أرغمت على&قبول&دعوة عشاء من قبل عائلة ابني في احد المطاعم التي تسمى فاخرة&لكني من وجهة نظري&أهجسها&مهلكة ومؤذية ؛&فانا لا ارتاد هذه&الأماكن&ولا استسيغ&ماتقدم&من&صحون ويكفيني طبق اختاره بنفسي وأقوم بإعداده وفق هواي ومزاجي&ومدى نفعه&والحالة العمرية التي تتطلب انتقاءً مدروسا للطعام خاصة لشيخ&يدنو من الهرم&مثلي&.&

ذهبت معهم جمعا للشمل والالتئام طالما أحفادي يحيطون&بي&وهذا مبعث سعادتي ومناي .&

&طلبت طبقا من السلطة وأوصيت النادل باختيار محتوياته وفق ما ارغب وطبقا آخرَ&من&الأوراق&النباتية الخضر&بينما طلبتْ عائلة ابني أنواعا من " الغذاء الغربي " يشمل&الهامبرغر&واللحوم الحمراء المشبعة بالدهون&ولمحت&احدى&حفيداتي وهي تؤشر على طعامي وتوصي أباها&ان&يجلب لها&مثل ما أردتُ&أنا&وقد سمعت صوتها رغم خفوته وهي تقول&لأبيها&:&

&"&ان&جدي يعرف كيف يهتم بصحته وقلما يمرض فما زال في&أتمّ&عافيته ويقرأ ويكتب بعقل نشيط وارغب في&ان&اكون&مثله من&الان&حتى اكبر وأنمو&وفقا لطباعه "&

هذه الحفيدة الصغيرة&النابهة&كثيرا&ماتراقبني&في البيت وأنا أعدّ طعامي&،&ومرةً&جمعتُ&انواعا&من الخضار في طبق كبير&وبدأت امضغها بعد&ان&غسلتها جيدا وقد صدمتُ&بكلامها الواخز وهي تقول لي&بكل جرأة&وصلافة&أنني&آكل مثلما تأكل&الخراف&وبقية المواشي من&الأعشاب&الخضر ؛&وقد علّقتُ&على كلامها&وأنا ألقنها معلومة&بان هذه المواشي لم تُصب يوما بأمراض ضغط الدم والسكّري الشائعة عندنا ولم تتعرّض&الى&ايّ&نوع من الجلطات&او&السرطانات المنتشرة لدى بني البشر ولهذا ترين معظمها&بصحة جيدة وذات لحوم&مكتنزة وتسابق الريح في حركتها وأنشطتها&...&ولم ترد عليّ وكأنها اقتنعت بوجهة نظري&.&

وصل النادل حاملا بما أكره من الطعام غير النافع&لمن أحبهم حبّا جمّاً&؛ وهنا&ثارت ثائرتي وكان لزاما عليّ&ان&أبوح&مالديّ&من نصح&جارح ولو كره الآكلون&بعد&ان&رأيت على المائدة ما&لايخطر&على البال&من&الاطعمة&الضارة تقدّم&الى&من أحبّ&من شطائر&الهوت&دوغ&والاصناف&الشبيهة لما تقدمه مطاعم&الماكدولاندز&والبرغر&&ولم أعبأ باللياقة في الكلام وأصررت على تنغيص ما سيأكلونه&منوّها&ان&هذه&الاطعمة&الحاوية على نسب عالية من الشحوم ومن السكّريات المصفاة واللحوم الحمراء تعد من&الاطعمة&الالتهابية الضارة جدا وتقود&الى&ما&لاتحمد&عقباه&اضافة&الى&مؤداها&الى&السمنة المفرطة&وما يتبعها من&الاسقام&والداء المزمن&مثل السكّري والخَرَف المبكّر وزيادة احتمالات&الإصابة بالسرطانات .&

&ليس هذا فحسب&انما&تؤدي&ايضا&انجرافات&في الجينات الوراثية&&(&Epigenetic& drift&)&فتسرع في الشيخوخة المبكرة وتحطّ&من خلايا الجسد&وبالأخص&الخلايا العصبية&وتتنامى&بكثرة&خارج&اطار&نموّ الجسد الطبيعية المتعارف عليها وتتحدى السيطرة المناعية التي ضعفت هي&الأخرى&بسبب&تناول مثل هذه&الأغذية&الماثلة أمامنا باعتبارها أغذية&إلتهابية&،&وهذا النظام الغذائي المستحدث&المبتكر&من الغرب يعتبر غريبا على ما يألفه الجسد من&الأطعمة&الليفية الغنية بالخضار والفاكهة مما يسمى عندنا غذاء البحر المتوسط&،&وهذا&مايفسر&لنا غياب&الأمراض&المزمنة السائدة حاليا&مثل&أمراض&القلب والسكري وتصلب الشرايين والسرطانات المتنوعة لدى أسلافنا&الأوَل&وانتشارها بشكل مفزع لدى&الاخلاف&والجيل الحالي&المنغمس&كليا بمثل هذه&الاطعمة&الدخيلة الضارة جدا&.&

اعترف&اني&تماديت في وقاحتي في النصح&بشكل متعمّد&&مؤكدا&ان&هذه&الأطباق&الضارة&التي أمامي&تسمى أطعمة التهابية (&Proinflammatory&&)&مخربة للجسد وبالضد من&هارمونيكا&النموّ المعتاد&لانها&تنحو&منحى متعرجا وسريعا باتجاه الشيخوخة ولا تكتفي بهذا بل تفعل فعلها&السيئ&في شيخوخة الخلايا كلها فتتيح المجال للخلايا السرطانية&النهمة الأكولة&الأشعبية&&ان&ترتع وتمرح&وتعبث&في الجسم معاندةً للضوابط والترتيب النمطي المؤتلف داخل الجسد فتعبث بالجهاز المناعي&وتضعفه&ولا يخفى ما لأشعب من&حكايا&في تراثنا العربي&اذ&رأى مرةً قوما يأكلون على&مائدة&خوان فسألهم ماذا يأكلون فأجابوا&انهم&يأكلون سمّا زعافا ولم يعبأ بما قالوا&وبدأ ينهم الطعام بشراهة وهو يدمدم : الحياة بعدكم حرام ولا تساوي شيئا&.&

هكذا هي&الاطعمة&التي تصطف&امامي&لا أراها&الاّ&سموما تبدو للوهلة&الأولى&شهية مشبعة ذات مرأى جميل&فيقبل عليها المرء&اقبال&النهم ويسيل لعابه طمعا&بها&دون&ان&يدري&انها&ستفتح مجرى&الأمراض&لتسيل في جسده وترخي مناعته وتعيث بعافيته وتنهم ما&تبقّى من عمره نهم الوحوش الجائعة على&لحوم&طريدتها&؛ فالطعام الصحي المنتخب غذاءٌ&ودواءٌ&وشفاءٌ&لا شقاء وعناءٌ&.&


&