يبدو مثيراً لانتباه المراقب زيارة السيد مقتدى الصدر للسعودية في ظل صمت إيراني يشي بأن هناك أجواء انفتاح عامة في المشهد الإقليمي، قد يكون من علاماتها المصافحة الحميمة بين وزيري خارجية السعودية وإيران، وصمت القبور الذي استكانت له القوى الشيعية في لبنان والعراق تجاه أحداث العوامية عدا بعض الأصوات المتناثرة على صفحات التواصل الاجتماعي وملاحظة أن بغداد استقبلت بكل المودة وزير خارجية البحرين رغم الاتهامات المتكررة للمنامة باستهداف المكون الشيعي والتي كانت تستثير الكثير من الضجيج في العواصم الشيعية وبحيث لم يتفوق على ذلك الضجيج غير ذلك المثار حول إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر وهنا لابد من ملاحظة أن السيد عمار الحكيم ينوي تتبع خطى الصدر في زياراته التي قد تصل إلى القاهرة بعد مرورها بأبو ظبي وهي عواصم "حصار قطر" المتمسكة بالنهج الوهابي الممزوج بنكهة إخوانية تبدو شديدة الوضوح في تنامي علاقات الدوحة بأنقره التي باتت مرجعية لهذه الجماعة في ظل حكم أردوغان.
يطرح ذلك كله سؤالاً عن مآلات الحرب التي كانت معلنة ضد اكتمال الهلال الشيعي وهل انتفت مبرراتها باكتمال ذلك الهلال عند الحدود السورية العراقية، يبدو أن الإجابة ستأتي من طبيعة الحراك الشيعي الأكثر بروزا في العراق من خلال زيارات الصدر التي يؤكد كثيرون أنها لاتتم بغير رضى طهران، كما يظهر في لبنان على تحركات حزب الله الموالي لطهران علنا ومن خلال تفاوضه مع قوى اعتاد على توصيفها بالتكفيرية "النصرة وداعش" ويبدو أنه نجح في تلك المفاوضات مع قوتين عسكريتين سنيتين خاضتا حربا طائفية ضد الشيعة بدعم خفي من الدول السنية العربية. ونصر الله لايخفي سرا وهو يؤكد أنه يعمل بهدي المصالح العليا الإيرانية، وعلى المقاتلين تجاوز "انتصاراتهم" في ساحات المعارك التي خاضوها تابعين للعمائم الخضر والبيض والسود ومختلف الألوان للفوز بنعيم الدنيا والآخرة في آن معاً.
وبمعنى أن على القوى التي تقاتلت لسنوات على ضفاف الطائفية البغيضة الاقتناع بأن تلك الحرب قد وضعت أوزارها دون احتفالات بالنصر وعلى قاعدة لاغالب ولا مغلوب وليس على المتقاتلين انتظار قطف ثمار "انتصاراتهم" والاكتفاء من الغنيمة بالإياب، وعلى المتقاتلين سابقا البحث عن ملابس مدنية يستأنفون بها حياتهم بدل انتظار "شهادة" تحيط بها الشكوك وفي ذلك دعوة للقوى المدنية المؤمنة بالديمقراطية لنفض غبار التكاسل وطرح برامجها بوضوح لكسب تأييد الشارع على أساسها وليس على أساس الفزعة والولاء الحزبي ففي ظني أن الفرصة مواتية لإثبات أنها ما تزال على قيد الحياة وقادرة على الفعل والتغيير إلى الأفضل.
التعليقات