لطالما نُصاب بخيبة الأمل لو شددنا الرحال إلى أوروبا أو أمريكا، أو الدول المتقدمة، فحسب ما نشاهد ونسمع عن تجارب الآخرين إن لم تكن تجاربنا حينما يعايشون الحرية والنظام، فإننا نصاب بالدهشة والاستغراب والذهول، فللإنسان قيمة، وكرامته مصانة، والجميع يخضعون للقانون حيث لا وساطات، ولا مناصب مرموقة تتجاوز القانون، خلافا لما يحدث عندنا من تجاوز وتحايل على القانون، فعندهم يتم احترام القانون، وعندنا يتم الالتفاف وتجاوز القانون على اعتبار أنّ القانون لا يطبق إلا على الضعفاء أو ممن هم ليسوا من المسؤولين أو من أبناء النافدين في الدولة.
لماذا نذهب للعلاج عندهم؟! ونحن نملك الأطباء، أم أنّ عندنا الثقة انعدمت بين المريض وطبيبه ؟! فهم متفوقون طبيًا وعلميًا، ونحن متأخرون فاشلون نرجع القهقرى ولعصور الظلام والانحطاط بجميع صوره.
نُصاب بخيبة الأمل عندما نقارن نظافة شوارعهم بشوارعنا، فهي مرتبة منظمة خالية حتى من عود كبريت، أما عندنا فشوارعنا
حفريات لا تنتهي، والنظافة والنظام مقتصر فقط على الأحياء الراقية، فيما تُترك بقية المناطق لغضب الطبيعة تفعل فعلها، وعلى سيرة الحفريات، ففي فترة الستينيات قال الفنان المصري القدير عماد حمدي في فلم "ثرثرة فوق النيل" (إللي يردموه يرجعوا تاني يهدموه، واللي يسفلتوه يرجعوا تاني يهدوه...) أي أننا نتحدث عن فترة زمنية تتجاوز الخمسين عامًا، ونحن في عام 2017 ما زلنا نراوح مكاننا فلم يتغير شيء من كلام الفنان عماد حمدي، فالحفر والمطبات تبقى مع حواجزها واتربتها المتراكمة شهورًا وربما سنوات.
أما العمل، فعندهم العمل مقدسًا، والوقت أكثر تقديسًا، ولا يمكن تجاوزه في أي حال من الأحوال، أما عندنا فنصف الوقت يمضي بقراءة الصحف، وتناول المشروبات، والنميمة إضافة إلى التذمر وكراهية العمل ومواعيد الصلاة التي تأخذ ساعات بدلا من دقائق.
تساؤلات توقعنا في حيرة من أمرنا، فعندنا عقدة الخوف والقلق وعدم الأمان، ومشاعر التشاؤم والإحباطات المتلاحقة بسبب أوضاعنا السياسية والاقتصادية التي لا تسر عدوًّا ولا صديقًا، وعندهم الحرية في التعبير عن آرائهم المختلفة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وفي حوزتهم كل الأمل والتفاؤل والجمال...
عندهم الاشتغال بالعلم والاختراعات والتجارب الطبية لاكتشاف علاج للأمراض المستعصية، والبحث عن كوكب بديل للأرض، وكل ما يفيد البشرية، فيما نحن ننتظر اختراعاتهم لتكون بحوزتنا على طبق من ذهب، ونشتريها بأغلى سعر؛ كي يقال عنا أننا اول مَن اقتناها في العالم.
وأخيرًا لماذا نعاني من عقدة النقص والغيرة والحسد والعنصرية والطائفية، فيما هذا مغيب عندهم تمامًا؟!
التعليقات