وبالطبع سيظل رفسنجاني الذي طرح في المعركة الرئاسية التي كانت نتائجها لغير صالحه ، على رأس مجلس تشخيص مصلحة النظام أو مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي هو هيئة استشارية أنشئت بأمر من مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني في العام 1988. وكان رفسنجاني وقتها يزاول مهمات رئيس الجمهورية للمرة الأولى أعقبتها ولاية ثانية انتهت العام 1997 حين انتخب الإصلاحي محمد خاتمي لولايتين تاليتين. وفي ذلك العام عين رفسنجاني رئيسا لمجلس تشخيص النظام.
يشكو إلى الله
وقال اكبر هاشمي رفسنجاني المرشح الخاسر في الدوره الثانيه من الانتخابات الرئاسيه التاسعه في البلاد، في رساله وجهها الي الشعب الايراني اليوم السبت، انني وكما في الدوره الاولي ساطرح شكواي في محكمه العدل الالهيه. واشار في رسالته الي "صرف عشرات المليارات من اموال الدوله" ل"للاساءه الظالمه الي سمعته" هو وافراد عائلته و"التدخلات غير المشروعه في الانتخابات بصوره ممنهجه ولاقانونيه عبر استغلال امكانيات الدوله".
ووجه هاشمي رفسنجاني الشكر للناخبين (اكثر من 10 ملايين) الذين صوتوا لصالحه "رغم الحملات المحطمه للجبال" التي اعتبر انه تعرض لها. وقال هاشمي رفسنجاني في رسالته، ان المشاركه الرائعه للشعب في الدوره الثانيه من الانتخابات الرئاسيه عززت اركان النظام الاسلامي وكانت ردا ملائما علي الحملات الاعلاميه المسمومه والمثبطه التي كان يبثها اعداء ايران والثوره الاسلاميه.
واضاف، آمل بان يتمكن الرئيس المنتخب السيد احمدي نجاد من اداء هذه المسووليه الجسيمه الملقاه علي عاتقه بصوره جيده وان يفي بوعوده التي قطعها، ومما لا شك فيه انه ينبغي علي الجميع دعمه في طريق خدمه الشعب. وتابع قائلا، انني ومثلما قلت مرارا دخلت المنافسه الانتخابيه من منطلق اداء الواجب وكسب رضي الله وخدمه الشعب والاسلام وايران والشعب، وسوف لن اتواني من الان فصاعدا ايضا كما في السابق عن تقديماي خدمه استطيع القيام بها.
وقال هاشمي رفسنجاني، لقد سعيت من اجل تحقيق المشاركه القصوي للشعب في الانتخابات والتي تعد من اهداف سماحه قائد الثوره الاسلاميه وكذلك لرفع مستوي عدد اصوات رئيس الجمهوريه المنتخب والانسجام الوطني في الظروف الصعبه الراهنه.
واضاف، لحسن الحظ فان الهدفين الاول والثاني قد تحققا لحد الان وآمل في ظل يقظه الشعب والشعور بالمسووليه لدي المسوولين والاجنحه السياسيه والاجتماعيه في البلاد ان يتحقق الهدف الثالث ايضا وان لا يصل الاعداء الي اهدافهم المعلنه وهي الحد الادني للمشاركه والحد الادني لاصوات الرئيس المنتخب والحد الاقصي للتوتر.
وقال، انني ان اشكو من الحكام الذين اثبتوا بانهم لا يريدون او لا يستطيعون القيام بشيء ما وان اطرح شكواي هذه كما في الدوره الاولي في محكمه عدل الله الذي توكلت عليه ومن اجل كسب رضاه دخلت الساحه وتعاملت معه، واعلم بان بانه لو عوقب احد في الانتقام الالهي فسوف لن يكون الشعب والثوره الاسلاميه وايران بالتاكيد وانما المجرمون الحقيقيون فقط.
من يحكم ايران ؟
وتحكم إيران منذ الإطاحة بالنظام الشاهنشاهي من جانب نظام متشابك ومعقد التفاصيل، فهناك هيئات منتخبة وأخرى غير منتخبة القرار فيها بيد الملالي، ومن المناصب والهيئات المنتخبة، هناك منصب رئيس الجمهورية ثم مجلس الوزراء والبرلمان (مجلس الشورى) ومقابل ذلك فإن منصب المرشد الأعلى الذي يشغله حاليا آية الله علي خامنئي خلفا للإمام الراحل الخميني، وكذلك هناك رئيس مجلس القضاء الأعلى وأعضاء هذا المجلس ثم مجلس الحكماء والقوات المسلحة والحرس الثوري.
وما بين هذه الهيئات المنتخبة وعكسها، يقف مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء، حيث صلاحيات المجلس الأول كثيرة في حسم كافة القضايا المتعلقة بالدستور، وهو من صلاحيته الإشراف على آلية الانتخابات، حيث تحسب ضده نقطة مثيرة للجدل وهي رفضه لحوالي ألف طلب ترشيح للانتخابات الرئاسية الحالية، كما أنه حظر على النساء اللواتي يشكلن نصف المجتمع ترشيح أنفسهن.
وهنا، فإنه من نافلة القول، التذكير بمهمات رفسنجاني الذي يبدو أن المؤسسة الدينية الحاكمة ممثلة بالمرشد الأعلى علي خامنئي لن تستغني عنه أو تحيله إلى التقاعد، خاصة أن برنامجه الانتخابي الرئاسي كان يعتبر بوابة لخروج إيران من عزلتها، ويحتمل أن يحاول رفسنجاني تطبيق ما وعد به ليس من كرسي رئاسة الجمهوري، بل من منصبه الذي جعله الرجل القوي في إيران التي حكمها إسميا ثمانية رؤساء جمهورية سابقون.
وحسب قرار الخميني، فإنه تناط بمجلس تشخيص مصلحة النظام ثلاث مهمات أبرزها أن يكون حكما بين مجلس الشورى (البرلمان) ومجلس صيانة الدستور في حال نشوب أزمة بينهما، وتصبح قراراته بشأن خصومة الهيئتين نافذة بعد مصادقة المرشد عليها، كما يتعين عليه أن يقدم إلى المرشد الأعلى للثورة (الولي الفقيه) النصح عندما تستعصي على الحل مشكلة ما تتعلق بسياسات الدولة العامة، وأخيرا أن يختار في حالة موت المرشد، أو عجزه عن القيام بمهامه بقرار من مجلس الخبراء، عضوا من مجلس القيادة يتولى مهام المرشد حتى انتخاب مرشد جديد.
ويتألف المجلس أو المجمع من 31 عضوا يمثلون مختلف التيارات السياسية الإيرانية. ويعين المرشد الأعلى للثورة أعضاء المجمع الدائمين والمتغيرين ما عدا رؤساء السلطات الثلاث فإنهم ينضمون إلى المجمع بشكل آلي بعد التعديل الجديد الخاص بقانون المجمع. ومدة ولايته خمس ، حيث يمكن تعيين بعض الأعضاء بشكل غير دائم إذا كانت المسائل المطروحة تتعلق بصلاحياتهم كبعض الوزراء. وتتبع للمجمع لجان خاصة تعمل في مجال السياسة والأمن والثقافة والاقتصاد.
ومنذ توليه هذا المنصب الحساس، فإن كثيرين اعتبروا أن قرارات علي أكبر هاشمي رفسنجاني، تعكس باستمرار راي المرشد الأعلى الذي ينذ سياسة ولاية الفقيه. وعلى اعتبار أن المجمع يقوم بدور الحكم الفيصل في نزاعات البرلمان ومجلس صيانة الدستور، ومنذ آخر انتخابات برلمانية في إيران عام 2000، فإن مجمع تشخيص مصلحة النظام قد تدخل 12 مرة لفض الصراع بين المؤسستين ولم يقف فيها إلى جانب البرلمان سوى مرة واحدة.
وظل الإصلاحيون في إيران يعتبرون مجمع تشخيص مصلحة النظام حكم وخصم في نفس الوقت، وأنه يشكل إلى جانب مجلس صيانة الدستور هيئتين تعرقلان نشاط البرلمان لما للمحافظين من هيمنة عليهما.
مجلس صيانة الدستور
ولكن ما هو مجلس صيانة الدستور، لقد ظل هذا المجلس أعلى هيئة تحكيم في إيران ويتكون من 12 عضوا، 6 أعضاء فقهاء دينيون يعينهم المرشد الأعلى للثورة، أما الستة الباقون فيكونون من الحقوقيين الوضعيين ويعينهم مجلس الشورى بتوصية من رئيس السلطة القضائية، وتتبع للمجلس لجان مراقبة تشرف على تطبيق وتنفيذ صلاحياته.
وأنيطت بأعضاء مجلس صيانة الدستور مهمة مزدوجة هي: مرة عند الترشيح لعضوية المجالس التشريعية,، ومرة عند إصدار المجالس للقوانين واللوائح، فهو يشرف على جميع الاستفتاءات التي تجرى بدولة إيران، سواء تعلقت بالبلديات أم التشريعيات أم الرئاسيات أم اختيار أعضاء مجلس الخبراء، فلمجلس صيانة الدستور تقييم المرشحين وإعلان رأيه بشأن أهليتهم للترشح. ومن معايير المجلس في تقييم المترشح صحة العقيدة الإسلامية والولاء للنظام، وكثيرا ما ألغى المجلس ترشح الشيوعيين والقوميين والأكراد وأعضاء حركة حرية إيران أو كل من لا يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه. ثم إن لمجلس صيانة الدستور أيضا الحق في تفسير الدستور وتحديد مدى توافق القوانين التي يجيزها مجلس الشورى (البرلمان) مع مقتضيات الشريعة الإسلامية، وله حق النقض تجاه تلك القوانين.
وكثيرا ما ألغى مجلس صيانة الدستور قرارات مجلس الشورى بحكم صلاحياته مما حد من قدرة البرلمان على إصدار تشريعات حتى مع وجود أغلبية من الإصلاحيين داخل مجلس الشورى نفسه. وقد سبب إشراف مجلس صيانة الدستور على لوائح الترشحيات حدوث أزمة مع البرلمان بداية العام 2004 حين رفض المجلس 3605 مرشحين للانتخابات من أصل 8157، وكان أغلب من رفض من الإصلاحيين وبينهم 80 نائبا تقدموا لتجديد ولايتهم. كما أنه الغى حوالي ألف ترشيح من بينها طلبات ترشيح لـ 89 سيدة لانتخابات الرئاسة التي انتهت أمس بفوز محمد أحمدي نجاد.
يشار إلى أن مجلس صيانة الدستور الكثير من تشريعات البرلمان ومن أهمها قانون زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية وتعديل شروط الترشيح والانتخابات، فقد رفض البرلمان بدوره تشريع زيادة ميزانية مجلس صيانة الدستور وتشريع مراكز أبحاث ومكاتب معلومات تابعة للمجلس.
مجلس الخبراء
أما المجلس الثاني الذي من مهمات رفسنجاني كرئيس لمجمع تشخيص النظام في العلاقة التشريعية هو مجلس الخبراء الذي أنشئ عام 1979، وكان آية الله الخميني قد اقترح أن يشكل لمراجعة مسودة الدستور لتعرض في استفتاء شعبي عام. ويقوم المجلس حسب المادة 107 من دستور 1979 بانتخاب المرشد الأعلى للثورة، ويحق للمجلس حسب المادة 111 من نفس الدستور خلعه إذا ثبت عجزه عن أداء واجباته أو فقد مؤهلا من مؤهلات اختياره. ولا يجوز التصويت في البرلمان على أي نوع من التعديلات الدستورية قبل أن تصدر توصية من مجلس الخبراء بذلك الشأن، وتلزم توصياته وقراراته سائر أجهزة الدولة.
وكان عين أول مجلس خبراء عام 1979 من 70 عضوا قاموا بمراجعة مسودات الدستور وطرحوه في استفتاء شعبي عام، يوم 2 ديسمبر/ كانون الأول 1979. وفي العام 1982 ارتفع عدد أعضاء مجلس الخبراء إلى 83 عضوا بسبب التناسب الطردي بين زيادة عدد سكان إيران وعدد أعضاء المجلس، ويتألف مجلس الخبراء الآن من 86 عضوا ليس فيهم امرأة، وغالبية هؤلاء الأعضاء من رجال الدين.
وتقوم كل محافظة من محافظات إيران الـ28 باختيار ممثل لها في مجلس الخبراء، فإذا زاد عدد سكانها على المليون يحق لها انتخاب ممثل إضافي عن كل 500 ألف شخص. لذلك يوجد لطهران مثلا 16 ممثلا في مجلس الخبراء ولخراسان 8 ممثلين ولخوزستان 6 ولفارس 5.
ويتم انتخابهم بواسطة اقتراع شعبي عام ويجتمعون في دورة عادية كل سنة، ومقر اجتماعات مجلس الخبراء السنوية هو مدينة قم، إلا أن كل اجتماعات المجلس عقدت في العاصمة طهران. وتبلغ مدة مجلس الخبراء ثماني سنوات. وأعضاؤه غير ممنوعين من تولي المناصب الحكومية المختلفة.
التعليقات