بدأت مشكلة المعارضة السورية& عندما قامت الدول باختيار أشخاص يناسبون أجنداتها و رفضت أشخاص آخرين موجودين& في الساحة رغم أنهم يمثلون الكثير من الناس إضافة إلى إعطاء الدول& الدعم إلى مجموعات وأفراد وليس مؤسسات لكي يسهل التحكم بالأفراد.&
ان من تم اختيارهم من قبل الدول, كانوا حريصين على ارضاء الجهات التي عينتهم من أجل استمرارهم في المنصب والإدعاء في تمثيل الثورة و بالتالي هم في الحقيقة قدموا تنازلات ومماطلات كبيرة لتناسب الممول أو الداعم الأمر الذي أدى إلى رفضهم شعبياً لاحقاً بشكل كبير, بحيث أصبح من الصعب إعادة تأهيلهم شعبياً في المستقبل, زاد في ذلك إقامة المدعين للتمثيل الشعبي في خارج سوريا أو في الفنادق في حين كان الكثير من السوريين يعاني من دفع أجار خيمة في الشارع في منطقة تسيطر عليها فصائل عسكرية.
أن السبب الثالث& هو أن النظام ومنذ بداية الثورة عمد إلى تشويه صورة كل من يحاول التقدم إلى الصفوف الأولى في الثورة بأكاذيب و مبالغات بعيدة عن الواقع. لذلك كان هناك شرخ كبير مابين الشعب وبين من يدعي تمثيله.
ويكمن الحل: في ان من يدعي تمثيل الثورة يجب حقيقة أن يمثل الثورة بأهدافها وأسباب انطلاقها والمتمثلة في الحرية والكرامة وإقامة دولة مدنية يسودها القانون و لا يكون ذلك بالإبتعاد عن القاعدة الشعبية. يجب ممن يدعي تمثيل الثورة أن يلد من رحم الثورة وأن يكون قريباً من الداخل و يعيش معهم, أما من هم في الخارج فيجب أن يكونوا سفراء للداخل ينقلون الرسالة الداخلية بما فيها ألام الداخل ومشاكلهم ونقل التوثيقات للإنتهاكات التي يقترفها نظام الأسد.
ومن أجل تحقيق ذلك يجب على الداخل أن يقوموا بترشيح و تزكية بعض الأشخاص المشهود لهم بالكفاءة و الخبرة إضافة إلى شرط الحمية الثورية, و لعل هذا أيضاً من اسباب فشل الداخل الذي لم يستطع تشكيل من يمثلهم, فاستسهلت الدول تعيين أشخاص تابعين سهل قيادتهم.
يجب أن نعترف أولاً أن النظام لم يكن جاداً على الإطلاق, ولن يكون جاداُ في مفاوضات ستؤدي إلى إزاحته عن سدة الحكم و يمكن محاكمته لاحقاً, لذلك اللوم الأول يقع على نظام الأسد كما ان دول أصدقاء الشعب السوري لم تكن أهلاُ لهذا المسمى إذ أنها تخلت عن دعم الشعب السوري و دعم الرأي الحر الذي انتفض ضد هذا النظام الذي دمر كل شئ في سوريا متذرعاً انه يحارب الإرهاب هذا المسمى الذي تغنت به الكثير من الدول المتورطة في الملف السوري من أجل أن تحقق أهدافها ابتداءاً من النظام و روسيا و ليس انتهاءاً بالولايات المتحدة وحليفاتها من الدول الأخرى. يمكن بعد ذلك إلقاء اللوم على هيئة المفاوضات السورية التي تم تشكيلها وفق لعبة مكشوفة سيطر عليها نصر الحريري (طبيب) وخالد المحاميد (تاجر) دون التركيز على الكفاءات و الخبرة وإنما كانت بحسب الولاءات وكأننا خرجنا من أجل استبدال بشار الأسد طبيب العيون بنصر الحريري, طبيب القلبية& و الذي كلاهما لم يكونا سياسيين لذلك إذا مانظرنا إلى فريق هيئة التفاوض المشكل على أساس تحزبي و بين فريق التفاوض التابع للنظام المشكل من السياسيين و القانونيين و الدبلوماسيين نلحظ الفرق الشاسع و الإدراك العميق للفهم السياسي و المصطلحات القانونية التي يمكن أن تغير من مسار التفاوض. باختصار أن هيئة التفاوض فقدت شعبيتها و استنفذت فرصتها من خلال إيهام الشعب أنها تفاوض والحقيقة هو أنها لم تكن تفاوض وإنما كانت تقوم بدور غير تفاوضي, وكان على الإئتلاف أن يقوم بهذا الدور إذ أن دور هيئة التفاوض هو التفاوض مع النظام فقط و التعاون مع الأمم المتحدة لتسهيل المهمة, أما نقل الصورة وما يجري على أرض الواقع فكان على الإئتلاف أو من يمثل الشعب أن يقوم به, الأمر الذي أفرغ مفهوم مسمى هيئة التفاوض من معناه و خاصة أن ما تم القيام به لم يكن له أثار أيجابية على أرض الواقع أي فشل مهمة هيئة التفاوض, الأمر الذي دفع إلى ظهور وبشكل واضح نقمة الشعب على رئيس الهيئة بسبب فشل الهيئة في أداء مهمتها , بسبب المدة الطويلة التي ادعت فيها تمثيل الشعب بالتفاوض و عدم إعلان فشلها بسبب تعنت الأسد الأمر الذي اعطى صورة سلبية عن الهيئة و خاصة مع ازدياد شدة معاناة الداخل وعدم وجود جهة تمثيلية حقيقية تهتم بالداخل وزاد من الأمر سوءأً نقص و سوء إدارة الموارد البسيطة التي كانت متاحة.&
يجب على الشعب السوري أن لا ينتظر الدول – التي ثبت عدم اهتمامها بقضايانا- أن تقدم الحل لنا وإنما علينا نحن أن ننزع شوكنا بأظافرنا و أن نخرج من عنق الزجاجة بحل نحن نفرضه على المجتمع الدولي. يتمثل ذلك بتعيين بعض الأشخاص الذين يمثلون مطالب الثورة أي مجلس قيادة الثورة أو مجلس إنقاذ. ثم إعطائهم الدعم الشعبي اللازم& ليتمكنوا من تمثيل الشعب في تحقيق ثوابت الثورة. يجب على الشعب أن يخرج بمظاهرات كبيرة يقول فيها كلمته بمواجهة جرائم الأسد و أن يكون في الصفوف الأولى من يدعي تمثيل الشعب و انتقاء هؤلاء أعضاء المجلس يجب أن يكون مبني على الكفاءة والخبرة إضافة إلى المواقف الثورية الواضحة التي لا لبس فيها.


* محامي ومعارض سوري