمالاً وجنوباً، في مسلسل الأخراج الفني لفضائيات الأعلام التلفزيوني لصور حدود العراق وقدرة البعض على حراسة إخفاء الصورة الحقيقية للحكومة وأعضاء البرلمان وتبجيل مكانتهم ودورعشائرهم.

وسواء بقت الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق وأمريكا فاعلة خلال الإدارة الأميركية الجديدة أم لا، فأن العراق لايملك خططاً دقيقة لحماية حدوده لؤد الأرهاب ودخول المتسللين حدوده من محافظات تلامس دول الجوار وأخطرها محافظات التماس لخطوط التجارة الدولية " الأنبار، نينوى، دهوك، أربيل،السليمانية، ديالى، ميسان، والبصرة".

المناخ الأرهابي المحيط بالعراق وجغرافية أرضه المحاطة من الدول الستة ( الكويت والسعودية والأردن وسوريا وتركيا وإيران) سبّبَ العداء التاريخي والحالي لمناطق مفتوحة تتسلل منها مجموعات العناصر الأرهابية المسلحة. كما أن غموض أدوارها وواجباتها التجسسية المناطة لها جعل الدولة العراقية بلا قدرة حقيقية لإيقاف نشاطاتها والتحكم بولائها ورصد تحركاتها، وما نشاط دولة الخلافة الأسلامية للبغددادي إلا جزء منها.

أما الأهتمام بمنفافذ العبور الدولية للتجارة وسوء إدارتها، فما علينا إلا أن نأخذ منفذ الكرامة وطريبيل الحدودي بين العراق والأردن المغلق المفتوح لضريبة من يدفع البخشيش، وتسيبه بيد من يمسك الرشاوى من موظفين وعصابات محلية وفلول ارهاب أسلامية. كما أن أزمة عدم إنتظام حركته تعود الى ضرائب مفروضة على سائقي الشاحنات يعرف مخاطرها وسوء إدارتها حتى السائق البسيط لو سألته عن مسبباتها. والرابط المرفق أدناه يعطيك صورة مبسطة عن الموضوع :

https://youtu.be/bB9btghojcM

دقة الحكومة العراقية في إخفاء مايجري على ممرات العراق الدولية هو الضعف الأداري للحكومة ونوابها. ولايبدو أن هذا الخطر يتصدر أولوياتهم بقدر مايتصدرها النفاق والصراع لتسقيط أحدهم للأخر وبقاء الرئاسات الثلاث بلا عمل مثمر. مايجري وراء الدهاليز مذهل وهدفه المخفي معروف لإبن الشارع، وهو " إقناع الشعب بحكمة الطبقة السياسية وسيطرتها المُحكمة على مرافق الدولة الحدودية وعملها لخدمتهم" وبأن مناطق العبورالدولية في " الدخول والخروج" تتم ليلاً ونهاراً، وفق نظام وحماية ومراقبة كمركية دقيقة وبضريبة حكومية بسيطة منشورة ومعلقة ومعلنة كي تمنع فيه إدارة الجوازات الرشاوى. ومع كثرة الأنتهاكات والتسيب الذي لم يتوقف بعد كل هذه السنوات، تروج الحكومة بوسائط إعلامية في قنواتها التلفزيونية بأنه لاتوجد مخاطر خطف وقتل وتسليب لعبور المواطنين وعوائلهم وأطفالهم، ورجال الأعمال وممثليهم، ولا تهديد زوار العتبات المقدسة، ولا للصحفيين وإعلامييهم وممثليهم وسواق الشاحنات التجارية الناقلة للبضائع وتأكيد مرورهم الآمن.

باحث وناقد سياسي