اندريه مهاوج من باريس: في خطوة تهدف الى كسر الجليد في العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية وجه الرئيس جاك شيراك رسالة الى نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اكد فيها تمسكه بتحقيق تقارب وصفه الرئيس الفرنسي بالتاريخي في العلاقات بين البلدين .

وابدى شيراك في هذه الرسالة رغبته في تحقيق هذا التقارب من خلال بناء شراكة استثنائية تنسجم مع الروابط الخاصة التي تجمع بين شعبي البلدين والمستمدة من تاريخهما مؤكدا على ان هذه الشراكة يجب ان تبنى على اساس الحوار والتعاون الذين شدد عليهما الاعلان المشترك الموقع في اذار مارس عام 2003 خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي الى الجزائر في ذلك العام .
واعرب شيراك عن ارتياحه للتقدم الذي احرزه الحوار بين الجزائر والاتحاد الاوروبي لبناء منطقة اوروـ متوسطية تنعم بالازدهار والامن والاستقرار وفقا لما نص عليه اتفاق الشراكة الاوروبي الجزائري الموقع في عام 2002 والذي تضمن بندا حول فتح مفاوضات اقامة منطقة تبادل حر بين الطرفين في عام 2017 .

ومعروف ان ماضي الاستعمار الفرنسي للجزائر لا يزال يتحكم الى حد بعيد بالعلاقات بين الطرفين وقد ادى الى ازمات متتالية زاد من حدتها تبني مجلس النواب الفرنسي في شباط من العام الماضي قانونا يمجد مرحلة الاستعمار وهو ما اثار حفيظة السلطات الجزائرية وادى بالتالي الى تاجيل التوقيع على اتفاق الصداقة المشترك على الرغم من اقدام الرئيس الفرنسي على الغاء مادة في القانون المذكور تتحدث عن الدور الايجابي للاستعمار .

وتقول مصادر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي يعتزم العمل بكل جهدquot; لتطبيع العلاقات quot; وازالة كل الشوائب السلبية التي تعكر صفو الاجواء بين البلدين خصوصا ان انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر في عام 1999 وزيارة الدولة التي قام بها لفرنسا في العام التالي كانت تبشر بفتح صفحة جديدة تعززت اجواء تكريسها خلال زيارة شيراك للجزائر في عام 2003 وكانت اول زيارة دولة لرئيس فرنسي منذ العام 1962 .

ولكن تبادل الزيارات والحوار السياسي بين الطرفين الذي تشكل عملية دمج الرعايا المغاربة في المجتمع الفرنسي والشراكة مع اوروبا وتحقيق النمو الاقتصادي وبناء نظام ديموقراطي يحفظ حقوق الانسان محورا رئيسيا لها ، لم يحققا تقدما كبيرا ولم يؤديا الى ازالة التشنج بسبب تمسك الجزائر بتقديم فرنسا اعتذارا عن الضرر الذي لحق بها خلال مرحلة الاستعمار . ويريد الرئيس الفرنسي من خلال اعادة فتح الحوار مواجهة النفوذ الاميركي المتصاعد في الجزائر ، والحفاظ على موقع بلاده الاقتصادي في هذا البلد الغني بالنفط والغاز والذي يعتبر الشريك التجاري الاول لفرنسا بين دول المغرب العربي ورابع شريك لها على المستوى العالمي . واذا كانت فرنسا تحظى بنسبة 22 بالمئة من سوق الصادرات نحو الجزائر فان 200 شركة فرنسية تعمل حاليا في الجزائر وتستخدم حوالى 7000 عامل محلي في حين يبلغ عدد المهاجرين الجزائرين الى فرنسا قرابة المليون .

وقد لعبت فرنسا دورا اساسيا في التوصل الى اتفاق مع الجزائر في ايار مايو الماضي ،حول تسوية مسالة الديون الاخيرة المستحقة لنادي باريس والذي سبق التوقيع عليه اتفاق ثنائي لديون الجزائر المستحقة لفرنسا وهو اتفاق بلغت قميته مليار و300 مليون يورو .