منذ&أسبوعين تحديداً&،&تعيش آلة الأخبار العالمية حالة من الإضطراب&التى لا تتكرر إلا نادراً .. وأقصد بذلك حكاية الصحفي السعودي جمال خاشقجي ذات الوجهين المتضادين .. الوجه الذي تروج له وسائل الإعلام التركية بالإعتماد علي مصدر&إخباري واحد يتمثل فيمن تزعم أنها خطيبته التركية .. و الوجه&الذي تمثله السلطات السعودية في أعلي قممها الذي ينفي كل ما قيل حول قيام الرياض بإغتياله أو علي الأقل اخفاؤه&،&ويطالب بالتريث حتى تنتهي التحقيقات التى ستٌجريها الجهات المختصة في كلا البلدين&السعودية وتركيا&..&
منذ الثالث من اكتوبر الحالي - اليوم التالي لذهاب&خاشقجي إلي قنصلية بلاده في إسطنبول لإستخراج&أوراق رسمية تٌسهل له إجراءات زواجه الثاني ..&تسابقت وسائل الإعلام التركية&علي فرض رؤيتها التي ترتكز علي أنه لم يخرج ومن ثم إختطف من داخلها إلي&مكان ما ، ربما يكون بلده الأصلي .. أو أنه قُتل في داخلها ثم دفن في مكان ما&داخل&حديقة مقر القنصلية السعودية او في حديقة المبني الذي يستخدم كسكن للقنصل العام !! ..&
التسابق&الإعلامي التركي الذي سعي منذ اللحظة الأولي إلي الخروج بتنبؤات لا عقلانية لها لا تتصف بالمهنية ، اعتماداً في المقام الأول علي ما دأبت الخطيبة خديجة علي التصريح به لوسائله&المتعددة&.. وفي المقام الثاني علي&إحتكاره للأنباء مما جعله يلجأ&علي مدار الساعة إلي دراما خلق المفاجأة لتعزيز وجهة نظره وجذب وسائل الأعلام الأجنبية في نفس الوقت ..&
علي سبيل المثال .. نقلت وكالة رويتز للأنباء عن صحيفة واشنطن بوست يوم 6 اكتوبر&، والتي نقلت بدورها&عن مصادر تركية مُجهلة أن خاشقحي قتل داخل القنصلية " حسب&إعتقادهم " .. وقال مصدران مٌجهلان أيضا لوكالة الأنباء الفرنسية&في نفس اليوم أن الشرطة التركية " تعتقد أنه قد قتل داخل القنصلية " ..&
كل ذلك دون التوصل إلي إجابة قاطعة لماذا هو في حاجة إلي ألأوراق&الثبوتيه هذه لكي&تسهل له عقد زواجه&الثاني من خطيبته التى لم يسمع بها احد قبل الثاني من اكتوبر&،&إلا&ما قيل حول إصرار والد خديجة علي ضرورة الحصول عليها&؟؟ .. ولماذا لم يستخرجها من القنصلية العامة في واشنطن التى&إتضح&أنه&أقام بها&أكثر مما أقام في اسطنبول&–اقام بها خمسة ايام قبل الثاني من اكتوبر 2018 -&منذ خرج&في سبتمبر 2017&طَوعياً&من السعودية إلي الولايات المتحدة !! خاصة وأنه كان علي علاقة طيبة بالسفير السعودي هناك ؟؟ ..&
إلي جانب ذلك نتساءل مع عدد كبير من المتابعون للحدث ..&لماذا كان متوتراً ومضطرباً في ظهر ذلك اليوم وهو متجه إلي مقر القنصلية ، كما قالت خطيبته ؟؟ ..&لماذا لم يترك تليفونه المحمول الثاني معها&يوم 30 سبتمبر الماضي ، كما فعل في المرة الثانية ؟؟ .. ولماذا&أوصاها في حالة عدم خروجه من مبني مقر&القنصلية&ان تتصل بمستشار الرئيس التركي&ياسين أقطاي ،&لإبلاغه عن واقعة&عدم خروجه من المبني&، بدلاً&من أن تُبلغها إلي وسائل الإعلام التركية ؟؟ ..&
عائلة خاشقحي في السعودية لا تدري شيئا عن إعتزامه الزواج ممن تقول انها خطيبته التركية&، وترفض في نفس الوقت تسييس قضيته كما يفعل الإعلام التركي وبعض كبار مسئوليه&.. تقول أنه منذ ترك بلده إلي منفاه الإختياري&في أمريكا لم يتعرض لمسائلة او إستجواب أو تعطيل لأي مصلحة كان يبغي الحصول عليها من الجهات الرسمية السعودية العاملة بالخارج ..&
هذا التسييس&إنتقل من مستوي الإعلام التركي إلي الرئيس رجب طيب أردوجان حيث تحدي&–&يوم 9 اكتوبر&–&السلطات السعودية بأن تقدم للعالم دليل يثبت خروج خاشقحي من مقر قنصليتها في&إسطنبول !! .. وكذا إلي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي عبر&عن&قلقه إزاء ما وصفه بـ " الإختفاء القسري للصحفي السعودي .. إلي جانب تبني صحف بريطانية لما رواه الإعلام التركي حول&السيارات المموهه التي تحمل أرقام دبلوماسية تابعة للقنصلية السعودية والتى خرجت تباعاً&بعد مرور&أقل من خمس ساعات من مقر القنصلية&، في أعقاب دخول&من الرجل إلي مبناها ..&
هذا التسييس لم يقف عند حالته التركية ، ولكنه ترك جانباً&مما جاء علي لسان الرئيس الأمريكي&الذي أبدي قلقه من المصير الذي آل إليه الصحفي المختفي وعبر عن أمله أن تتم تسوية المسالة في&أقرب وقت ممكن ، ووصف ما يصل إلي سمعه من قصص بانها&لا يعجبه ..&وترسخ مفعوله&–&اي هذا التسييس -&لدي بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى من ديموقراطيين وجمهوريين الذين تباروا فيما بينهم لكشف ما وصفوه بـ " ضروة&إتخاذ موقف حازم من&كبار مسئولي&النظام الحاكم في السعودية وفي مقدمتهم ولي العهد الأمير&محمد بن سلمان " ..
نأتي لفرقة الإغتيال التى&التى قال الإعلام التركي أن&أفرادها&قدموا&علي متن طائرتين تابعتين " لشركة طيران خاصة مقرها الرياض&"&وصلتا إلي&إسطنبول بعد ساعات معدودة من&إختفاء خاشقحي عددهم 15 فرد ، من بينهم طبيب شرعي&، لم تتعرف عليهما&سوي صحيفتين تركييتن " صباح و&حرييت " حيث&أسهبت كل منها في وصف من كانوا علي متنها وحددت دور كل منهم في عملية الإغتيال وتقطيع الأوصال&وتعبئتها في حقائق سوداء كبيرة&،&تم شراؤها من سوق تركية !! ..&
هذا الدور الإعلامي&الذي لا يٌساند حق القارئ في المعرفة الموثقة علي حساب نشر الوقائع المكذوبة دون تَحري المصداقية والأصول المهنية ، تبني نظرية " اللي تغلب به إلعبه " في مسيرته لتغطية الخبر .. ومن ثم تصاعد سُعار النشر والتغطية دون الإشارة إلي مصدر حقيقي يٌعتد به ، بل كلها سارت في طريق المصدر الذي رفض ذكر&أسمه مما يفتح الباب لتلفيق القصص والتلاعب بالأنباء ونشر الشائعات وإلصاق التهم جزافاً قبل بدء التحقيقات الرسمية ..&
نقول:
إذا&ساد&هذا النمط من&متابعة الحدث وتقصي&تغطيتة الإعلامية بعيداً عن طبيعته وأبعاده الجنائية والأمنية وإشكالية طبيعة العلاقات&السياسية&بين الدول ، نتوقع&أن&يتحول الإعلام علي يد من ينتهجون هذا النهج ، إلي حالة هذيان صانعة للأوهام ليس فيها من الخدمة الإعلامية إلا العنوان فقط&.. وسينسي هؤلاء مهام ووسائل كشف الحقائق التى&هي&من صلب مهمة الإعلام ويساهموا بشكل إجرامي في ممارسة&أساليب الضغط والإبتزاز السياسي التى من&مسؤليتهم في المقام الأول أن يقفوا أمامها بكل قوة وإيمان !! حتى لا يتحولوا إلي&مدافعين أشاوس عن الخلل الذي أصبح عنوان بارزا&لأكثر من نظام سياسي&داخل&منطقة&الشرق الأوسط ..&
التعليقات