كثيرا ماكان قادة الشيعة والكرد يتباهون في وسائل الاعلام بصداقتهم ونضالهم المشترك ضد الدكتاتورية في بغداد وان تحالفا تاريخيا يجمع بينهما ، يعود الى ايام المعارضة لحكم نظام صدام حسين في التسعينات من القرن الماضي عندما لجأ الكثير من قادة الاحزاب الشيعية المعارضة الى اقليم كردستان الذي كان قد تحرر من سلطة بغداد بدعم من المجتمع الدولي عام 1992 واقام دعائم مؤسساته الاساسية من برلمان وحكومة منتخبة ، حيث وجدوا فيه الملاذ الآمن والعيش الكريم والحرية في ممارسة عملهم السياسي ،وكانوا بحق يعاملون من قبل الاكراد احسن معاملة لهم مالهم وعليهم ما عليهم بل اعتبروهم ك (انفسهم) وفق العبارة الشهيرة التي اطلقها مرجعهم (علي السيستاني) بحق السنة عندما قال (السنة ليسوا اخواننا بل انفسنا) رغم ان هذا الشعار ظل فارغا من اي محتوى ولم يجسد الى الواقع لحد الان ، فان المرجع الكبير استكثر على الاكراد قول مماثل ولم ينصفهم في يوم من الايام ولو بنصف كلمة !..
ربما استقبلوا اقطاب المعارضة الشيعية بحفاوة بالغة طبقا لطبيعتهم التي جبلوا عليها في مساعدة المحتاج ونجدة الملهوف ، وقد يكون ردا لجميل سيدهم وكبيرهم آية الله "محسن الحكيم" عليهم عندما وقف بوجه النظام البعثي العنصري عام 1963 وافتي بعدم جواز قتال الكرد "لانهم مسلمون" ، واثرهذا الموقف النبيل للسيد "الحكيم" على نفوس الكرد عميقا وظلوا يتذكرنه ويترحمون عليه في كل مناسبة ، (ياريت كان لـ "سيستاني" موقف مماثل ازاء ما تعرض ويتعرض له الشعب الكردي على يد اتباعه ومريديه المفسدين) وقد يكون هذا السبب هو ما دفع الكرد الى الوقوف بجانب المعارضة الشيعية واحتضانها ، ظنا منهم انها تبادلهم الشعور ذاته ولكن هيهات من ادراك البعد المذهبي الطائفي الذي ظل يتغلغل في نفوسهم ويتخفى في شخصيتهم ويتحكم في سياساتهم لغاية اليوم وهو ما اصطلح على تسميته بـ"التقية"، وتبين للكرد ولكن بعد فوات الاوان ان كل ماكان يظهره حلفاء الامس من ود وصداقة وتحالف "طلع" كذب ودجل والضحك على الذقون .
ولم يكن يتصور الكرد ابدا ولايخطر على بالهم ان يغدر بهم الشيعة ويطعنهم من خلف ويقابلوا احسانهم بالاساءة ومعروفهم بالجحود وهم من وضعوا اساس الدولة الجديدة ودعموهم في تولي الحكم وبسط سيطرتهم على البلاد وشاركوا في كتابة الدستور..حقيقة صدموا واصابوا بخيبة امل كبيرة وخاصة الزعيم الكردي "مسعودبارزاني" الذي طالما اشتكى من غدر وخيانة بعض زعماء الشيعة وجحودهم وقلة وفائهم ومنهم على وجه الخصوص" نوري المالكي" الذي لم يأت زعيم عراقي سابق ولا اللاحق اسوء واضر منه للاكراد..
وطبعا انفصمت عرى العلاقة بين الطرفين وانعدمت الثقة بينهما بمرور الوقت واصبح التعايش مستحيلا في ظل التخاصم والتشاحن اليومي والتنافر المستمر وعدم وجود ارادة للتوصل الى حلول ناجعة وعاجلة للمشاكل التي بدأت تتوسع وتتفاقم حتى وصلت بالحكومة الشيعية وميليشياتها الطائفية الى التلويح بالمواجهة العسكرية ووضع المنطقة على حافة الانفجار بعد ان انهكوا الاكراد بحصارهم الجائر ..الحل قبل حدوث هذا السيناريو الوارد الانفصال بالمعروف والتسريح بالاحسان!
التعليقات