قبل 14 عاما وبالتحديد فى يوم 9 نيسان 2003 سقطت النظام البعثى العراقى بعد قرابة 35 عاما من الحكم البعثيين و خاصة صدام حسين و جلاوزته و مؤسساته العسكرية و المخابراتية وهو يعتبر ديكتاتور العراق و القرن العشرين بسبب سياساته و غروره و نواياه و حكمه بالحديد و النار و الارهاب و العنف و القتل و الحروب مع شعبه و مع جيرانه،كل الشعب العراقى فرحوا باسقاط تلك النظام الظالم و الدموى و الشوفينى بسبب انتاهاكاته الجمة لحقوق الانسان و عدم الاستقرار و بسبب الاقتتال الداخلى ((وخاصة مع الكرد فى كردستان العراق)) و الحروب مع الجيران(( ايران و كويت و سعودية و تركيا )) ومع ابناء الشعب العراقى بدون تميز قومى او مذهبى او دينى،النظام البعثى يعامل بشكل متساوى مع الكل فى التعذيب و القتل و السفك دمائهم و تشريدهم وزجهم فى السجون وايضا فى غاية التعسف و الغدر و الظلم مع الكل من العرب ((بسنته و شيعته)) و الكرد و التركمان و المسيحيين.لهذا لم يزرف عراقى واحد قطرة دمعة واحدة و لم يحزن على سقوطه و اعدام قادته من قبل المحكمة العليا العراقية، عدا جلاوزته واعوانه و المنتفعين به،وهم قلة قليلة مقارنة باكثرية الشعب العراقى.
كل العراقيين فريحون بتلك التغير الجذرى من النظام و مؤسسات الحكم و تغير الوجوه و القادة السياسين الجدد،وهم يحلومون بغد مشرق و افظل بكثير من ايام البعثيين،من كل النواحى السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الامنية،وهم يحلومون بنظام ديمقراطى و برلمانى و فيدرالى و التوافقى وارساء الحريات و صيانة واحترام الحقوق و تثبيت العدالة و القانون و الدستور و يحلومون بسلام دائم و شامل بين ابناء و مكونات الشعب العراقى بكل اطيافه و اختلافاتهم القومية و الدينية و المذهبية، ومع كل الجيران فى المنطقة و العالم باسره. ولكن لم ينعم هذا الشعب الابى حتى بتلك الاحلام البسيطة و الاساسية كحق مشروع و بدائى لكل فرد و مجتمع حظارى فى هذا القرن وعلى وجه الارض. بسبب اختلافات و التناحرات السياسية مابين الاحزاب و القادة السياسيين من جهة وبسبب اشتعال نار الفتنة و الحقد و البغض مابين مكونات المختلفة للشعب العراقى مابين العرب و الكرد ومابين العرب والعرب (( السنة و الشيعة)) ومابين الكرد و التركمان و مابين المسلمين و المسيحيين وهكذا اصبحت العراق و شعبه عدوا لدودا للبعض، وكل هذا بسبب الاحتلال الامريكى و الغريى للعراق و نهب ثراواته و هدر طاقاته و امكانياته الطبيعية و البشرية و خوفا من قدرات العراق الكبيرة على الارض و تحتها،وايضا بسبب تدخلات دول المنطقة كل من ايران و تركيا و غيرهم.والكل يلهث وراء مصالحه و حماية اقلياتها القومية و الدينية و المذهبية القريبة منه و الكل يحاول ان يحافظ على موطىء قدم لها فى العراق و فيما بين حكامه الجدد.
ونتيجة هذه الصراعات الدموية فيما بين القادة و الاحزاب حتى مابين قومية واحدة او دين واحد او مذهب واحد اصبح العراق بؤرة مناسبة لتوليد و خلق و تكوين و تقوية الجماعات و المنظمات المتشددة و المتعصبة و الارهابية و اصبح العراق ساحة مفتوحة امام الكل والكل يلعب و يصول و يجول بكل حرياته من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب و من شرقها الى غربها و العراق اصبحت دولة بلا عنوان و لا سيادة و لا حدود دولية،مع الاسف الشديد اصبحت العراق دولة ضعيفة وبلا قدرة و مقدرة و ارادة صلبة و قوية على قرارتها و صون حدودها و سيادتها امام تدخلات السافرة للدول المنطقة و خاصة ايران و تركيا،وهم يصارعون على ارض العراق ليحافظوا على مصالحهم السياسية و الاقتصادية و هم يبعثون صرعاتهم القديمة فيما بينهم من جهة و من جهة اخرى فيما بين مكونات الشعب العراقى و يحاولون ان يكون لهم القوة و النفوذ القوى مابين الحكام الجدد و يهيمنون على قراراتهم السياسية و الاقتصادية و الامنية.وحكام العراق الجدد هم ايضا يركضون وراء مصالحهم الشخصية و العائلية و الدينية و المذهبية و الحزبية الضيقة و هم يلهثون فى جمع الاموال و الثروات الحرامة و هم يفسدون كل شىء من اجل حصولهم على ملاين و مليارات الدولارات من ثروات العراق وهم ينهبون فى وضح النهار و امام اعين الناس الاخضر و اليابس من ثروات العراق الطبيعية من النفط و الغاز الطبيعى و حتى الاثار و التحف الثمينة وهم ليس عندهم اية خطوط حمراء لكى يقفوا عنده بل هم يمشون على كل المقدسات و المحظورات ويلعبون بهم تحت اقدامهم وهمهم الاكبر هو الحصول على اكبر قدر ممكن من الاموال و الامتيازات و المناصب والارصدة البانقية ويهربون بها الى خارج العراق. مع الاسف الشديد الحكام الجدد فى العراق ليسوا سياسيين محنكين و لا حكام حقيقيين ولا قادة وطنييين مخلصين بل هم جماعة من اللصوص شغلهم الشاغل هو نهب و سرقة كل ماموجود فى العراق،كلهم متساوى بدون تميز قومى اودينى او مذهبى من العرب و الكرد و التركمان و المسيحيين.الكل ينهب و يسرق و يزنى و يفسد و يقتل و ويهتك الاعراض لكن لا يوجد واحد وفى و وقور و صاحب ضمير حى ليخدم الشعب العراقى المظلوم و المنكوب،والكل يبكى على ليلاه وينحو ويولول على قوميته او ديناته او مذهبه و لا يوجد واحد يفكر و يحاول ان يجمع الكل على طاولة واحدة ليناقشوا مثل الانسان المتحضر و بطريقة سياسية و ديبلوماسية راقية ليحلوا مشاكلهم فيما بينهم بعيدا عن تدخلات خارجية مثلما ((فعل السيد مام جلال رئيس الجمهورية مابين عامى 2004 وحتى 2014، والان الكل يحلم بتلك السنوات الحكم لمام جلال )) وبعيدا عن التعسف و العنف و القتل،السنى ضد السنى و السنى ضد الشيعى و الشيعى ضد الشيعى و العرب ضد الكرد و الكرد ضد التركمان و المسلمين ضد المسيحيين،وهكدا قتلوا من ابناء العراق مدة هذه 14 عاما اكثر مما قتلتهم من قبل النظام البعث الصدامى قرابة 35 عاما.
عراق اليوم رجعت الى الوراء اكثر من 100 عام لان خلال هذه المدة 14 عاما العراق لم يخطو خطوة واحدة الى الامام فى كل النواحى،من الناحية السياسية العراق عبار ة عن دولة ضعيفة بدون سيادة حرة وحدود دولية مصونة ضد التدخلات العسكرية و الغير قانونية و ضعيفة الموقف و الموقع على مستوى الدول العربية و الاقليمية و العالمية و من الناحية الاقتصادية دولة ضعيفة وبدون اقتدار واضح حتى لسد رمقه من الرواتب الموظفين الحكوميين ولايوجد مشروع خدمى او صناعى اوزراعى او سياحى واحد فى كل البلد والمعامل و المصانع مغلقة و واقفة عن الانتاج و ظواهر البطالة و الفساد و الفقر و و التخلف و المحسوبية و المنسوبية و تفشى الرشاوى و السرقة و الجرائم و الامراض ظواهر متفشية و الحريات و الحقوق الانسان مهدورة و دم الانسان ارخص شيىء موجود فى العراق،ولحد الان الكل مشغولون بتقوية حزبه و جماعته و مذهبه و قوميته وهم يتنافسون على خلق و تكوين مليشيات وجماعات و منظمات مسلحة و دموية ارهابية بمبررات واهية ليحافظوا على وجودهم وكياناتهم الصغيرة و الجهوية و الطائفية، الان سنة العرب اضعف مكون فى العراق بسبب عدم وجود مرجعية دينية و مذهبية و سياسية قوية و صاحب قرار و سلطة،سنة العرب متفككون فيما بينهم،احزابهم و قادتهم مختلفين فيما بينهم على اصغر و اتفه الاشياء و السبب هو الحصول على الامتيازات و المناصب ولا شىء غيره،وبالمقابل شيعة العرب ايضا متشتتون و متباغضون فيما بينهم،صحيح انهم عندهم مرجعية عليا دينية و مذهبية ولكن قادتهم السياسية متناحرون و متنافسون فيما بينهم للحصول على اكبر قدر و كمية من المناصب و الامتيازات و المقاعد البرلمانيةو الكل عنده ميليشيات مسلحة خاصة بها،والكرد مع انهم عندهم اقليم شبه مستقل ولكن ايضا محكومون بصراعات و تناحرات سياسية فيما بين القادة و الاحزاب السياسية و هم مشغولون بمشاكلهم الداخلية السياسية و الاقتصادية و الامنية،مرة فيما بينهم و مرات اخرى مع البغداد وتركيا وايران،وتركمان و المسيحيين كاقليات صغيرة ايضا مصابون بنفس مرض الصراعات و التناحرات و قادة و احزاب سياسية متسارعة.وهكذا عراق اليوم بلدا منقسما على نفسها على كل المستويات السياسية و الحزبية و القومية و الدينية و المذهبية،دولة متشتتة و متباعدة و متباغضة مع البعض.
اخيرا العراق بعد 14 عاما من التحرير(( او بالاصح الاحتلال تحت عباية التحرير)) تتجه يوما بعد اليوم الى التقسيم و الانفصال و التباعد الاكثر فيما بين المكونات المختلفة للشعب العراقى وكل هذا بسبب التناحرات السياسية و الاقتصادية فيما بين القادة و احزاب السياسية و بسبب التدخلات الدولية و الاقليمية لشؤون الداخلية للعراق و بسبب عدم وجود قادة و احزاب مخلصة و شجاعة ليخدم العراق و شعبه و يحافظ على امنه و سلامته و سيادته،ومع الاسف االشديد العراق لا تستطيع ان تستمر على هذا المنوال و تحت حكم مجموعة من الحكام و قادة غير كفوئين ليتحملوا عبئ المسؤولية التاريخية على عاتقهم لتحرير العراق من المحتلين الخارجيين و الداخليين و الاقلميين،العراق منهوك و جريح و ينزف الدم يوميا بسبب القتال المستمر مع المنظمات الارهابية امثال داعش و القاعدة المجرمة و غيرهم وبسبب انتشار وتفشى ظواهر الفساد و القتل و هدر القدرات البشرية و الطبيعية للعراق وشعبه اصبح العراق دولة فقيرة و متخلفة و منكوبة،وهكذا لايوجد امل كبير بمستقبل مشرق وزاهر و ساطع و افاق منورة.
كاتب كردى من كردستان العراق
[email protected]
التعليقات