مظاهرات في تكريت تأييدًا لصدام حسين وتعطيل الدراسة
قفص اتهام أبيض وحضور سُجِّلت بصمات أعينهم

صورة لقفص الاتهام- خاص العراقية
أسامة مهدي من لندن: علمت "ايلاف" ان محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين (68 عاما) ستجري صباح اليوم في محكمة خاصة اقيمت في مبنى القيادة القومية لحزب البعث المنحل داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد وحيث ينشغل العالم بما يمكن تسميتها بمحاكمة القرن حين يقف صدام في قفص اتهام ابيض اللون في مواجهة خمسة قضاة ليحاكموه على جريمة قتل 143 عراقيا في بلدة الدجيل .

وأبلغ صحافي عراقي سيشارك في تغطية الجلسة الاولى للمحاكمة الى جانب 20 اخرين يمثلون وسائل اعلام عراقية وعربية واميركية اختيروا بعناية اضافة الى مراقبين دوليين وعراقيين وممثل عن رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري ، واشار الى ان القوات الاميركية والعراقية اتخذت اجراءات امنية غير مسبوقة في محيط المنطقة الخضراء وداخلها وحول مبنى القيادة القومية الذي احاطته بعوارض كونكريتية عالية حيث ستجري داخله محاكمة الرئيس المخلوع وسبعة من اركان نظامه وحزبه السابقين في القضية الاولى المتهمين فيها بقتل 143 عراقيا واعتقال وتعذيب 545 اخرين اثر محاولة الاغتياله في بلدة الدجيل (60 كم شمال بغداد) .

واعلن وكيل وزارة الداخلية العراقي علي غالب اليوم ان قوات الامن ستقوم بتوفير الحماية للشهود وبقية الاشخاص الذين سيحضرون المحاكمة واعادتهم الى منازلهم بعد انتهاء جلسة اليوم اضافة الى الاجراءت التي اتخذت لحماية موقع المحكمة واحباط اي محاولة لتوجيه قذائف اليها.

وقال الصحافيان القوات الاميركية قامت بأخذ بصمات عيون جميع الاشخاص الذين سيحضرون الجلسة واجرت لهم فحوصات للدم وابلغ الصحافيون بعدم حمل ساعات يدوية او هواتف نقالة او كاميرات وحظر عليهم ايضا حمل حتى الاقلام والاوراق ، كما اخبروا انه سيتم تزويدهم بها داخل المحكمة فيما ثبتت كاميرات بعض القنوات التلفزيونية امس وسط رقابة امنية لامثيل لها ..

بقايا منزل هدمه صدام في الدجيل
وكان حزب البعث المنحل في العراق قد دعا امس في بيان على الانترنت العراقيين الى (تحية) الرئيس المخلوع صدام حسين بوابل من القذائف على القوات الاميركية والجيش العراقي لدى مثوله امام المحكمة.وقال البيان (حيوا القائد عند ظهوره العلني في المحاكمة بطلقات التقتيل وقذائف الموت تنطلق لأهدافها المشروعة وتنال من جند المحتل ومعداته وآلياته وقواعده، وتنال من قطعان جيش وأمن السلطة العميلة ورموزها وشخوصها الخونة الساقطين). واضاف ان "انعقاد المحاكمة غير المشروعة يفتح صفحة جهادية متميزة في فعل المقاومة العراقية المسلحة " ، مضيفا انه ( لن يكون هناك من مكسب سياسي وأمني للاحتلال وسلطته العميلة بإجراء المحاكمة أبدا).

وقال الصحافي ان الصحافيين سينقلون بسيارات خاصة تحميها قوات اميركية وعراقية في الساعة الثامنة من صباح اليوم بالتوقيت المحلي (السادسة بتوقيت غرينتش) الى قاعة المحكمة التي وضع في وسطها قفص اتهام ابيض وصفين من المقاعد ، في واجهتها خصص الاعلى لجلوس خمسة حكام يتوسطهم قاض للمحكمة وامامهم صف ثان لكتاب ضبط لما يدور خلال المحاكمة ، ويفصل بين الصفين عارضين خشبيين بنيين مزينيين بزخارف اسلامية ورسم على جدار المحكمة المرمري ، خلف الحكام رسم لميزان العدالة والى يمين الحكام وضع علم عراقي كبير.

وقال فريق الدفاع عن صدام حسين ان رئيس هيئة الدفاع عن صدام سيدفع بان المحكمة المدعومة من الولايات المتحدة لا تملك الحق في محاكمة الرئيس السابق وذلك عند بدء المحاكمة غدا.وسيتقدم خليل الدليمي وهو محام غير متمرس نسبيا من خارج بغداد بوثيقة تتألف من 122 نقطة تهدف الى اظهار ان المحكمة لا تملك الولاية اللازمة لمحاكمة صدام.

واشار بيان للمحامين ان الدليمي سيقف أمام المحكمة وسيقدم دفاعه و وثيقة اذا سمحت له المحكمة بذلك وأضاف انه لا يمكن للرئيس العراقي صدام حسين أن يلقى محاكمة عادلة أمام هذه المحكمة الخاصة.. لقد أنشئت بصورة غير قانونية وحرمته من حقوق الانسان الاساسية. واستمر المحققون في القضية على مدى عامين في جمع الادلة والاجتماع بشهود عيان في هذه القضية ، وسلموا 800 صفحة من الادلة للدليمي وحده الشهر الماضي لكنه يقول انه لا يملك الوقت الكافي لدراسة كل الادلة.

وبالاضافة الى التشكيك في شرعية المحكمة والاشارة الى عدم كفاية الوقت فمن المتوقع أن يدفع الدليمي بانه منع من الوصول الى كثير من الشهود في كثير من الاحيان لان أسماءهم ظللت في ملف القضية الذي سلم له. ويقول محامو صدام انهم لم يحصلوا على أي أدلة أو وثائق تثبت ارتباط موكلهم بأعمال القتل.

وقد تباينت مواقف العراقيين من المحاكمة حيث ينظر اليها بعض من الذين ارتكب النظام السابق جرائم ضدهم نوعا من الانتقام للضحايا الذين فقدوهم على يد النظام السابق ، فيما اعتبرها العراقيون الذين مازالوا ينظرون اليه بالاعجاب على انها اهانة للعراقيين باعتباره رئيسهم الشرعي كما يقولون .

وقد انطلقت في مدينة تكريت الليلة الماضية مظاهرة كبيرة دعما للرئيس العراقي السابق حيث تجمع مئات الاشخاص ومن بينهم عوائل ونساء وأطفال بالقرب من جامع صدام الكبير في شارع الاربعين وسط المدينة هاتفين (بالروح بالدم نفديك يا صدام) .

وأكد المتظاهرون في هتافاتهم أن صدام حسين هو الرئيس الشرعي للعراق مطالبين بعودته الى الحكم فورا وإلغاء إجراءات المحاكمة التي وصفوها بأنها لا شرعية ولا تستند الى أساس قانوني .. كما أطلقت عشرات السيارات أبواقها عاليا فيما صدرت طلقات نار من المنازل المحيطة بالمكان في حين طوقت الشرطة العراقية موقع المظاهرة لمنع المتظاهرين من الخروج الى الاماكن التي تتواجد فيها الدوائر الحكومية خشية تطور الموقف.

وأعلنت الشرطة العراقية حالة استنفار قصوى وأصدر محافظ صلاح الدين حمد حمود الشكطي أمرا بمنع التظاهر خشية وقوع مصادمات بين المتظاهرين والشرطة ،كما أعلن رئيس جامعة تكريت وقف الدراسة في الجامعة يومي الاربعاء والخميس لمنع حدوث مظاهرات واحتمال تطورها الى الاسوأ .

وفي اليوم الأول من المحاكمة ستتم تلاوة لائحة الاتهام وتحديد هوية المتهمين ووصف الجرائم المتعلقة بهم حسب وثيقة الادعاء لكنه يتوقع أن تبلغ هيئة الدفاع المحكمة بأنها تحتاج لمزيد من الوقت للاطلاع على وثائق الاتهام أو لتوسيعها لتشمل محامين آخرين ومن الممكن ان يؤجل القاضي المحاكمة بعد الجلسة الافتتاحية حيث قال خليل الدليمي محامي صدام انه سيطلب تأجيل المحاكمة ثلاثة اشهر. وسيحضر بدء المحاكمة ملاحظون بينهم ممثلون لهيئات دولية طلبت حضورها اضافة الى شهود وعائلات حيث من المتوقع أن يتم إخفاء وجوه الشهود لدى بث لقطات تلفزيونية منها.

وسيحاكم المتهمون الثمانية بتهمة قتل 143 من سكان قرية الدجيل الشيعية شمال بغداد وتدمير ممتلكاتهم وجرف اراضيهم ونفيهم في الداخل اربع سنوات .. وهم اضافة الى صدام :

.. طه ياسين رمضان : النائب السابق للرئيس وقد تم اعتقاله في الثامن عشر من آب (اغسطس) عام 2003 المقاتلون الاكراد في الموصل (شمال) ، وهو في المرتبة العشرين على لائحة المسؤولين السابقين الـ55 الملاحقين من قبل الاميركيين.

.. برزان ابراهيم الحسن التكريتي : احد الاخوة غير الاشقاء للرئيس السابق ومستشاره الرئاسي وتولى رئاسة جهاز المخابرات واعتقل في السادس عشر من نيسان (ابريل) عام 2003 في بغداد وكان الثاني والخمسين على لائحة الـ 55.
.. عوض احمد البندر: قاض سابق في محكمة الثورية ونائب مدير مكتب صدام حسين.
.. عبد الله كاظم رويد ومظهر عبد الله رويد وعلي الدائي علي ومحمد عزام العلي وهؤلاء الاربعة متهمون بانهم كانوا المسؤولين الحزبيين عن منطقة الدجيل .

وقد انشئت المحكمة العراقية الخاصة في العاشر من كانون الاول (ديسمبر) عام 2003 قبل اعتقال الرئيس السابق بثلاثة ايام .. ولاسباب امنية سيتم الاحتفاظ بسرية اسماء القضاة ومكان المحكمة حتى اللحظة الاخيرة .. وهي تضم محكمة ابتدائية من خمسة قضاة لمدة خمس سنوات ومحكمة استئناف تضم تسعة قضاة اضافة الى 20 قاضي تحقيق لفترة ثلاث سنوات ..اما المدعون العامون فيبلغ عددهم 20 يعملون بموجب عقود لمدة ثلاثة اعوام. ويمكن للمحكمة الخاصة تعيين قضاة اجانب ، كما ان بامكان رئيسها الاستعانة بقضاة غير عراقيين كمستشارين "مختصين في قضايا جرائم الحرب". ومن صلاحيات المحكمة الخاصة، محاكمة قضايا الابادة والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وانتهاك القوانين وخصوصا استخدام المنصب لغاية "سياسية تؤدي الى الحرب او استخدام السلاح العراقي ضد بلد عربي".

ويعتقد أن مسؤولي المحكمة اختاروا النظر أولا في هذه القضية لأنها ليست بنفس تعقيد القضايا الأخرى المتعلقة بصدام لكن قاضي التحقيق في المحكمة الخاصة رائد الجوحي اشار الى امكانية أن يواجه صدام في المستقبل أسئلة تتعلق بأحداث أخرى على علاقة بالقضية جرت خلال فترة حكمه غير أن المحاكمة ستركز حاليا على قضية الدجيل وحدها فيما يستمر التحقيق في البقية. وأضاف الجوحي "أنتظر أن يتمّ النظر قريبا في قضايا أخرى تتعلق بجرائم الأنفال وقتل أشخاص وهدم قرى في منطقة بلد شمال بغداد ."

وتشكل المجازر والتجاوزات في الدجيل الملف الاول الذي انهاه قضاة التحقيق في المحكمة العراقية الخاصة المكلفة بمحاكمة صدام حسين .. ويوضح جوحي انه يجري التحقيق في 12 شكوى اخرى ضد الرئيس السابق مؤكدا انه قد يتم الانتهاء من بعض الملفات بسرعة.

ويلاحق صدام حسين بجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في قضايا عدة منها عملية الانفال ضد الاكراد في 1988 وقصف الاكراد في حلبجة بغاز الخردل في السنة نفسها وقمع الشيعة في 1991 واجتياح الكويت بعد سنة ومجزرة قبيلة البرزاني في 1983 وقتل رؤساء احزاب سياسية ورجال دين. وفي حالة تبرئة صدام من التهمة الأولي الخاصة بالدجيل وهو امر مستبعد أو صدور حكم بالسجن ضده‏ فإنه قد يواجه حكم الاعدام في بقية القضايا الأخري والتي تنحصر في فئات ثلاث هي‏:‏ جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب والابادة الجماعية‏ .