عند&الحديث عن أزمة&اختفاء&جمال خاشقي، يجب التوقف عند محطات رئيسية: سعودية،&تركية وأمريكية.

بالنسبة للسعودية فهناك عنصران يلفتان الإنتباه: أولا،&وجود تحول اعلامي دولي&من البحث عن حقيقة اختفاء جمال خاشقجي الى البحث عن&ما يدين&الحكومة السعودية،&حتى قبل ان تعلن نتائج اي تحقيق رسمي.&وبدلا من رفع شعار نريد الحقيقة، اصبح الشعار نريد الإدانة.

ثانيا، وهو عنصر&متصل&بالأول، ان السبب في ذلك يبدو&مرتبطا بحالة من الإحتقان الدولي تجاه&بعض السياسات&السعودية.&من&حرب اليمن،&مرورا باعتقالات الريتز،&إلى&الموقف من&قطر والإتفاق النووي الإيراني&الذي يؤيده الغرب.&

ويبدو&ان الإعلام العالمي، راح يتلمس طريقا معتما بيد مغطاة بقفاز خشن. فكلما وجد شيئا،&تصوره اكثر وأكبر من&حقيقة حجمه.&فبات ما تقوله السعودية غير صحيح مطلقا، ولو كان صحيحا. وما يقوله مصدر مجهول حقيقة مطلقة، ولو كان تهويلا.

كان من شأن ذلك ان اصابت&العتمة&المجتمع الدولي كله. وبات التخبط، وانعدام الحقيقة، هي الحقيقة الوحيدة&في قضية اختفاء خاشقجي.

بالنسبة للحكومة التركية، فقد&زاد&موقفها&من غموض المسألة. فأولا، لا اعتقد ان الأتراك يظهرون أو يسربون معلومات اكثر مما يعرفون حقيقة. كما ان مشاركة فرق تحر امريكية منذ اليوم الأول، ثم فرق سعودية، يجعل ما يصدر&من تسريبات&عن الأمن التركي محل شكبحد ذاته. ثانيا، تضارب التصريحات على مستوى الحكومة التركية. فتارة&تسمع لهجة متشددة، تعقبها لهجة أخف حدة، ثم متشددة مرة أخرى. هل هذا الصعود والهبوط مرتبط&بصفقة سياسية؟ ربما&نعم او لا.. وقد تكون نعم هي المخرج الأفضل هنا. لكن يبدو ان الجانب التركي يواجه مأزقه الخاص.&ففي&حال عجزت الحكومة التركية عن تقديم ادلة ملموسة وموثقة للعالم،&فقد تتأثر مصداقيتها السياسية والأمنية&والإقتصادية&إلى حد بعيد.&ويجب ان لا نغفل هنا ان الجانب التركي لم يقدم حتى الآن رواية رسمية لما حدث طوال اسبوعين وأكثر. ولن أتفاجأ كثيرا، إذا صدرت رواية بلا مفاجآت، أو قدمت أدلة لا يصعب تفنيدها.

بالنسبة للحكومة الأمريكية&فالصورة&هناك&اكثر&ضبابية. فترامب يواجه انتخابات&قادمة، وهو شبه عار. واقصد بذلك ما تعرض له طوال الأشهر الماضية من نقد وتشكيك&ضمن&تحقيقات ديفيد مولر. ويبدو ان السيد مولر يملك ما يثير قلق السيد ترامب والجمهوريينعلى السواء. عليه فإن اي موقف دفاع او هجوم تجاه تركيا او السعودية، قد لا&يكون&سهلا. وإن كان&على&الأطراف الأخرى ان تواجه، متفرقة او مجتمعة،&العالم بحقائق&وأدلة&حول اختفاء خاشقجي، فإن ترامب&قد&يواجه العالم والسيد مولر معا لوحده.

أين يقود&كل هذا؟

يقود الى أن&المصالح هي التي ستنتصر في النهاية ولو على حساب الحقائق. فليس من مصلحة السعودية ان&تزيد&من&اي نظرة سلبية&دولية&تجاه سياساتها الداخلية والخارجية،&ما يعني ان ملف السيد خاشقجي يجب ان يغلق&في أسرع وقت،&واي ثمن،&سيما وانه قد ثبت وجود من يتمنى إلحاق&اقصى ضرر ممكن&على&السعودية مذنبة كانت ام بريئة.&السيد اردوغان&من ناحيته&يواجه ضائقة اقتصادية خانقة،&وضغوط داخلية تحتم عليه ان يغلق الملف&سريعا،&ولو لم يحصل على كل ما يريد،&وهو ما يبدو انه سيفعل في النهاية.&السيد ترامب يحتاج&أيضا&الى&ما يعزز&موقفه امام خصوم داخل واشنطن ينتظرون منه زلة واحدة،&بسبب&إختفاء&خاشقجي وبدونه. وهو ما&يدفع&ايضا&باتجاه&التعجيل في اغلاق&هذا&الملف&الغامض. ولأمريكا باع في ذلك.

ماذا عن خاشقجي نفسه؟

كان زميلا لي منذ التسعينات. وأتمنى، كما الجميع، لو&عاد&سليما معافى&وانجلى&سر اختفاءه. لكن الواقع أنه قد لا يمضي طويل وقت قبل أن يصبح مجرد ذكرى،&عثروا&عليه ام تحول الى&شبح&أو قديس،&فللعالم ذاكرة من غبار.