رغم التحفظ الدب الروسي على عملية (غصن الزيتون) ضد الوحدات الكوردية في (عفرين ـ بريف حلب شمالي سوريا) ، التي بدأتها القوات التركية بجانب فصائل مسلحة من قوات الجيش السوري الحر بحجة (الحفاظ على حقوق تركيا النابعة من القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب وحق الدفاع عن النفس المشار إليه في المادة 51 من اتقافية الأمم المتحدة مع احترام وحدة الأراضي السورية) ,رغم التحفظ والصمت الروسي على التدخل العسكري التركي في ( روز افا ) الا ان مجريات الأموروالاحداث على أرض الواقع تشير لجود تنسيق عالٍ و رضى بين البلدين قبل بدءالعملية ,وإن زيارة رئيس هيئة الأركان التركية (خلوصي آكار) ورئيس المخابرات( هاكان فيدان) إلى روسيا قبل انطلاق العملية المذكورة بأيام، وما أعقبها من سحب روسيا لمراقبيها في (عفرين) إلى منطقة (تل رفعت , إحدى نواحي سوريا تتبع إداريّاً لمحافظة حلب منطقة اعزاز ومركزها بلدة تل رفعت) لمنع الاستفزازات المحتملة ( كما صرحت روسيا ) ، اضافة الى سماح روسيا للطائرات التركية المقاتلة بدخول الأجواء السورية وإغلاق أنظمتها الدفاعية الجوية (إس 400) الروسية المنتشرة في قاعدتي(حميميم) و(اللاذقية) غربي سوريا , تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك وجود تنسيق واتفاق بين موسكو وأنقرة قبل بدءعملية ( غصن الزيتون ).
أن روسيا متهمة بالتورط في المجازرالتي ترتكبها تركيا اليوم في (عفرين) بحق الابرياء والمدنيين العزل وأمام مرأى ومسمع العالم العربي والاسلامي الملتزم بالصمت أحياناً والمتواطئ أحياناً أخرى , ولتبرير التدخلات التركية السافرة وقصفها العشوائي للمدن والقصبات القريبة من (عفرين) عن طريق القصف الجوي والمدفعي , حمَّلت روسيا الولايات المتحدة الأمريكية التي تحسب حسابات الربح والخسارة في علاقاتها مع حلافائها مسؤولية عملية ( غصن الزيتون ) والتي جاءت حسب تصريحات روسية نتيجة الخطوات الاستفزازية التي اتخذتها واشنطن بهدف عزل المناطق التي يسكنها الأكراد في المناطق المجاورة لتركيا وتسليح وحدات حماية الشعب التي تعتبرها تركيا تهديدأ وخطرا على امنها القومي .
من جهته، قال قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي، الجنرال (Joseph Votel) ان تركيا أطلعت بلاده حول عمليتها العسكرية بـ(عفرين)، موضحا أن (المدينة لا تقع بنطاق العمليات العسكرية لأمريكا) , بمعنى اخر ,ان الولايات المتحدة الامريكية غير مهتمة اطلاقا بمصير (عفرين ) والمجازر التي ترتكب بحق اهلها الابرياء , لانها تابعة( لنفوذ روسيا ) , ولا تؤثرعلى مصالحها والمناطق التابعة لها والتي تقع (شرق نهر الفرات ) ...!
ويرى المراقبون إن عملية (غصن الزيتون ) كانت متوقعة ضد وحدات حماية الشعب الكوردية قبل تحرير (الرقة ـ عاصمة الخلافة ), الا انها تاجلت بقرار( امريكي ـ روسي) الى ما بعد تحرير( الرقة ) التي سقطت في أيدي (داعش) في منتصف عام 2014 وكانت المركز الرئيسي للتمويل والتخطيط للاعتداءات الإرهابية التي استهدفت القارة العجوز في السنوات الأخيرة، بما في ذلك هجمات (باريس وبروكسل ودول اخرى ), تاجلت العملية لأن ( روسيا وامريكا ) تعرفان جيدا ان أغلب مقاتلي وحدات الشعب الذين كانوا يشاركون في معركة تحرير( الرقة )، هم من عفرين والمناطق المحاذية لها , وعليه ان هاجمت تركيا مدينتهم فانهم يتركون( عاصمة الخلافة ) ويرجعون الى عفرين للدفاع عنها , وعليه تم تاجيل عملية (غصن الزيتون ) الى ما بعد تحرير (الرقة) بالكامل .
وبعد ان أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن رسميا عن تحرير مدينة (الرقة السورية) من قبضة مسلحي تنظيم(داعش ) ,شنت تركيا هجومها حسب اتفاقها السري مع (الدب الروسي والنسر الامريكي ) لتنفيذ خطتها العدوانية والتي ستتم على 4 مراحل، وتنتهي بإنشاء منطقة عازلة بعمق30 كلم ( حسب تصريح وزير الخارجية التركي للصحفيين يوم الاحد المصادف 21 / 1 / 2018 خلال زيارتة الرسمية للعاصمة العراقية بغداد).
عزوة فتح عفرين :
ان غزو أردوغان وقتل الابرياء من ابناء الشعب الكوردي المسلم في (عفرين ) من جهة , و صمت المجتمع الدولي والعالم العربي والاسلامي من جهة اخرى يعيد الى اذهاننا ايام ( الانفال) هذا الاسم الذي اختار (صدام حسين نسبة للسورة رقم 8 من القرأن والتي تعني الغنائم ) وذالك لاعطاء الشرعية لعملية ( التهجير القسري والقتل والابادة الجماعية بحق الشعب الكوردستاني) و لتشجيع قواته وتذكير جنوده بالغنائم و بالاستيلاء على الممتلكات المدنيين العزل والتي تؤول اليهم مجانا بقرار منه شخصيا .
ان غزو اردوغان يعيد إلى اذهاننا جرائم النظام العراقي البائد منها مجازرحلبجة والانفال , تلك المجازر التي ارتكبت بحق كوردستان ارضأ وشعبا , بالضبط كما يفعل اليوم اردوغان في غزوته بحق الشعب الكوردي المسلم والمسالم في( عفرين ), حيث طالب رئيس الشؤون الدينية (علي أرباش وبقرار من اردوغان )المسؤولين الدينيين بقراءة (سورة الفتح) قبل أو بعد الصلاة من أجل نجاح العملية التي بدأتها القوات التركية ضد (التنظيمات الإرهابية التي تهدد الوطن واستقرار البلاد والدعاء للشعب والجيش التركي) على حد تعبيره , باعتبار أن الجنود الاتراك هم (جند الله الغالبون) , وان الشعب الكوردي في ( روز افا ) كافر ومستحق للعقاب والقتل كما فعل (صدام حسين ) في عام الانفال والفرهود بحق الشعب الكوردستاني ..
اخيرا , الكل يعلم تمام العلم ان مشاكل تركيا المستعصية لا تحل بالاجتياحات السافرة ولا بقصف مدن (روزافا) ولا بقتل الاطفال ولا بالتهديدات والتدخلات العسكرية السافرة في العراق وسوريا بحجة (الحفاظ على حقوقها النابعة من القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب وحق الدفاع عن النفس المشار إليه في المادة 51 من اتقافية الأمم المتحددة), ولا بتلاوة (سورة الفتح المبين ) , لان مشكلة تركيا هي اولا واخيرا مشكلة داخلية قائمة على الاضطهاد والقمع والغاء الاخر . والاخر هو (شعب) وليس (حزب او منظمة او جماعات ارهابية كما تدعي تركيا واردوغان افندي ) .
وفي الختام أقول : يا نار كوني بردا وسلامآ على اهلي في عفرين .
التعليقات