نبيل شرف الدين من القاهرة: وسط توقعات بأن يصدر الرئيس المصري حسني مبارك في المرحلة المقبلة قرارا بالعفو عن أيمن نور رئيس حزب quot;الغدquot; المعارض، أو أن يطلب من محكمة النقض سرعة البت في دعوى النقض المقدمة منه، فقد سربت دوائر حزبية أنباء عن مساع لإقناع نجل الرئيس جمال مبارك بأن يقود بنفسه quot;مساعي حميدةquot; لإطلاق نور، على أن تتخذ هذه الحملة إطاراً إعلامياً حتى تجري تهيئة الرأي العام بأن هذه الخطوة ـ حال تحققها ـ جاءت نتيجة ضغوط شعبية داخلية، وليست نتيجة ضغوط خارجية وأميركية تحديداً، وألمحت المصادر ذاتها إلى أن النظام الحاكم في غنى عن تحمل تبعات سياسية واقتصادية جسيمة قد تترتب على سجن شخص، حتى لو كان أيمن نور، وأنه ليس من الحكمة أن يتكرر مجدداً سيناريو الدكتور سعد الدين إبراهيم الناشط الحقوقي والسياسي المعروف.
وتزامنت هذه التسريبات مع تصريحات أدلى بها أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري لمجلة quot;نيوزويكquot; الأميركية، قال فيها إن قضية أيمن نور قد غطت على الإصلاحات السياسية التي أقرتها مصر العام الماضي وقوضتها، معرباً عن اعتقاده بأن quot;نور مذنب في قضية تزوير أوراق تأسيس حزب quot;الغدquot; الذي يرأسه، وهي القضية التي انتهت بالحكم عليه بالسجن خمس سنوات لكن القضية أضرت بصورة مصرquot;، وأضاف نظيف قائلاً إن نور يستحق العقاب، يتعين أن أُصدق المحكمة في ذلك، لكن كم كان حجم الضرر الناتج من ذلك بالمقارنة مع حجم الضرر الذي لحق بصورة مصرquot;، على حد تعبير رئيس الوزراء المصري.
نور وعزام
تأتي هذه التطورات إثر تجاهل السلطات المصرية طلباً من السيناتور فرانك وولف عضو مجلس النواب الأميركي أثناء زيارته الأخيرة إلى مصر لمقابلة نور الذي يقضي حكما بالسجن خمسة أعوام بعد إدانته بتهمة تزوير مستندات تأسيس حزب quot;الغدquot;، ويذكر أن نور كان احتل المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية المصرية بفارق كبير بينه وبين الرئيس حسني مبارك وحصل على ثمانية في المئة من الأصوات، لكنه تقدم على نعمان جمعة رئيس حزب quot;الوفدquot;، أقدم الأحزاب في الشرق الأوسط كله وليس في مصر فحسب.
وطالبت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; في مقال افتتاحي الولايات المتحدة بسحب المساعدات العسكرية التي تقدمها لمصر، والتي تقدر بنحو 1.3 مليار دولار في العام ما لم يفرج عن نور، موضحة أن واشنطن رفضت خلال القنوات الدبلوماسية المنطق الذي ساقته القاهرة برفضها تدخل أي جهة في قضية معروضة أمام القضاء، ومشيرة إلى أن واشنطن تعتبر حبس نور قضية سياسية من الدرجة الأولى ولا علاقة لها بالقضاء المستقل وتقاليده المتعارف عليها دولياً .
من جانبها فإن جميلة إسماعيل زوجة نور والمتحدثة باسم حزب quot;الغدquot;، التي تزور العاصمة البريطانية حالياً في إطار جولة تشرح فيها قضية زوجها، اتهمت الحزب الوطني (الحاكم) الذي يتزعمه الرئيس حسني مبارك بالعمل على تصفية الحزب quot;الغدquot; بعد سجن نور، وأضافت quot;ندعو الرئيس مبارك ولجنة السياسات في الحزب الوطني (التي يرأسها ابنه جمال) وأجهزة الأمن إلى أن ترفع يدها عن حزب الغد، ويتركه يحيا ويتنفس حتى لو كانت هذه الأنفاس قصيرة محدودةquot; .
أما النائب البرلماني طلعت السادات ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، فقدم اقتراحاً للبرلمان لتبني مطالبة مبارك باستخدام سلطاته، وإصدار أمر بالإفراج عن أيمن نور، لأنه على الأقل لم يتهم بالجاسوسية كالإسرائيلي عزام عزام، الذي أطلق سراحه من أجل مصلحة مصر، فلماذا لا يصدر قرار بالإفراج عن نور أسوة بعزام عزام ؟quot;، وتساءل السادات مستنكراً : quot;هل نور أشد خطورة من عزام حتى يظل حبيساً، وهو الذي خاض الانتخابات منافساً للرئيس مبارك ؟quot; .
موقف واشنطن
ودعت الولايات المتحدة إلى الإفراج عن أيمن نور قائلة quot;إن الحكم الصادر في حقه يلقي شكوكا على التزام مصر بالإصلاح الديمقراطي وحكم القانونquot;، وذلك إثر تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، التي أكد فيها أن بلاده لن توقع على اتفاقية التجارة الحرة مع مصر ما لم تطبق الأخيرة الديمقراطية وتفرج عن أيمن نور، وهو ما ألمح إليه رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف في مقابلته مع مجلة quot;نيوزويكquot; قائلاً : quot;لقد اتخذنا كما اتخذ الرئيس مبارك على نحو خاص خطوات جريئة، وكل هذا غطت عليه قضية واحدة كهذه القضية، لقد قوضت عملية كانت في بدايتها، وأعتقد أنها عملية جيدةquot; .
من جانبها قالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وهي كبرى المنظمات الحقوقية المصرية إنها تشك في عدالة محاكمة نور وطالبت بالإفراج عنه لحين اتخاذ إجراءات الطعن على الحكم الصادر ضده أمام محكمة النقض .
جدير بالذكر أن العلاقات المصرية ـ الأميركية شهدت فتوراً خلال النصف الأول من عام 2005 بسبب ما وصفه محللون سياسيون بمواقف أميركا من قضية نور، وتعد مصر ثاني أكبر دول المنطقة حصولا على المعونات الأميركية بعد إسرائيل .
وكانت الولايات المتحدة قد أبرمت اتفاقية للتجارة الحرة مع عدد من الدول العربية، غير أنها تتلكأ في إبرام الاتفاقية نفسها مع مصر، متعللة بما تعتبره تباطؤاً مصرياً في نشر الديمقراطية، وتعطي هذه الاتفاقية ميزات نوعية للدول الموقعة عليها في تصدير منتجاتها للولايات المتحدة دون التقيد بنظام الحصص.
التعليقات