"أخرجنا نحو أربعة آلاف شخص بمن فيهم نسوة وأطفال في شاحناتنا. عندما وصلنا الى الرقة ظننا إننا سنخرج مئتي شخص فقط، ولكني أخرجت في حافلتي فقط 112 شخصا".

هذا ما قاله أبو فوزي، ل"بي بي سي"، واحد من عشرات سائقي الشاحنات الذي وعد بآلاف الدولارات شريطة أن يبقى الأمر سرّاً.

أما الأمر فكان "سر الرقة القذر" الذي كان عبارة عن صفقة سرية قذرة سمحت في 12 أكتوبر 2017 لنحو أربعة آلاف شخص&الخروج الآمن من الرقة&(عاصمة "دولة الخلافة" في سوريا)&تحت إشراف قوات "التحالف الدولي" و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، بعد سيطرتهم على المدينة.

وبحسب&"بي بي سي"، كان بين هؤلاء العشرات من &كبار قادة التنظيم ومسؤوليه، وقد انتشر بعضهم في مناطق أخرى في سوريا، بينما تمكن آخرون من العبور&عن طريق التهريب&إلى تركيا.&

الآن، بعد عامٍ ونيف، في الوقت الذي يتحدث العالم كله عن "نهاية داعش" وقادمه، وفي ظلّ الغموض الكبير الذي يلّف مصير قادته ومسؤوليه في جيبهم الأخير، المشهد لا يبدو مختلفاً كثيراً.

بحسب تقارير منظمات حقوقية خرج المئات من مقاتلي&"داعش"&ضمن عمليات إجلاء المدنيين من الجيب الأخير ل"داعش" المحاصر في الباغوز بريف محافظة دير الزور السورية، إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة "قسد". رسمياً هناك حديث عن أكثر من 800 عنصر&أجنبي&من جنسيات مختلفة، قاتل ضمن صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، بعضهم&كانوا في&موقع المسؤولية.&الحديث&هنا يدور حول 800 عنصر داعشي&"أجنبي"&فقط،&معلن عنهم رسمياً،&لكنّ&الأعداد&الحقيقية الغير معلنة لمقاتلي التنظيم&الطلقاء،&كما تشير الوقائع على الأرض، يومياً،&تتجاوز هذا الرقم بكثير&وستكون على الأرجح في تزايد مستمرّ.

بحسب تقارير، في مخيم الهول بالحسكة السورية وحده، هناك&العشرات&من مقاتلي التنظيم، الذين لجأوا إليه مع المدنيين في الأيام الأخيرة، ضمن الإتفاق القاضي بالسماح لإجلاء المدنيين إلى مناطق آمنة، والذي تمّ بين "قوات سوريا الديمقراطية" و"داعش" بإشراف "التحالف الدولي". تشير التقارير ذاتها إلى أن "بين هؤلاء مسؤولون مباشرون عن الإنتهاكات الفظيعة التي ارتكتبها عناصر "داعش" بحق الإيزيديين، بعد غزو التنظيم لمعقلهم الأكبر&سنجار في الثالث من أغسطس 2014، والذي راح ضحيته حوالي 7 آلاف مختطف جلّهم من الأطفال والنساء اللواتي تم استخدامهن ك"سبايا" لغرض الإستعباد الجنسي، وألاف القتلى والمعوقين، ناهيكم عن نزوح قرابة 400 ألف من مناطق سكناهم إلى إقليم كردستان ودول الجوار، أي ما يعادل أكثر من 90% من السكان الإيزيديين في العراق.

في أول تصريح له حول مصير&مقاتلي "داعش" المعتقلين لدى "قسد"، كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر حسابه على تويتر "إنه يتعين على بريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين استعادة أكثر من&800&من مسلحي التنظيم أسروا على الأراضي السورية"،&وأضاف "الخلافة جاهزة للسقوط، والبديل ليس جيداً"، مشيرا إلى "أن الولايات المتحدة قد تضطر لإطلاق سراح هؤلاء المسلحين".

تصريح ترامب، واضح لا لبس فيه، إذ فيه من التهديد ب"داعش" أكثر من القضاء على "داعش".

بالتوازي مع هذا التصريح&قال&عبد الكريم عمر،&أحد مسؤولي شؤون العلاقات الخارجية في&مناطق الإدارة الذاتية شمال سوريا،&التي يسيطر عليها الأكراد أن&"نحو&800&مقاتل أجنبي محتجزون في السجون إضافة إلى قرابة&700&زوجة و1500&&طفل في مخيمات للنازحين"،&مشيراً&إلى أن&"العشرات من المعتقلين وأقاربهم يصلون يومياً،&واصفاً&المعتقلين بأنهم "قنابل&موقوتة" ومن الممكن أن يفروا خلال أي هجوم على المنطقة التي يهيمن عليها الأكراد".

القلق يسود المشهد، إذن:&ترامب يهدد العالم&ب"إطلاق سراح مقاتلي داعش" ومسؤولو "الإدارة الذاتية" يحّذرون العالم من "هروبهم" ك"قنابل&موقوتة"، بالتالي&خروجهم من تحت السيطرة!

عوداً على بدء، الهدف من "اتفاق&الرقة" كان انقاذ أرواح من تبقى من السكان ووضع نهاية للقتال،&لكن&نتيجة&الإتفاق&انتهت إلى&السماح&للمئات من مسلحي التنظيم بالهروب من الرقة، والانتشار في بقية مناطق سوريا وخارجها&لإعادة إنتاج الإرهاب من جديد.

فهل&نحن أمام سيناريو "إطلاق سراح داعش"&مرّة أخرى؟

وهل&سيعيد "سر الرقة القذر" نفسه؟

أم أنّ الأمر لا يتعدى كونه أكثر من&اللعب بسياسة "شدّ الحبل"؟

[email protected]