لم يتسلم عادل عبد المهدي حقيبة رئاسة الوزراء لولا بداية النهوض الشعبي العراقي ألذي أخاف المافيات التي تحكم العراق،&فقد&جاء ترشيحه&بمثابة&عملية زرق مورفين في الحياة السياسية العراقيةالمريضة وهي على فراش الموت،&خوفا من أن تصبح شراراة البصرة ناراً حامية تحرق كل رموز الفساد بما&فيهم أهليهم وجيرانهمالمعتمدين. فتنادوا إلى شخصية مستقلة مهدوا&لها،&لكي يشكل حكومة وطنية ذات إختصاص،&توحي بحل المشكلات المستعصية في البلاد.&وأعلن أنه&لن يقبل تشكيل الحكومة سوى&بشرط&حرية الإختيار لما يسمى"الكابينة الوزارية" على إعتبار أن العراق يمتلك من الطاقات الأكاديمية والمسلحة بالطاقة الوطنية، داخل وخارج العراق،&ما يمكنه من&إنتقاء أحسن الأحسن،&والبدء بالعملية الإصلاحية التي يحلم بها وقد تقود إلى أن يسجل أسمه في السجل الوطني العراقي،&وتسجل مرحلته لصالح "إنقاذ العراق" التي تتقاطعه ريح عاصفة سوداء مخيفة من الصعب الصمود في نقطة&تقاطعها. لكن سرعان ما خضع عادل عبد المهدي إلى شروط وصراعات المكونات السياسية العراقية&بعد أن إنتهى مفعول أبرة المورفين&متنازلا عن إستقلال القرار،&معللا ذلك بتطبيق برنامجه السياسي،&الإقتصادي،&الإعلامي، العسكري الأمني،&والثقافي في دورة حكومته التي "قد" تمتد لأربع سنوات و"قد" لا تكملها.&فتلا على أعضاء البرلمان برنامجه السياسي الحالم!
المشكلة لا تكمن في البرنامج الحكومي، فإن صياغة برنامج حكومي من قبل أي خبير أو خبراء،&قد لا يستغرق من وقت أصحاب المعرفة أكثر من سبعة أيام عمل. وكل مؤسسات&الفساد السابقة التي أودت بالعراق إلى ما هو عليه الآن من تشظ وخوف ورعب،&كانت تقدم في حقب حكمها السياسي برامج سياسية إقتصادية توحي بجنان الله على أرض العراق، ولكنها قادته إلى جحيم الآخرة.&إن الوزراء الذين&إختارهم رؤوساء الوزارات&الذين سبقوا&عادل عبد المهدي، وصادق عليهم البرلمان كانوا يشكلون حماية فساد مكوناتهم،&وتزويدهم بمشاريع فساد أخرى تؤمن لهم تغطية نفقات جيوش المليشيات المسلحة. فالمهم ليس البرنامج الحالم سياسيا وإقتصاديا وثقافيا وإعلاميا وعسكريا، بل المهم الشخصيات الأكاديمية في إختصاص كل وزارة والمتسلحة بالصفة الوطنية.&
أورد بهذا الصدد&مثالا واحداً، وهو مثال يتعلق بتصريحات وزير الموارد المائية الدكتور حسن الجنابي، الذي إستبشر العراقيون خيرا بمقدمه،&كونه ينتمي إلى ما يسمى طبقة "التكنوقراط"&فلقد صرح قبل نهاية أجندة كابينته الوزارية "إن وزارة الموارد المائية ليست معنية بالأنهار العراقية، فالأنهار ليست سوى وسيلة مواصلات"بمعنى أنها تابعة لوزارة النقل لأن الأنهار تمخر عبابها المراكب والمشاحيف، وليست هي&منبع الثروات السمكية وهي&لإرواء ظمأالعطشى من العراقيين، كي يشربوا الماء الزلال غير المسموم، وهي تسقي بساتين النخيل في أرض السواد والغرين،&فتثمر رطبا&شهياً! في وقت جاءنا هذا الوزير الأكاديمي ببرنامج حالم لأنهر من لبن وأخرى من عسل!
برنامج&الدكتور عبد المهدي،&الذي&الذي أعلنه&أمام البرلمان العراقيغير مجد على الإطلاق.&فأعضاء البرلمان أنفسهم قد جاءوا بعملية إنتخابية&مزيفة&وهم&بشهادات&مزورة، إنتخابات&لم يشارك فيها العراقيون سوى بنسبة إثنئ عشر بالمائة من مجموع السكان. فهو برلمان غير نظامي وغير شرعي&وغير جدير أن&يمنح الثقة لبرنامجرئيس الوزراء،&او لشخصيات وزارته.&هو برلمان باطل، وما بني على باطل فهو باطل،&والجميع يتصرف وفق دستور كتبته المكونات ذاتها بإملاءات خارجية، ما يعني أن الدستور ذاته باطل حين لم يكتبه ذوو الإختصاص من الشخصيات الأكاديمية والوطنية.&ومع النسبة المتدنية للإنتخابات، فإن الهيئة المشرفة على الإنتخابات قامت بتزوير النتائج&بإعتراف المسؤولين في الدولة العراقية "تعبير دولة مجازي وليس حقيقيا"
رئيس الوزراء الجديد، في مهب الريح، بل&هو&في تقاطع الرياح الأربعة العاصفة، والوطن&برمته&في مهب رياح عاصفة سوداء،&وضمن هذا الخوف والإلتباس فمن الصعب&أن&ينجح في إصلاح الوطن،&وبشكل خاص في طريقته&بالعمل القائم على مرضاة المكونات السياسية المشوهة، معللا موقفه&بالبرنامج الوطني.&إنه يقابل&مجموعة من المافيات الخبيثة التي تستطيع أن تطيح به&متى تشاء، إستعملته&لأمر مؤقت قصير جدا،&لأنها كانت محاصرة&من قبل فقراء العراق فإستنجدت به، لتوحي&بإنقاذ العراق، وهي الآن تريد أن&تسرع الإطاحة به، وأول ما فعلته&هو&أنهم رموا السموم في أنهار العراق ونفقت كل أسماك العراق&وهي جريمة خطيرة تواجه رئيس الوزراء في أول أيام وزارته، وحين عرف الفاعل تمت براءته بدعوى إن الأسماك قد تعرضت إلى أمراض،&وذلك محض إفتراء. فلو أصيبت الأسماك بمرض ما،&لماتت على مراحل وبالعشرات ولم تنفق بين عشية وضحاها كل أسماك أنهار العراق الخالدة&وبالملايين،ويتحول سطح دجلة والفرات وكل الأنهار والجداول إلى مشهد مخيف من الأسماك النافقة على سطوح المياه تلك.&أنها كابينة ليست وزارية، بل هي كابينة المشاكل العويصة التي ليس لها حلول،ومخرجة من قبل كتاب سيناريوهات مخابرات الجيران.&أن هذا الفعل هو تلويح ومقدمة لمزيد من المشكلات التي ستواجه عادل عبد المهدي لو&إنحاز عن الطريق المرسوم لكل الحكومات العراقية الآتية.
منذ التغيير الدراماتيكي في العراق عام 2003 وحتى الآن حلت بالعراق كوارث على شتى الصعد،&ومن الصعب حصرها والتحقيق فيها وبأسبابها، فبعد كل حادثة يتحدث رئيس وزراء عن تشكيل لجنة تحقيقية بالحادث، فأمام&رئيس الوزراء الجديد،&والحالة&هذه مئات الآلاف من اللجان التحقيقة الوهمية مطلوب معرفة نتائج التحقيق وعرض المتهمين أمام الرأي العام، فكيف سيصار إلى تسوية هذا الأمر. لم يتحدث رؤوساء الوزارات عن اللجان التحقيقية بعد كل حادث،&بل يتحدثون وبحماس منقطع النظير عن الفساد والفاسدين.&والفاسدون هم يقبعون في مكاتبهم على بعد "شمرة عصا" من مكتب رئيس الوزراء، هم رئيس الجمهورية، ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء ونواب رئيس البلاد ونواب رئيس الوزراء، والوزراء ووكلاؤهم .. هم المافيات والمليشيات المسلحة هم حاكمو الدولة العراقية وكلهم على بعد "شمرة عصا" من مكتب رئيس الوزراء فيما هو يهدد كل أسبوع&الفاسدين في محاسبتهم حتى إذا ما إنتهت مدة إستيزاره ذهب إلى غير رجعة،&دون أن يرينا أو حتى يسمعنا عن فاسد&واحد!
الفاسدون هم نجوم القنوات الفضائية. إذا أردت أن تعرفهم فتابع بعض القنوات الفضائية وستشاهدهم يتحدون الرأي العام كل يوم،مجرمون&بصيغة ملائكة ولصوص&بثياب كهنة. فهل أحدثك عن الفساد وفساد سلم الرواتب وفساد المصارف المباعة وفساد العملة المزورة وفساد الحدود السائبة للتهريب وفساد&رجال الدين وأصحاب العمائم. لقد قالت المرجعية أن الدولة ضعيفة ولكنها غير مستسلمة،وأنت أستعملت ذات النص الخطابي. الدولة الضعيفة&يا سيدي هيمستسلمة بالضرورة في كل مجالات&الحياة. لقد حاول بعض المستثمرين هذه الأيام إنشاء معمل لأنتاج الألبان ومشتقاتها من أجل مشروع تجاري&عراقي&مشروع،&ويعود بالمنفعة للشعب العراقي. فجاءتهم عصابة من أحدى المليشيات وهددتهم&بالتصفية الجسدية،&إن هم أنجزوا &مثل هذا المشروع. فتركوا مشروعهمحفاظا على حياتهم، &فعن أية دولة ضعيفة غير مستسلمة تتحدثون أيها المراجع الدينية،&وتستنسخ ذات المقولة أيها السيد رئيس الوزراء؟
تحاول أيها السيد رئيس الوزراء أن تغير شكل العلاقة الإعلامية بينك وبين الناس. كل الوسائل الإعلامية المتبعة من قبل الذين سبقوك والتي&يحاول أن&ينتهجها&معاليكيم هي وسائل إعلامية ساذجة وغير متقنة، فرئيس الوزراء يتحول إلى مذيع أو مقدم برنامج&كذاب،أو محلل سياسي&ساذج&في برنامج تلفزيوني، فيما ينبغي على رئيس الوزراء أن ينشغل بوضع خطة&واقعية،&والعمل ليل نهار&من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه&من السفينة الآيلة للغرق، فالشعب العراقي مشروع موت محقق. وإذا أردت أن تخطو خطوات ناجحة، أن تختار بنفسك كابينتك الوزارية من شخصيات المعرفة الإكاديمية المتسمة بالوطنية، وأن لا تتحول إلى مذيع تلفزيوني مثل الذين سبقوك. حرر شبكة الإعلام&العراقية&من الفاسدين والناهبين وحولها إلى مؤسسة إعلامية متزنة وعلمية&حتى يمكن أن يشاهدها الناس لا أن يحتقرونها، لتصبح القناة القادرة على كشف الواقع بعين الوعي وتصبح هي القناة المدافعة عن الوطن، وعن النهج الصحيح. وهي التي تأخذ على عاتقها تحليل الواقع السياسي والإقتصادي والثقافي. وتريحك من التحليل الأفقي والعمودي والدولة العميقة والأخرى الضعيفة غير المستسلمة، وتحليل سياسة الإملاءات.فأصلح&شبكتك الإعلامية أولا،&تمهيدا لتغيير شبكة رئاسة الجمهورية!
كاتب&وإعلامي&عراقي مقيم في بانكوك
التعليقات