عندما يكون هنالك لغم متحرك على مساحة سورية وتاريخها، على حاضرها وجزء من تاريخ سلطتها الاسدية كفاعل سياسي، عليك ان تزيله من مستقبلها. بغير ذلك تبقى الشعارات الوطنية،والعيش المشترك مجرد نقل اللغم الى مكان آخر او طمره من جديد، ليظهر لاحقا. يتحدثون عن ان الاسدية استخدمت الطائفة العلوية، او باعتها وهما،كي تلتصق بها التصاقا، لافكاك منه.
فهل الدعوات الى هذا التعايش الكاذب، يحل الإشكالية الطائفية في سورية؟
لتكتشف في سياق مناقشتك لهذا الامر، انهم لا يريدون الحديث عن طائفية السلطة بالمطلق. لا بل اكثر من ذلك، يبحثون في تاريخ سورية، عن ظواهر طائفية لكي تدين المجتمع وتبرأ السلطة الاسدية. يتحدث بعض الأصدقاء من الكتاب والمهتمين، عن مظلومية الطائفة العلوية في التاريخ. ويدبجون البحوث والمقالات والكتب. لتصل الى نتيجة ان السنة- بوصفهم سنة هوية مطلقة، لا تخضع لتفاصيل التاريخ من سلطات وقوى ومصالح، السنة بوصفهم هوية قاتلة- مستفيدون من متغيرين في العالم وفي سورية.
الأول: ظهور الاسلاموفوبيا في الغرب، الذي يركز على العرب السنة تحديدا.
الثاني: تخاذل المجتمع الدولي المتدخل في الشأن السوري منذ الاستقلال، تخاذله ضد ثورة السوريين من اجل حريتهم وكرامتهم، وتغطيته لاجرام بوتين وخامنئي مع الأسد في قتل السوريين. مجازر تلو المجازر، وآخرها ما يحدث في دوما الان في الغوطةالشرقية واستخدام بوتين والأسد للسلاح الكيماوي. هذا جعلهم اكثر اطمئنانا في تزوير التاريخ من جهة، وتزوير الراهن أيضا وتمريره الى المستقبل بحجة التعايش الكاذب في كنف الاسدية، وهنا المصيبة. هنا الرياء في قراءة الظواهر. يصل بعضهم الى الحد أيضا الى التغني بالروسي والإيراني وحسن نصر الله، او من يسكت عنهم، لينفجروا في وجهك، انك لا تريد التعايش. لمجرد انك تقرأ وتسأل بخلاف يقينياتهم الكاذبة. كاذبة لانهم يعرفون انها كاذبة.
يتجرأ بعضهم ايضا على ذكر حوادث في بعض المناطق حدثت اثناء الثورة لها خلفية طائفية،ليذكروها، من اجل تثبيت ان المجتمع السوري هو الطائفي، ماعدا الطائفة العلوية والسلطة. باتت الطائفة فوق النقد حتى. الطائفة ليس بوصفها معتقد ديني فقط، بل أيضا بوصفها معتقد سياسي راهن،وحاضر كميزان قوى في مجازر الاسدية بحق بقية الشعب السوري الذي ثار على هذه الصيغة المجرمة كنظام سياسي. علما ان المجتمع السوري لم يحتك بالمجال الطائفي كاداة سياسية الا بعهد الأسدية.
لاشيء في ذاكرة السوريين عن ارتكاب مجازر بحق الطائفة. مجازر ذات بعد طائفي.
هذا الإصرار هو ابعد ما يكون في العمق عن الدعوة الكاذبة للتعايش والحديث عن المستقبل في سورية.
ثم من جهة أخرى يدافعون عن جيش الأسد!! هم يعرفون ويدركون اكثر من غيرهم، انهم يدافعون عن الجيش لاحساسهم انه جيش الطائفة!! وليس لانهجيش سورية، كما يريدون الإيحاء للآخرين. منهممن يعزي بالقتلى من هذا الجيش، ولا ينبس ببنت شفة، عن ضحايا هذا الجيش من الشعب السوري. قتل اكثر من مليون انسان واعتقالات ومفقودين و10مليون سوري" سني" اقتلعوا من مدنهم وقراهم،ودمرت حياتهم، وتغربوا في المجهول، هؤلاء هم من يتحمل قتل انفسهم!! علما انهم يدركون ان هذا الاقتلاع لنصف سكان سورية تقريبا، هدفه تقليل الأكثرية" السنية" في سورية، وتهديم ما يمكن ان يكون بارقة امل لهم في مستقبل بسورية. دخول الإيراني وجحافل الأممية الشيعية، من ايران والعراق وأفغانستان وباكستان ولبنان وشعاراتها الطائفية،وصلت للغناء في مقاصف دمشق ومطاعمها،باغاني عن حيدر وزينب!! هذه ليست ظواهر طائفية! هذه ظواهر علمانية!!
ثمة مسالة وجدانية في هذه المفارقة: عندما شخص اهله في منطقة الضحايا، من الطبيعي ان يدافع عن الضحايا، المقتلة الاسدية البوتينية الخامنئية، مقتلة تقتل البشر والشجر باعتراف كل العالم. من الطبيعي ان يدافع هذه الشخص عن هؤلاء الضحايا. بعيدا عن قضية سوري ووطنية. لكن بالمقابل عندما يكون كل المحيطين بك وبعائلتك ومنهم من هو بعائلتك، هو من يقوم بالقتل لانه اما في جيش الأسد، او في لجانه الشعبية او في جيش دفاعه، ولا تعترف بذلك، فمن الطبيعي اذا قتل ان تعزي به!! لانك لا تعتبره قاتل من الأساس لانه ابن طائفتك الاسدية وليس المعتقدية!! بعدها لا تتحدث عن مستقبل سورية والتعايش، لانك كاذب. ساضرب مثالا من خارج هذه المعمة: النازية خلقت عدوا داخليا هو اليهود، وخارجيا اوروبا كلها تقريبا،وصنفت الشعوب بناء على ذلك، وكان لديها القوة،ومارستها بحق كل من صنفتهم وارتكبت الهولوكست واشعلت الحرب العالمية الثانية. الفاشية الاسديةايضا صنفت اعدائها، هو الداخل السوري. فكان عدوها الاول، ولان الداخل السوري من الطبيعي جدا، ونتيجة الواقع الموضوعي ان اكثرية السوريين سنة اكثر من 75%، ومهما كان نوع التغيير سيكونواحاضنة له، لهذا مصنفين كعدو اول!! وكل ما يجري على هذا الاساس. لهذا تقتل هذه الناس لانهاحاضنة للتغيير، لاي تغيير سياسي ممكن في سورية، ولانهم حاضنة الثورة السورية. على هذا الأساس يتم القتل اسديا وبوتينيا وخامنئيا.
فأي مستقبل ينتظر سورية بكم؟ مالم يتم إعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها وأجهزتها بعيدا عن الاسدية التي تحولت عندكم الى دين ودولة، لا يمكن الحديث عن المستقبل في سورية الجريحة
- آخر تحديث :
التعليقات