إيلي الحاج من بيروت: أقر المؤتمر العام لحزب الكتائب اللبنانية تسمية الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميّل رئيساً أعلى للحزب مدى الحياة، وفوز كريم بقرادوني مرة أخرى برئاسة الحزب بالتزكية ومعه أحد نوابه رشاد سلامة. كرّس هذا التقاسم الجديد للمواقع في الحزب التاريخي، قبل عام من احتفاله بالذكرى السبعين لتأسيسه المصالحة الثنائية التي أعلنت قبل مدة بين جناحين من الأجنحة التي تنازعت لمدة طويلة على ما كان أقوى مؤسسة سياسية وشعبية ، وعسكرية خلال الحرب، لمسيحيي لبنان.
وعاد مع الرئيس الجميّل إلى الكتائب نجله وزير الزراعة بيار الذي يحمل اسم جده مؤسس الحزب، وكذلك أرملة شقيقه الرئيس الراحل بشير، النائبة في البرلمان صولانج، وعدد من المخضرمين في الحزب الذين لم يبتعدوا عن آل الجميّل يوماً وأبرزهم الكاتب السياسي جوزف أبو خليل.
وكانت المصالحة المفاجئة بين الجميّل وبقرادوني قد أثارت استياء فريق كتائبي آخر يتقدمه الرئيسان السابقان للحزب إيلي كرامة ومنير الحاج والوزيران السابقان إدمون رزق وجوزف الهاشم، وعقد هؤلاء مع رفاق لهم خلوة في أحد الأديرة في منطقة كسروان قبل أيام حملوا في بيانها الختامي على ما سموه "تسوية ثنائية مبتورة تعمدت التفرد لاقرار عقد ظرفي موقت"، وأكدوا أن اي تسوية في معزل عن المعارضة والنقد الذاتي تظل صورية ولن تكون مجدية".
وقال بعض هؤلاء إن "مصالحة تبويس اللحى وضمان المصالح الآنية بين الجميل وبقرادوني هدفت بالدرجة الاولى الى تأمين الرئاسة العليا للحزب للرئيس الجميل بعد نزوله إلى المقر الرسمي للحزب في الصيفي، وإبقاء الرئاسة لبقرادوني مع إجراء تشكيلات في المراكز القيادية، بهدف توزيعها بين الاثنين توطئة لعمليةزواج المتعة السياسية" الجارية".
وغاب عن أي تأثير أو موقف في هذا الشأن الحزبي سمير جعجع، قائد "القوات اللبنانية" الذي بات يحمل رسمياً لقب رئيس هيئتها التنفيذية، وعلى ذلك انتهى التباس يعود عمره إلى نحو عشرين عاماً ما بين كتائبيته و"قواتيته": الرجل الذي كاد أن يصبح عام،1992قبل سجنه بعامين رئيس حزبين كبيرين وسقط بصوتين أمام رئيس الكتائب الراحل جورج سعادة، خرج من الحلبة واستقل بحزبه الخاص.
ويربح الجميّل بعملية "المصالحة والتجديد" كما سميت أن يضمن له مكاناً بين القادة السياسيين الموارنة المقرّرين مع زعيم "التيارالوطني الحر" العماد ميشال عنوان ورئيس "تيار القوات اللبنانية" جعجع. أما بقرادوني فيكفي أنه ظل في موقعه على المسرح اللبناني رغم انقلاب أحواله ومعظم اللاعبين رأساً على عقب منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري في شباط(فبراير) الماضي وانسحاب القوات السورية من لبنان في نيسان( أبريل).
وكان بقرادوني يعد من الأقربين إلى رئيس الجمهورية إميل لحود، لكنه كان أول من أخذ مسافة وابتعد عنه عندما تبين اتجاهه إلى الهاوية.
وسيكون صعباً على الجميّل الأب أن ينتقل من موقع الرئيس الفخري إلى الإمساك بالحزب فعلاً واستعادته ملكاً للعائلة التي تشكل مع الله والوطن أحد أقانيم الحزب، بوجود بقرادوني، اللاعب السياسي الشديد الاحتراف والبرغماتية.