صحافيو quot;النهارquot; وزملاؤهم اعتصموا صامتين حزناً
غسان تويني: سأعيّن مجموعة لمهمات جبران

إيلي الحاج من بيروت : بحزن وكبرياء اعتصم الصحافيون والعاملون في صحيفة quot;النهارquot; وزملاء لهم في مؤسسات صحافية وإعلامية قدر عددهم بنحو 300 امام مبنى الصحيفة الأزرق ذي الشكل الزجاجي في وسط بيروت. ولزموا الصمت ساعة من الحادية عشرة إلى الظهر، في ذكرى أسبوع على اغتيال زميلهم الذي رفعوا صوره ، النائب ورئيس مجلس إدارة quot;النهارquot; مديرها العام جبران تويني. وكان صحافيو quot;النهارquot; والإعلاميون اللبنانيون نفذوا اعتصاما مشابهاً عند قاعدة تمثال الشهداء المجاور في وسط الساحة قبل نحو سبعة أشهر حزناً على زميلهم سمير قصير الذي استشهد هو أيضاً بمتفجرة في 2 حزيران (يونيو) الماضي. وكان جبران تويني وقتها في مقدم الجمع الصامت والحزين.

ولم يشارك عميد الصحيفة غسان تويني في تجمع اليوم لأنه كان على موعد في الوقت نفسه مع بطريرك الموارنة نصرالله صفير في صفير ، وبعد خروجه قال إن quot;بكركي ليست هايدبارك ولن أتكلم ، وأرد على كل الأسئلة لاحقاquot; . وتقدمت الحضور المعتصم زوجة النائب الراحل سهام تويني وابنتاه نايلة وميشيل. وشارك الوزير السابق رئيس الرابطة المارونية ميشال إده ، نقيب المحررين ملحم كرم، ، رئيس مجلس إدارة quot;المؤسسة اللبنانية للارسالquot; بيار الضاهر وغيرهم . وردد المعتصمون رافعين أيديهم، القسم الذي أطلقه الشهيد في 14 آذار( مارس): quot;نقسم بالله العظيم، مسلمين ومسيحيين، ان نبقى موحدين، الى ابد الآبدين، دفاعا عن وطننا العظيمquot;. ثم رددوا النشيد الوطني.

وقالت صحافية في quot;النهارquot; quot;إنه تعبير عن استنكار الصحافة والإعلام لهذه الجريمة ورفضها ... ولن نبكي لأن عميدنا غسان تويني طلب ذلك، ولأن الدموع قد جفت في عيونناquot;. وقال رئيس تحرير ملحق quot;النهارquot; الثقافي الكاتب الياس خوري ان اغتيال جبران تويني quot;لن يؤثر على خط النهار ابداquot;. واذا كان المقصود ان تغير النهار خطها السياسي وان نخضع لإرهاب المخابرات اللبنانية والسورية فهذا خطأ ... لن نخسر اكثر مما خسرنا، خسرنا أهم معلق هو سمير قصير ثم مدير عام النهارquot; ، مؤكداً ان quot;الذين يعتقدون ان الناس ستخاف وتغير آراءها متوهمين لان تاريخ الصحافة اللبنانية تاريخ شهداء ودفاع عن الحرية ونحن مستمرونquot;.

حديث غسان تويني إلى quot;العربيةquot;

وكان غسان تويني أطل ليل أمس عبر محطة quot;العربيةquot; الفضائية في برنامج quot; بالعربيquot; للإعلامية جيزيل خوري ، وكان عنوان اللقاء quot;النهار ماضياً ومستقبلاً، وما مصيرها بعد استشهاد جبران توينيquot;. وبعد تحقيق سريع عن quot;معاركquot; quot;النهارquot; ونضالاتها ووقفاتها، وتقديم quot;لغسان الحكيمquot; وخلاصة ان quot;للنهار رباً يحميهاquot;، كان الحوار وعاد تويني الى تاريخ تأسيس quot;النهارquot; على يد والده جبران تويني وكيف عطلت ستة اشهر حين كانت تخوض المعركة الدستورية عام 1936 وكيف كان والده quot;عنيداًquot;. ولما سئل عن quot;المعركة مع رئيس الجمهورية إميل لحودquot; قال: quot;لا، المعركة معه لا تحرز ابداً. اما معركة التمديد فكانت مع سورية. انا من الاشخاص الذين روى لهم الرئيس رفيق الحريري قصته مع الرئيس بشار الاسد. ليس سراً ان سورية قالت quot;انها تريد التمديد للحود. كان لحود موضوعاً وشيئاً وليس شخصاً فاعلاًquot;.

ولم ينف تويني انه quot;خائف على النهارquot;، لكنه اضاف:quot;النهار مستمرة ومثلما بدأت يمكن ان تعود لتبدأ من حيث بدأ جبران تويني. بدأ والدي حول طاولة خشب شوح بيضاء مع كبار الصحافة ومعلميها وعباقرتها مثل توفيق يوسف عواد واربعة خمسة... نبقى حول طاولة خشب ونكتبquot;. واستذكر آخر حديث جرى بينه وبين ابنه الشهيد مساء الأحد عشية الجريمة قال: quot;جاء اليّ في المنزل في باريس، فوجئت به حاملاً الي quot;شوكولاquot; كولد صغير. وقال لي quot;بيي انا مسافرquot; غداً. قلت له الى اين الى بيروت؟ قال هناك جلسة لمجلس النواب الثلاثاء quot;ما فيي اعمل نايب واقعد بباريسquot;. قلت له بلاها. وقالت لي سهام (زوجته) لاحقاً هل اقنعته بعدم الذهاب؟ ولكننا تناقشنا بعض الشيء وقال انه ذاهب الى السينما على أن يعود ولم يعد. وعرفت انه سافر. والظاهر ان آلة الشر هذه منظمة جداً. ما بين مساء الأحد وصباح الاثنين عرفت متى عاد وترصدته صباحاً في طريقه وكانت مهيأة. من يمكنه ان ينظم ذلك لا يمكن ان يكون الدائن الذي قال (وزير الاعلام السوري مهدي دخل الله) إنه يمكن جبران كان مديناً له بمليوني دولارquot;.

وقال تويني: quot;احد ما ابلغ آل الشر في شكل اكيد. انا لا احيي القتلة ولا يمكنني ان اشكرهم لكنني أنوّه بهذه الدقة. نحن لا نتعامل مع هواةquot;.
وكرر انه quot;لا يتهم احداً ولكن يمكن ان اردد الاتهامات التي تقال. لا حاجة إلى منطق كثير للاشارة الى من استهزأ بجبران. جبران خاض معركة. انا كنت ادعو دائماً الى الهدوء. قلت له quot;بيي هل انت عارف شو عمّ بتجازف؟quot;. ما في ولد بيسمع من ابيه. ولكنني ارى فيه صورة ما فعلته مع والدي. انا مع الثورة ولكن ما من ثورة ليس فيها ضحايا وشهداء، ولا يقوم سلام إلا بضحايا وشهداء ودم. انا وجبران نتفق على الخطوط العريضة ولكن أسلوبي مختلفquot;.
وعن quot;النهارquot; ودورها قال: quot;لا اريد ان اعظّم دورها ولكن quot;النهارquot; هي أقدم الصحف والصحيفة الوحيدة التي اصبح عمرها 73 سنة بسياسة واحدة وادارة واحدة وملكية واحدة جوهرها آل تويني، مما يجعلها رائدة، اي تمشي بسياسة وتنجح تجارياًquot;. واكد quot;ان لا شيء سيتغير في quot;النهارquot;، ولا اعداء عندنا ولكن خصوماتنا الفكرية مستمرة (...) quot;النهارquot; مستمرة بمثلها وبالنقاش الدائم داخل quot;النهارquot;. هناك مجلس تحرير جدي يجمع الحوارات كل النهار. quot;النهارquot; ليست ارثاً عائلياً بل هي ارث فكريquot;.

واكد انه quot;باق رئيساً للتحرير ونايلة (ابنة جبران) ليست قادرة على ذلك. ومشكلتي انني سلمت الى جبران شيئاًُ ضخماً . ما كان ممكناً بناء المبنى الجديد لولا جبران. انا مضطر إلى ان أوجد أجهزة واكثر من شخص ولن ابخل بذلك، اريد ان آتي بأشخاص مكان جبران للشؤون المالية والإدارية والمطابع والتوزيع والاعلاناتquot;. ونفى ان يكون في وارد الترشح للنيابة مكان جبران تويني، موضحاً انه لم يحضر الكلمة التي ألقاها في مأتم ابنه، quot;لم اعرف ماذا كنت سأقول الا عند ما قلته. عندما رأيت النعش تكلمتquot;. وتعليقاً على كلام وليد جنبلاط انه لن يسامح ولن يغفر قال غسان تويني quot;انا لست قادراً على الانتقام. انا قادر على الكتابة وسأبقى اكتب وسأبقى اطالبquot;.

واوضح انه quot;يخوض المعركة التي يمكنه خوضهاquot;. وروى ما جرى في زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري فقال انه ذهب لشكره بعد ما قاله له بري في الكنيسة ان هناك حديثا دار بينه وبين جبران قبل ايام. واضاف تويني: quot;قلت له (لبري) جئت اشكرك أولا لأنك رئيس السلطة التشريعية ثم تناولنا موضوع المقال الذي كتبته الاثنين (قبل اسبوعين) فقال الرئيس بري دعني اخبرك ابنك انا احبه واتصل بي الاسبوع الماضي وحين دخل علي قال لي انا وانت لن نتفق في السياسة quot;بس انا استهضمكquot; (وجبران عفوي، وعنده خجل) واضاف قائلا لبري لكن انا على اللائحة وانت ايضا. اذا قتلوني ما بيصير شيء، واذا قتلوك بتخرب البلد. وكفينا الحكي بالسياسةquot;.

وقال غسان تويني في معرض حديثه ان الإمام موسى الصدر أثر في حياته اكثر من كثيرين. ثم شرح بعض ما جرى في الاتصال بينه وبين السيد حسن نصرالله قال: quot;المشترك بيننا صلة نفسية وانا طامح لرؤيته وقلت له لدى اتصاله بي انا وانت هناك شيء بيننا لا يمكننا تبادله ولكننا في وضع نفسي وفكري يمكن ان يسمح لنا بسماع بعضنا. قال لي انا اريد ان اقول انه لولا الاعتبارات الامنية لكنت بعد كلامك في الكنيسة وقفت بجانبك لاتقبل التعازي. قلت له هل تدخلني معك في الحزب انا اريد ان ادافع عن الله فلماذا تحتكره وحدك؟ إذا كان الدفاع عن الله هو بالاستشهاد فانا انتسب الى الحزب القومي الذي كان منه اول الشهداءquot;. وأيد تويني المطالبة بتوسيع لجنة التحقيق الدولية quot;لأن الجرائم هي سلسلة واحدة وهناك وحدة الاساليب والوسائل ووحدة آلة القتل والتنظيم والاسلوب وهناك استهداف يدل على المصدر نفسهquot;. كما ايد المطالبة بمحكمة دولية لان لا شيء يضمن عدم تأثر القضاء اللبناني بالارهاب الفكري والتأثيرات السياسية ولان السلطة القضائية في لبنان ليست حرة. وتوجه الى الشعبين اللبناني والسوري برسالة واحدة هي ان quot;لا مستقبل للانسان والدول من دون الحريةquot;.