قبيل اعلان نتائج الانتخابات الايرانية والكشف عن أسم الرئيس الايراني الفائز، تكون طائرة الرئيس الأمريكي قد هبطت في مطار الرياض، وسط استقبال تاريخي لرئيس أكبر دولة في العالم، ولتستعد الدول الخليجية وعدد من العربية والاسلامية المختارة، لحضور مؤتمر للقمة يهدف الى رسم ملامح للشرق الاوسط، والبعض يذهب بالاعتقاد الى تشكيل (ناتو امريكي -عربي- اسلامي) لمواجهة الأرهاب والتمدد الايراني، إذ يتحاشى الاعلام العربي المحافظ الاشارة اليه بوضوح.

 تدرك ايران جيدا أن مؤشرات المعركة قد برزت الى السطح بعد صفقات التسليح، وأن الاجماع الخليجي والعربي السني يتجه لافشال استراتيجيتها وبسط نفوذها اكثر في العواصم والدول العربية، وأنها سوف تدفع أي دول ( الحلف الخليج العربي والاسلامي ) أي ثمن يترتب على ذلك.
من تلك المعادلة فأن القراءات تذهب الى ان الرئيس الايراني المقبل سيكون متشددا بالضرورة، لموازاة التشدد الأمريكي الخليجي العربي الاسلامي، الذي صار يضيق بدعوات الهلال أو البدر الشيعي الذي تسعى ايران لجعله حقيقة تتصل بمشروعها الاسلاموي ونفوذها الأقليمي الشيعي، المنافس للسعودية وتركيا بكونهما حماة شعوب المذهب السني.
دعم المرشد الاعلى السيد علي الخامنئي للمرشح المتشدد ابراهيم رئيسي،يعني وفق اكثر القراءات ان الحرس الثوري سيتدخل لصالح رئيسي، وبهذا فأن ايران تجهز لسياسة الحرب والمواجهة لحلف كبير، ولأن ايران تحذر من الحرب المباشرة كما تقضي قراءتها لنوايا اعدائها ورغبتهم في تدمير ايران، فأنها ستلجأ الى الهدوء واللغة الناعمة وعدم التصعيد وخفض مناسيب الشحن والحرب الإعلامية، وهنا فرصة ستكون الفرصة سانحة للرئيس حسن روحاني لتجديد رئاسته،فيما تستمر ايران تستثمر في التشكيلات السياسية والميلشياوية الشيعية وتمارس الضغط والتهديد والتعبئة والاشتباك ان اضطرت اليه بعيدا عن اراضي ايران.
القمم الثلاث لابد ان ترشح موقفا قويا للسعودية ودول الخليج ويعزز من القوة العسكرية والمزيد من اتفاقات الدفاع المشترك بين امريكا ودول الخليح وامريكا والدول العربية الحليفة لها، وهو مايجعل تلك القمم تاريخية بما تفرزه من خرائط سياسية واتفاقات دولية تعيد تشكيل موازين القوى في الأقليم، كما يرفع من الشأن السعودي ويعطي له دورا قياديا للدول العربية والاسلامية في الشرق الأوسط.
من الطبيعي ان تستثمر امريكا في المحيط الخليجي والعربي والاسلامي الذي يحضر هذه القمم،وتحت يافطة الحرب على الأرهاب وايقاف التمدد الايراني، ستعقد عشرات الاتفاقات التجارية والصناعية والاستثمارية في مشاريع النفط والغاز والطاقة والتصنيع والتجارة والزراعة والشؤون الأخرى، مايجعل هذا الاجماع العربي الواسع والكبير تجاريا وماليا مستسلما للدور الأمريكي، إن لم نقل قاعدة استعمارية تطبق على ثروات المنطقة ومصادرة ارادتها السياسية. 

 ماتجدر الإشارة اليه، ان تطورات الصراع الدموي والحرب ضد داعش في العراق وسوريا، والثورة السورية ضد نظام الأسد وماتداخل معها وتناسل عنها من صراعات جانبية وتدخل ارادات دولية عالمية واقليمية، هذا الصراع والتنافس منتج عن أخطاء وتدخلات دولية في كل من العراق وسوريا، وفي الوقت الذي يغيب فيه دورهما عن مايحدث لكونهما لايمتلكان كامل الإرادة والقرار، نجد ان مشروع هذه القمم لم تأت لتعالج المشاكل الحقيقية في الاقليم مثل ملايين النازحين والمهجرين، او اصلاح الأنظمة القمعية الفاسدة، او معالجة الحروب المشتعلة والأوبة المرضية والإجتماعية المترشحة عنها، ومشاريع الإبادة التي تتعرض لها الاقليات القومية والأثنية...الخ.

 نأمل ان لاتثمر زيارة ترامب وقممه في تعميق الحرب بين العرب والمسلمين في بسوس طائفية، تسعيد ذاكرة الماضي العتيق والخرافي في ازياء شيعية - سنية، أو لا تنتهي وفق وصف الشاعر الكبير مظفر النواب للقمم.
[email protected]