علي اوحيدة من بروكسل :تسعى الدوائر الأوروبية على المستوى الوطني و الاتحادي لمعرفة الدوافع والأبعاد الفعلية والخفية الكامنة وراء التصريحات التي نسبت للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بشان محو إسرائيل من الخارطة.وتجري العديد من المضاربات داخل الأوساط الأوروبية للوقوف على الخلفية الفعلية التي دفعت بالرئيس الإيراني الى اجتياز مثل هذه الخطوة والعودة الى نفس اللغة التي ركن إليها المسؤولون الإيرانيون منذ عشرة سنوات من الآن.

ومثلت مرحلة حكم الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي والتي امتدت لفترة ولايتين مرحلة انفراج نسبية في مواقف طهران تجاه الغرب عامة وإسرائيل خاصة.

و أدان الاتحاد الأوروبي في بيان شديد اللهجة أصدرته قمة هابتون تصريحات الرئيس الإيراني كما أن إعلان روسيا رسميا مناهضتها لهذه التصريحات يعد بمثابة دعم لموقف الاتحاد الأوروبي في مواجهته المتصاعدة مع طهران في الملف النووي وملف حقوق الإنسان.

و تؤكد المصادر الدبلوماسية الأوروبية انه يجب انتظار ردة فعل مرشد الثورة الإيرانية آية الله خامني حول تصريحات احمدي نجاد للحكم عن التوجهات الفعلية للقيادة الإيرانية.

ويعتبر احمدي نجاد من الاتباع المباشرين لخامني ويحظى بحمايته الشخصية في مواجهة التيار الإصلاحي الذي يقوده علي اكبر هاشمي رافسنجاني والذي لازال يتمتع بنفوذ قوي داخل إيران وهامش تحرك خارجي نسبي.

ويرى الديبلوماسيون الأوروبيون أن تحرك نجاد المفاجئ قد يعكس إحساسا متصاعدا لديه بالضعف أو لتعرضه لحصار فعلي داخل إيران بعد اشهر قليلة من توليه رسميا لمهام الرئيس.

وربما يسعى نجاد أيضا لتحويل الأنظار عن إخفاقه في تمرير الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي وعد بها الناخبين ومن بينها فشله في فرض تخفيض أسعار المحروقات في الآونة الأخيرة او إنعاش سوق العمل.ويسجل الدبلوماسيون الأوروبيون أن أيا من كبار المسؤولين في إيران لم يدعم بشكل علني التصريحات المنسوبة لاحمدي نجاد والتي تعتبر في نظرهم للاستهلاك المحلي.ولم يفلح نجاد حتى الآن سوى في تعبئة وزارة الخارجية الإيرانية وبشكل متفاوت الأداء.

كما انه توجد شكوك من أن احمدي نجاد الذي يواجه حصارا داخليا وتم وضعه تحت وصاية المتشددين يعمل بسب انعدام خبرته على انتهاج إستراتيجية الهروب الى الأمام.

وقال باسكل بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس نهار الجمعة أن الأمر الخطير في موقف نجاد يتمثل في كونه قد يسهم في تأجيج حرب الحضارات ويدعم معسكر المحافظين الجدد في واشنطن ويزيد من مخاوف مناهضي المشرع النووي الإيراني(...). ويعتبر بونيفاس من اشد منتقدي السياسية الإسرائيلية حاليا.

وسارعت السفارات الإيرانية في الخارج الى التخفيف خلال الساعات الأخيرة من وقع ردود الفعل المصاحبة لتصريحات احمدي نجاد وذهبت حتى الى الإعلان إنها تصريحات أسيء تأويلها وان نجد كان يشير فقط الى المظلمة التي لحقت بالفلسطينيين.

وإذا ما كانت الإرادة الفعلية لاحمدي نجاد تتمثل في كسب تعاطف الشرائح المحافظة والمتشددة من النظام الإيراني فانه توجد خشية من ان تتصاعد الموجهة الإيرانية الغربية في المستقبل القريب وخاصة حول الملف النووي.

وقال مصدر في المفوضية الأوروبية لايلاف ان الحوار السياسي الإيراني الأوروبي يعتبر في حالة وفاة سريرية منذ وصول نجد للرئاسة في طهران كما اكد المصدر ان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيبحثون بشكل مفضل مستقبل التعامل مع ايران يوم السابع من شهر تشرين الثاني نوفمبر القادم في بروكسل ودون ان يستبعد هذه المرة إمكانية تقديم أوروبا دعما سياسيا وحتى ماديا للجهات التي تمثل التيار الإصلاحي في إيران كخطة أولى في اتجاه تصعيد الضغوط على طهران.