عبد الله الدامون من الرباط: يسير المغرب بخطى محتشمة نحو تحرير قطاع الإعلام المرئي والمسموع بعد أن صادق البرلمان بالإجماع على مشروع قانون متعلق بهذا القطاع إثر تعديلات أدخلت عليه.
وتم التصويت على مشروع هذا القانون بعد تلكؤ طويل بدا خلاله وكأن الوضع لن يتقدم خطوة واحدة إلى الامام، خصوصا بعد أن أثار هذا الموضوع جدلا بين النواب البرلمانيين وبين الحكومة مما كاد يدفع به من جديد نحو غياهب التأجيل.
وعلى الرغم من مصادقة مجلس النواب على هذا المشروع بالإجماع، إلا أنه يجب انتظار موسم الصيف من دون أي جديد قبل أن يقوم مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) بالمصادقة عليه في الدورة التشريعية المقبلة،أي في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، قبل أن يتم التحول إلى تفعيل القانون وذلك عبر منح تراخيص إلى إذاعات ومحطات تلفزيونية خاصة للبث انطلاقا من التراب المغربي أو من مناطق حرة.
ويراوح قانون الإعلام المرئي والمسموع مكانه منذ مدة طويلة بحيث بدا وكأن المغرب غير مستعد للمغامرة عبر تحرير قطاع الإعلام المرئي والمسموع على الرغم من إنشاء الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري (المرئي والمسموع) والتي كلفت بإصدار قانون خاص لهذا القطاع, إضافة إلى منحها صلاحيات دراسة ومنح التراخيص للمؤسسات الإعلامية الخاصة.
ومن أهم ما سيسفر عنه هذا القانون هو تحويل التلفزة المغربية والقناة الثانية إلى شركات يتوجب عليها التقدم في المرحلة المقبلة بميزانياتها وشروط عملها إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري.
ويقول وزير الاتصال (الإعلام) المغربي نبيل بن عبد الله إن نص المشروع المصادق عليه من طرف مجلس النواب ستتم دراسته قريبا وستكون وزارته جاهزة قبل تشرين الأول المقبل.
هذا القانون الذي سيدخل المغرب بموجبه عهد العولمة الإعلامية أثار الكثير من الانتقادات أهمها جاء من جانب النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي وجهت انتقادات قوية إلى الحكومة وأعضاء البرلمان بسبب عدم استجابتهم لمقترحاتها أثناء مناقشتهم للقانون. واتهمت النقابة جهات سمتها بالخفية بأنها "لا تتورع عن خنق القوانين عبر تقييدها وذلك حفاظا على مصالحها الذاتية".
غير أن وزير الاتصال يرفض هذه الاتهامات وقال إن لقاءات وزارته مع النقابة كانت كثيرة وأن عددا من مقترحاتها أخذت بعين الاعتبار من بينها "نصوص تؤطر المهنة وأخلاقياتها وجزئيات أخرى".
وأهم نقاط الخلاف بين نقابة الصحافة المغربية ووزارة الاتصال كانت حول مبدأ تأسيس مجالس إدارية للمقاولات الإعلامية المقبلة، حيث قال وزير الاتصال إنه لا يوجد أي نص في التشريع المغربي ينص على أن الشركات يجب أن تؤسس مجلسا إداريا وأن هذا مجرد تحصيل حاصل.
وبغض النظر عما ساد أجواء الإعداد للمشروع أو مناقشته والمصادقة عليه, فإن المغرب يبدو وكأنه يقدم رجلا ويؤخر أخرى في هذا المجال، محاولا ما أمكن تمطيط الوقت، تماما كما يفعل أي تلميذ غير مستعد للامتحان.