المسألة العراقية في جوانبها الدخلية متشعبة ومعقدة ولا جديد في ذلك&،&لكن العام الجديد هو نفسه سيكون متسعاً للسيطرة على&كرة&النار&المليئة بالملفات ونفاد الصبر و تسويف الحقائق و نكران الواقع&قبل انفجارها .&

طالما كان انتظام العمل باشارات المرور يمثل عندي حالة رمزية لشكل النظام السياسي وانسيابيته و هياكله الاقتصادية والخدمية،&انه صورة ثلاثية الابعاد فائقة الوضوح في تنظيم الحكومة لمسار المواطنين في البلاد.

انتهى العام 2018 بحالة من الانقسام و المكابرة على الذات و الاصرار على الاخطاء و الاخطار دون العودة الى مسلمات السياسة وقواعدها المعروفة؛ ان لا سياسة خارجية و لاهيبة دولية دون سياسة داخلية رصينة ولا قدرة في التاثير في المحيط دون بناء قاعدة اقتصادية ومالية واضحة،&ولا قانون او سيادة مطلقة للقضاء&من&دون اعادة السلاح ووقف الجماعات خارج سيطرة الدولة. ان ملامح قيام دويلات داخل الدولة من جهة و استثمار مقدرات الدولة لصالح الحزب او الفرد افعال ملموسة تتسع وتنضم الى مخاطر كرة النار التي تنتقل بنا الى عام 2019.

الأزمة الحالية هي أزمة بليدة وهي جزء من عُقد هذا النظام السياسي الملتوي في آليته و هيكلته. حل الأزمة ممكن و في المتناول&،&لكن&تغيير رأس الحكومة و الوزراء&لن يغير في&مسيرة هيكلة الدولة دون اجراء تغييرات في المديريات العامة&ووكلاء الوزارات ورؤساء الأقسام ايضا&؛&ان تغيير رأس القطار سيبقى لاشئ&من&دون تغيير القاطرات و تأهيل السكة،&&كرة النار تكبر وينتهي عام&اخر&دون ان تنتهي حالة اجترار الماضي&في&العام التالي.

زيارة الرئيس الامريكي الى قاعدة بلاده العسكرية في عين الاسد دون لقاء مسؤول عراقي لاينبغي لها ان تعالج على انها انتهاك سيادي او ماشبه ذلك&،السيادة لا تاتي بالاستجداء و العراق الدولة منذ نهايات 1990 افتقد الوضع السيادي وهو حالة ممتدة منذ نحو ثلاثة عقود،&لكن ما ينبغي ان تواجهه&هذه الزيارة من تساؤلات&هو&لماذا لم يستطع النظام السياسي الحالي منذ 2015 والذي توفرت له كل مفاتيح العلاقات الدولية و العلاقات مع الدول العظمى او تبادل المصالح مع الدول الاقليمية ان يكون نظاما ذا سيادة ؟

هناك مسؤوليات تواجه الجميع تشوبها حالة من الانكار السياسي&،&حالة الانكار التي لم تستطع الرد على اسئلة الرئيس الامريكي في كل مقابلاته ومؤتمراته الانتخابية حول العراق والتي يتهم فيها اغلب الساسة بانهم اشهر مجموعة لصوص وكرر لك في مقابلته الاخيرة مع قناة فوكس نيوز الامريكية او انهم حولوا البلاد الى سجن كبير ليس افضل حالا مما فعله نظام صدام حسين ! &

انكار متطلبات العدالة الانتقالية واشتراطاتها و اصلاح ملفات الداخل في اعادة تنظيم هيكلة الدولة و محاولة تطبيق القانون و فتح نافذة للتخطيط نحو المستقبل بدلا من محاولات ميؤوس منها في مد انبوب المجاري او زيارة ناحية او لقاء مسؤولين في قضاء او محافظة او تصدير زيارة مسؤول ثانوي في الفاتيكان على انها لقطة العام المذهلة ! &

هذه الحكومة لن تستطيع ان توفر الخدمات او اصلاح النظام السياسي و المالي و توفير فرص العمل وليس من مهمتها عقب كل الخراب الذي مر على البلد وزاد منه سقوط المحافظات الثلاث في 2014 متعدد الاسباب&،&هذه الحكومة ينبغي ان تكون مهمتها اصلاحية و اجرائية وليس خدمية&،&الخدمات وفرص العمل لايمكن ان تاتي من بنية نظام منخور بملايين الموظفين والمتقاعدين و ملايين اخرين يتخرجون وعيونهم على تعيين حكومي جديد&،&هذه الكارثة يمكن لها ان تتوقف عندما يتم البدء في تخطيط مشاريع استرتيجية و اعادة تاهيل البصرة ومنافذها وطرقها وتكون مركزا يربط البحر المتوسط بالخليج العربي و ان تتحول الانبار الى قلب الطريق البري الذي يربط الخليج العربي بالبحر الاحمر&انطلاقا من ميناء ام قصر&.

اطلعت على موازنة الحكومة العراقية لإدارة أموال الدولة 2019&، وحجم الاقتراض و القروض و الفوائد&الهائلة&فيها،&لا يوجد منحى واضحاً لخلاصة آراء النخب في اعادة هيكلة الدولة في هذه الموازنة كما لا يوجد بوادر خلق ضوء للقطاع الخاص و الأفراد في المساهمة.

العمل على 2020 يفترض ان يبدأ الان&،&سياسات "الحكومات" المالية المتكئة على رهن النفط مقابل الديون هي سياسة فاشلة، وهنا السؤال ؛ أين هي المحفظة الاستثمارية للدولة العراقية في الخارج ؟ هل استثمرت الحكومة العراقية في مطارات او موانيء عالمية او عقارات او غيرها من المحافظ الاسثتمارية طويلة و متوسطة الامد ؟ ملايين الموظفين و المتقاعدين و نظام الدولة المتهالكة الذي يجمع كل مواصفات الدولة الفاسدة، منظومة القوانين و اداء الوزارات، توزيع الثروة،&مجالس المحافظات،&كل أنظمة تنظيم حياة الناس من المرور الى البنوك الى الأمن الى الطيران الى الانتخابات، ستعرف انك امام دولة فاشلة.

الحكومة العراقية السابقة التي نجحت بمساندة دولية و راي عام موحد لطرد داعش لكنها فشلت في مصارحة العراقيين بان الوضع المالي قاتم و لا قدرة لانتاج خدمات وان المجتمع الدولي في كل مؤتمرات المانحين لن يمنح دولارا واحدا لنظام مالي فاسد او فاشل،&و الحكومة الحالية ستفشل ايضا اذا حاولت ان تقدم نفسها حكومة خدمات لا حكومة اصلاحات جوهرية تفتح الطريق امام الحكومات اللاحقة بتقديم الخدمات. اليوم أصبحت بالفعل هناك حاجة لحكومة مهمتها محدودة باعادة هيكلة الدولة&، الامن و الامن السِبراني&، وقف التمييز و التهميش، تأسيس خطط للطاقة و المياه، الخدمات و الضريبة، القروض و فتح الطريق امام القطاع الخاص واستدعاء الاستثمار بلا شروط بدلا مِن التوظيف و البيروقراطية.

في 2019 لن يكون امام الحكومة اَي قدرة على اجترار الماضي و التبرير بدوافع طائفية لتغطية محطات الفشل السياسي، لم يعد الجمهور العراقي يتقبل تسويق البعد الطائفي و المتاجرة السياسية بقضايا الماضي امام متطلبات المستقبل بل الحياة.