عندما أقروا قانون الانتخاب الجديد في لبنان ربّحونا جميلاً بالنسبية؛ طبعاً من تجربتنا العظيمة مع سياسيينا كنا على ثقة أن هذا القانون ما كان ليبصر النور لو لم يكن مفصلاً على قياسهم، ليخدمهم ويكرّسهم في مجلسنا النيابي.. أو بالأحرى مجلسهم فعلى ما يبدو لم يبق لنا من هذا البلد الا جنسية، تؤذينا في أحيان كثيرة أكثر مما تخدمنا! 

وبدأ مهرجان الانتخابات وبدأوا ينهالون علينا بصورهم وشعاراتهم ومهرجاناتهم الانتخابية، مهرجان من هنا وآخر من هناك.. نفس المضمون وكأن الكاتب واحد ولكن يختلف المؤدون.. والأهضم المرشحون الجدد من أبناء الوراثة السياسية والذين يرددون لنا الشعارات الرنّانة نفسهم... ماذا يعرف هؤلاء الشباب الوسماء عن الشباب اللبناني ومشاكله؟ كيف لهم أن يعرفوا وولدوا وفي فمهم ملعقة الذهب؟ ماذا يعرفون عن بطالته ومآسيه وهم لم يعيشوا أي من احباطاته فمع أول خضة في البلد تكون الطائرة جاهزة لتقلهم على كفوف الراح إلى فرنسا أو أي دولة أوروبية آمنة... ماذا لو خُض البلد وهم نوابا عن الشعب ماذا سيفعلون؟ هل سيستطيعو أن يتحملو الوهلة قبل الوصول إلى المسؤولية؟؟

على المقلب الآخر هناك شباب لبنانيين استوطنوا الشارع وعاشوا كل تفصيل من تفاصيل هذا البلد المتخبط بمشاكله والتي لا تبدأ بالنفايات ولا تنتهي بالفساد، عاشوا المر والأمّر، شباب عزّل من الارث السياسي في مواجهة محادل لوائح مبرمة.. لوائح يحرص المحنكون في السياسة على اتقان انتقاء أفرادها بشكل يضمن وصولهم في كل مكان، ولا مشكلة اذا صار أعداء الأمس شركاء ولا ضير في مال انتخابي هنا وهناك!.. المهم أن يضمنوا الكراسي لسنوات لا يمكن لنا أن نتوقع كم ستكون.. نعم نحن في بلد لا تحكمه لا القوانين ولا الدساتير، بل مصالح السياسيين الشخصية! والمستفز في القانون الجديد أن الناخب ملزّم باللائحة كما هي فلا خيار له بالانتقاء، ماذا لو لم يعجبه أحد المرشحين على اللائحة؟ طبعاً هنا نتحدث بعيدا من لوائح السياسيين المقولبة والتي في الغالب من سيختارها يكون باصماً للسياسي الملك فيها، وبالتالي لن تكون فكرة الاختيار واردة عنده في الأساس؛ المقصود لوائح المجتمع المدني والتي بالطبع تتضمن مرشحين نرى فيهم بصيص نور للتغيير ولكن بعض المرشحين عن هذا المجتمع المدني ليسوا كذلك، بل قد يكونوا أقرب إلى نماذج مصّغرة عن السياسيين الحاليين، أو في أحسن حال إلى الوصوليين الذين يحاولون الصعود على أكتاف الشارع لينالوا شرف النيابة!!! وهكذا تضيق الحلقة أكثر فأكثر في أن تحقّق لنا الانتخابات النيابية تغييرا حقيقاً وفي مساء السادس من أيار المقبل، موعد الانتخابات العتيدة، وعلى وقع فرز الأصوات سنغني ما كتبه محمود درويش وغناه مارسيل خليفة "تصبحون على وطن"!!