اندريه مهاوج من باريس: تنظر الدوائر السياسية في فرنسا بارتياح تام الى البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الامن الدولي بشان لبنان. ومرد هذا الارتياح يعود لعدد من العوامل عبرعنها اكثر من مسؤول اما من خلال تصريحات علنية كما جاء على لسان الناطق باسم الخارجية امس او من خلال احاديث ضمن دوائر مغلقة قد تتحول اليوم الى علنية في جلسة المجلس النيابي ومسآلة الحكومة.

وقد جاء هذا البيان نتيجة جهود واتصالات دبلوماسية تتابعها فرنسا مع من تصفهم quot;بالشركاءquot; في مجلس الامن والمقصود بهم بشكل خاص الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وتمكنت خلالها من الحصول على اجماع تام وموافقة كامل الاعضاء على ما ورد في البيان الذي حمل اكثر من اشارة واضحة الى استمرار متابعة الاسرة الدولية الملف اللبناني وتطوراته بشقيها الداخلي والاقليمي في اشارة الى سوريا.

وسبب الارتياح الفرنسي ناجم بالدرجة الاولى عن تعبير واضح من الاسرة الدولية عن عزمها على تنفيذ القرارات الدولية بما يتلاق بشكل تام مع الموقف الفرنسي الذي لا يترك مسؤول في السلطة مناسبة الا ويجدد فيها وقوف فرنسا في وجه كل من يحاول الانتقاص من مساعي الحكومة اللبنانية لبسط سيطرتها ومنع اي تدخل خارجي في اشارة واضحة الى سوريا اما مباشرة او عبر حلفائها من اللبنانيين والفلسطينيين. وكان اخر المتحدثين عن هذا الامر الرئيس الفرنسي جاك شيراك خلال مؤتمره الصحافي نهار الاثنين في مدينة فرساي مع المستشارة الالمانية انجيلا ماركيل. والبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الامن يطمئن الفرنسيين الى انهم غير وحيدين في معركتهم من اجل لبنان وان الاجماع على هذا البيان ينفي اي شائعات ظهرت في الاسابيع الماضية عن صفقة ما يتم الاعداد لها مع دمشق على حساب تنفيذ القرارات الدولية وبمعنى اخر على حساب لبنان الذي تريد فرنسا قيامه.

والارتياح الاخر ناجم عن تلاقي ارادة المجتمع الدولي مع جهود فرنسا الحثيثة لدعم حكومة فؤاد السنيورة من دون ان يذكرها من خلال الدعوة الى تنفيذ البند المعلق من القرار 1559 اي نزع سلاح الميليشيات وتفكيكها والمقصود هو حزب الله والمنظمات الفلسطينية . واعادة تسليط السيف على راس هاتين الجهتين من خلال عدم تجاهل مجلس الامن تنفيذ هذا البند يتوافق تماما مع رؤية فرنسا لمقومات قيام حكومة قوية تتمتع لوحدها بالسيادة على اراضيها كما انه يعطي حكومة السنيورة ومن يقف معه من اطراف داخليين ورقة جديدة في عملية عض الاصابع مع حزب الله . والناطق باسم الخارجية الفرنسية فسر المقطع الوارد في بيان مجلس الامن عن هذه النقطة بالذات بقوله ان القرار 1559 يتحدث عن ميليشيات لبنانية وغير لبنانية اي عن كل المسلحين الموجودين على الاراضي اللبنانية مشيدا بخطوة الحكومة اللبنانية في فتح حوار مع هذه الميليشيات ومؤكدا ان الامر يعني المجتمع الدولي الذي يشجع هذه الحكومة على التقدم نحو تحقيق الهدف المنشود مما يدحض حسب رايه الاتهامات لسفيري فرنسا والولايات المتحدة بالشؤون اللبنانية.

وقد كان الناطق باسم الخارجية واضحا في قوله امس ان باريس راضية تماما عن البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الامن ووصفه بالاعلان المهم لانه يؤكد استمرار التزام مجلس الامن بالاجماع بتنفيذ القرار 1559 وتجريد الميليشيات من سلاحها وبسط سيادة الدولة اللبنانية واجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفقا لما ينص عليه الدستور اللبناني . والواضح ان هذا التذكير يرضي فرنسا التي تقاطع الرئيس اميل لحود اسوة بدول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة . كما انه يرضيها لانه يضع مجددا موضع الشك شرعية ولاية لحود الثانية الذي حاولت باريس وواشنطن عدم التجديد له في ايلول سبتمبر 2004 باصدار القرار 1559 الشهير . قرار كما هو معروف تجاهلته سوريا التي كانت تهيمن على لبنان وفرضت التجديد للحود.

من هنا فان هذا البيان مهم لناحية تذكير المسؤولين السوريين بالتزامتهم في لبنان كما انه ينبهها الى استمرار يقظة المجتمع الدولي ووقوفه صفا واحد الى جانب لبنان في الوقت الذي كان الرئيس بشار الاسد يواصل فيه هجومه على لبنان من خلال رفض ترسيم الحدود في مزارع شبعا وقوله في خطابه امام المحامين العرب ان هذا المطلب هو اسرائيلي وكذلك من خلال اعتبراه السيادة الوطنية فوق القرارات الدولية ليتملص من مطلب المثول امام لجنة التحقيق الدولية باغتيال رفيق الحريري.