تواكب جولتي أنان وموسى وتقر استجواب ضباط سوريين
قمة مصرية سعودية سورية لاحتواء الضغوط على دمشق


إقرأ أيضا

الرياض تحتضن مساعي محمومة لإنقاذ دمشق

دمشق تتحفظ حول التفاصيل .. ميليس طلب استجواب سوريين

نبيل شـرف الدين من القاهرة: رغم انشغال القاهرة بحمى الانتخابات البرلمانية الأكثر سخونة من نوعها، إلا أن العاصمة المصرية ـ ووفقاً لمصدر دبلوماسي بها ـ سوف تشهد تحركاً دبلوماسياً مكثفاً خلال الأيام القادمة، فبينما يصلها في وقت لاحق كوفي أنان، السكرتير العام للأمم المتحدة، فقد وصل إليها بالفعل وفد سعودي رفيع المستوى لترتيب زيارة من المزمع أن يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، يوم الخامس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، حيث ينتظر أن يشارك في قمة ثلاثية تضم الرئيس السوري بشار الأسد، فضلاً عن المضيف الرئيس المصري حسني مبارك، الذي زار دمشق بضع ساعات قبل أيام في مهمة ذات صلة بهذه التطورات .

وقال مصدر دبلوماسي مصري إن القمة الثلاثية ستناقش التطورات على المسار السوري بعد صدور قرار مجلس الأمن الأخير رقم 1636، والخطوات التي ينبغي اتخاذها للحيلولة دون تعرض دمشق لتوقيع عقوبات عليها، وايجاد حل ينهي الأزمة الراهنة بعد صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري .

ومضى المصدر قائلاً إن القاهرة والرياض تقودان تحركا عربيا لدعم دمشق في مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة التي تتعرض لها، والتي تدفع في اتجاه عزلها دولياً، تمهيداً لفرض عقوبات اقتصادية عليها . وربط المصدر بين القمة الثلاثية المرتقبة وزيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان التي أعلن عن قيامه بها للمنطقة، وكذا الجولة التي يقوم بها عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية، وتقوده إلى السعودية وسورية يوم الثلاثاء، للتباحث مع مسئولي البلدين حول كيفية التعامل مع القرار مجلس الأمن .

التزامات سورية

وتحدثت مصادر دبلوماسية خلال الأسابيع الماضية عن مبادرة مشتركة ناقشتها كل من القاهرة والرياض مع الإدارة الأميركية، واستهدفت احتواء الضغوط على سورية، التي تعهدت في تلك المبادرة بعدة التزامات من أهمها إجراء إصلاحات سياسية، والتعاون في ضبط الحدود العراقية، ووقف أنشطة الفصائل الفلسطينية الراديكالية التي تتخذ من دمشق مقراً لها، بالإضافة إلى الضغط على "حزب الله" لتهدئة الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، وعدم تزويده بالأسلحة أو الذخائر . وتواترت الأنباء الواردة من دمشق اليوم الاثنين عن تلقيها طلباً من الأمم المتحدة لاستجواب ستة ضباط سوريين في لبنان، بواسطة فريق التحقيق الدولي الذي يرأسه المحقق الألماني ديتليف ميليس، وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن سورية تتجه إلى الموافقة على استجواب هؤلاء الضباط في لبنان وعلى انفراد .

ومضت ذات المصادر قائلة إن القاهرة والرياض تعهدتا بالتزام دمشق بهذه الأجندة، وأنهما ستكونان بمثابة "ضامن" لجديتها في هذا المضمار، وأضاف أن "نفاد صبر" الإدارة الأميركية إزاء سورية في حال فشل هذه الوساطة التي وصفها بالهامة، قد يدفعها إلى اتخاذ سلسلة خطوات نحو التصعيد التدريجي، الذي يستهدف تغيير النظام السوري بوسائل أخرى لا تعني بالضرورة التدخل العسكري على الطريقة العراقية، فبدلا من سيناريو إطاحة صدام حسين عسكرياً، فقد بدأ الإعداد في أروقة مجلس الأمن القومي الأميركي لسيناريو ميلوسيفيتش، أي العمل على إسقاط النظام السوري من الداخل والخارج معاً عبر بناء حركة شعبية للمعارضة ترفع شعار إقرار الديمقراطية منهجاً للحكم، والبدء بخطوات إصلاحية جادة، واعتماد نظام سياسي يقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة .

أوراق دمشق

تأتي هذه التطورات بينما تواجه دمشق ضغوطاً متزايدة بسبب الأحداث المتلاحقة سواء على الساحة اللبنانية أو العراقية تضعها أمام خيارات صعبة إزاء التحديات الإقليمية والدولية التي باتت تواجهها، وإثر فشل عدة وساطات سابقة قامت بها كل من القاهرة والرياض والدوحة، وهكذا ضاقت السُبل بسورية تدريجياً، حتى لم يعد أمامها حالياً الكثير من الأوراق تلعب بها في مواجهة تصاعد هذه التحديات سوى التحرك الدبلوماسي عبر وسطاء لهم وزنهم لدى واشنطن كالسعودية ومصر

وتتخذ القاهرة والرياض عادة مواقف مؤيدة لدمشق، خاصة في المطالبة بأن تكون إسرائيل ضمن عملية موسعة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من مختلف أسلحة الدمار الشامل، واستئناف المفاوضات بين سورية وإسرائيل من النقطة التي توقفت عندها إبان حكم الرئيس الراحل الأسد الأب، إلا أن حالة من "البرود الصامت" ضربت علاقات الرياض ودمشق إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، أما القاهرة فقد اعتراها الإحباط إزاء توجس دمشق حيال نصائحها، وإصرارها على تجاوزها وسلوك سبل أخرى، في وقت ترى فيه مصر أنها تبذل جهوداً مكثفة لمساعدة سورية كان آخرها اقتراح القاهرة بأن توفد دمشق مبعوثاً رفيعاً إلى بغداد لتطمين الحكومة العراقية، وإبداء حسن النوايا بشأن التعاون الأمني وضبط الحدود واحتواء أي تصعيد في هذا الملف الشائك، وهو ما حدث بالفعل.

وسبق أن رضخت سورية للضغوط الدولية وسحبت قواتها من لبنان في نيسان (أبريل) الماضي، وذلك بعد أن اجتاحت لبنان مظاهرات مناهضة لدمشق إثر اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في شباط (فبراير) الماضي، بينما أصدرت الامم المتحدة قرارا رعته الولايات المتحدة يطالب سورية بسحب قواتها ورجال مخابراتها من لبنان، كما أقر مجلس الامن مؤخراً وبإجماع الاصوات مشروع قرار أميركي - فرنسي - بريطاني، حمل رقم 1636، واستند الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وطالب سورية بلهجة صارمة بالتعاون التام والكامل مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري .