أسامة مهدي من لندن: اكد خبير اميركي في علوم الاحياء انه زار بقايا 380 قرية كردية في شمال العراق دمرها النظام السابق. وقال ان دراسته لمقابر
صدام : لا أدافع عن نفسي لاني أعدم مرة وليس عشر مرات |
وقال صدام اثر جدل بين المحامين وعدد من المتهمين من جهة ورئيس المحكمة محمد العريبي والمدعي العام منقذ ال فرعون من جهة اخرى، انه يشكك في اقوال الخبير الاميركي. واضاف انه لايدافع عن نفسه وانما عن الحقيقة. موضحا انه بعد الحكم عليه في قضية الدجيل بالاعدام فانه سيعدم مرة واحدة وليس عشر مرات ولذلك فهو ليس بحاجة للدفاع عن نفسه ولكنه يريد توضيح مسيرة 35 عاما عاشها الشعب العراقي. واضاف انه في ظل الانفلات الامني في العراق يسهل نقل عظام مقابر من مكان الى اخر. وقال في هذا الإطار: quot;اذا اعطاني القاضي مهلة عشرة ايام فاني استطيع ان ادله على مقبرة جماعية تضم عظام 400 كردي وعربيquot;.
الشاهد الأميركي
أما الشاهد الأميركي الذي قدّم كشاهد اثبات في القضية فهو كلايد كولن سنو من مواليد 1928 ويسكن في ولاية أوكلاهوما الأميركية. وهو خبير في علوم الأحياء والحيوان وأصل الانسان (أنثروبولوجيا) وكذلك في الطب الشرعي. وقد قدم نفسه على انه خبير في أشكال العظام والجماجم وفي ارتباطها بالأصول البشرية وفي القضايا الشرعية التي تعنى بالتعرف على الضحايا من خلال بقاياهم العظمية وتحديد أسباب وفاتهم ووقت حدوث الوفاة والجنس.
ثم اوضح الإدعاء أن سنو هو الخبير الطبي الذي قام باكتشاف القبور الجماعية في قرية كورومي وقد قام بتصوير فيلم وثّق فيه اكتشافه. لكن الدفاع عارض سماع الخبير بدعوى أن هناك تقرير حول هذه الحادثة أعد من قبله في السابق والدفاع بحاجة إلى وقت للإطلاع عليه طالباً تأجيل سماع شهادته ريثما يتحقق هذا الأمر.
ثم حصل جدل حامي بين الإدعاء ومحامي الدفاع والقاضي حول الاستماع للشاهد الأميركي باعتبار أن الدفاع يعتبره طرفاً بينما يصر الإدعاء على أنه خبير محايد، حتى وإن كان هو المشرف على عمليات الكشف عن المقابر الجماعية بطلب من المشتكين.
وسمح القاضي بعد ذلك للخبير الأميركي سنو بالتحدث فقال أنه جاء إلى كردستان العراق عام 1991 للتحقيق في مجزرة تمت عام 1988 في قرية كوريمي وقد استقدمته منظمات عالمية لحقوق الانسان وروى مشاهداته لأكثر من 380 قرية كردية مدمرة بعد حملة الأنفال. وقال انه وصل الى القرية مستعيناً بالبغال وسط الثلج الكثيف، ووجد القرية كلها وقد سوّيت بالأرض، ولم يظهر منها سوى ركام المدرسة. ولجأ الى أحد المغاور التي تحولت إلى مسكن لمن تمكن من النجاة من فرق الموت. واشار الى ان السكان أرشدوه الى مكان وجود المقبرة وقد وجدت فيها العديد من العظام وعليها آثار مشابهة للآثار التي تخلفها الطلقات النارية.
واستعرض الخبير الأميركي مشاهداته للقرية التي كان سكانها قد أخلوها وفروا إلى تركيا. وقال أنه تمكن لاحقا بعد بدء عودة العائلات أواخر شتاء ذلك العام من الاستعانة بمساعدة العائلات للتعرف على بقايا أبنائها. واستعان الأهل بذاكرتهم للتعرف على ملابس ومتاع أقربائهم وأبنائهم الموجودين في المقبرة وكان ذوي صاحب الجثة التي يتم التعرف عليها يأتون كل يوم ويجلسون الى جانب جثث أقربائهم.
ثم عرض سنو امام المحكمة صوراً للهياكل العظمية والبقايا البشرية التي تم العثور عليها في المقبرة الجماعية. وقال أنه بعد فترة تمكن من جمع العديد من الهياكل العظمية بمعدل هيكلين عظميين في النهار وأرسلها الى مشرحة في مدينة دهوك وبلغ عدد إجمالي الجثث في تلك المقبرة 27. وقدم شرحا لكيفية التعرف على الجثث في المقبرة عبر التأكد من جروح قديمة أو من أسنان ذهبية أو من خصائص وراثية معينة.
واكد سنو ان الجثث السبع والعشرين تعرضت لأربع وثمانين طلقة رصاص منها عشرة في الرأس، وأربع وعشرين في أعلى القفص الصدري. ملاحظاً أيضاً ارتفاع نسبة الإصابات في الأقدام مما يؤكد ان الضحايا كانوا جالسين على الأرض في وضعية القرفصاء. وهذا ما أكده له أيضاً الشهود الذين ظلوا أحياء. ثم عرض بيانات إضافية تبرهن أن أصحاب بعض الجثث، عانوا من فترات جوع طويلة مستعيناً كبرهان بهيكل عظمي لطفلة في أشهرها الأولى عانت من توقف النمو بعد ان أكد شقيقها أن الجوع أفقد والدتها إمكانية تغذيتها بالحليب.
وتحدث سنو عن مشروع أخر عمل عليه في قرية بيرجيني، حيث قام بالتحقق من مزاعم قصف القرية بالقنابل الكيماوية في 25 اب (أغسطس) عام 1988. واكد أنه عثر هناك على العديد من الجثث المكومة بطريقة بشعة بشكل جماعي وقد وجد عليها الكثير من يرقات الحشرات مما يؤكد أن الدفن تم بعد عدة أيام من موت أصحاب هذه الجثث. واكد أن الهياكل العظمية في بيرجيني لم تظهر عليها أي من آثار التعذيب أو التشويه التي ظهرت في كوريمي مما يؤكد ان هذه الجثث ماتت بتأثير السلاح الكيماوي. واكد أن العينات التي أخذها من الجثث أظهرت وجود آثار من غازي الخردل والسيرين وقد أثبتت ذلك مختبرات دولية.
وبعد الادلاء بشهادته اعتبر الإدعاء حديث الخبير الاميركي كلاماً علمياً دقيقاً لا يقبل الطعن وطالب المحكمة بالأخذ بالإفادة كاملة. وعلى العكس من ذلك شكك الدفاع بمصداقية افادة سنو مؤكدا أنه ليس خبيرا ثم ناقشه في تفاصيل علمية تحديد وقت الوفاة بالنسبة للجثة التي لم يتبق منها الا العظام. وقال الدفاع أن سنو عاجز عن تحديد الفترة الزمنية التي حدثت خلالها الوفاة بشكل دقيق حيث أن الهامش يقدر ببضعة أشهر وهذا أمر شديد الأهمية.
واوضح الخبير ردا على سؤال للدفاع عن هوية المؤسسة التي كلفته بالبحث عن المقابر الجماعية فاشار الى انها بريطانية لكنه لايعرف فيما اذا كانت عسكرية ام مدنية. مؤكدا انه لم يتلق أي اجر عن بحثه .
المشتكي الكردي
وقال المشتكي الكردي الاول في جلسة اليوم خضر قادر محمد انه من مواليد 1970 ويشتغل عاملا وكان عنصرا في قوات البشمركة الكردية. وقال ان القوات العراقية قصفت قريته في ابار (مايو) عام 1988 بالاسلحة العسكرية مما ادى الى مقتل 30 من سكانها. ثم قامت القوات باعتقال الباقين ونقلهم الى منطقة خابات وهناك تم التحقيق معهم وتعذيبهم وضربهم بعصي كهربائية ومنها نقلوا الى مديرية امن مدينة اربيل.
واضاف انه والمعتقلين نقلوا بسيارات الى مكان لم يذكره حيث توقفت بعد سير استمر حوالي 3 ساعات. حينها اخذوا الى حفرة وبدأ الجنود باطلاق النارعليهم فاصيب هو بكتفه ثم قام عناصر الأمن بعد ذلك بردم الحفرة بعد ذلك على من كان داخلها. وقال انه شعر بعد ذلك أنهم قاموا بالصعود إلى السيارة والمغادرة فخرج من الحفرة وسار على قدميه الى ان وصل الى بيت لرجل عربي من قبيلة شمر والذي قام باطعامه واخبره انه الان في منطقة الحضر القريبة من مدينة الموصل الشمالية.
وقال انه غادر بعد ذلك الى قرية تضم ثلاثة دور فبات في إحداها وفي الصباح تابع السير فوصل إلى قرية لم يفصح عن أسمها وبقي فيها ثلاثة أيام تم خلالها علاجه من جراحه. واضاف انه ذهب بعد ذلك الى منطقة بامرزا حيث لجأ الى عائلة تنتمي إلى الحزب الشيوعي وبعدها وصل إلى رجال البشمركة الذين أخرجوه في 12 / 11 / 1989 إلى إيران. واوضح ان السلطات اعطت والده شهادة وفاة له وابلغته ان ابنه كان عميلا لبارزاني (مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني). وبناء على طلب المحامين عرض على المحكمة اثار اصابته باطلاق النار لدى قيام الجنود بقتل مجموعة من المعتقلين.
وفي بداية جلسة اليوم غادرها محامو المتهمين الذين انتدبتهم المحكمة بعد انسحاب هيئة الدفاع من المحكمة احتجاجا في ايلول (سبتمبر) الماضي على بعض الاجراءات وذلك بعد حضورالمحامين الاصليين المنسحبين جلسة اليوم.
الدوري ينفي مشاركته في الانفال
وقد نفى رئيس جهاز المخابرات العسكرية السابق صابر الدوري مشاركته في عمليات الانفال وقال ان وسائل الاعلام عندما تتحدث عن قضية الانفال تشير الى انه كان من المنفذين الرئيسيين لها. موضحا ان المخابرات دورها جمع المعلومات عن quot;العدوquot; وليس المشاركة في العمليات العسكرية التنفيذية . وقال اذا كان جمع المعلومات يعتبر تحريضا او مشاركة في العمليات العسكرية فانه يجب تقديم جميع مسؤولي الاستخبارات في العالم للمحاكمة . واشار الى انه يتمنى ان لايكون مصدر الاتهامات ضده احد مسؤولي المحكمة في اشارة على مايبدو الى جعفر الموسوي رئيس هيئة الادعاء العام في محكمة الدجيل الذي عادة مايدلي بتصريحات عن المتهمين ومحاكمتهم.
وقد اجاب القاضي محمد العريبي الخليقة على الدوري موضحا بان المحكمة ليست لها علاقة بما ينشره الاعلام وان كل معلومات رسمية هي التي تصدر عن الناطق الرسمي للمحكمة.
وقد استمعت المحكمة امس الى اثنين من المشتكين من بين اكثر من الف سجلوا للتقدم بشهادات ادانة حيث اكد احدهما ان الجنود العراقيين قاموا بدفن معتقلين اكراد في حفرة جماعية كبيرة بينما قال الثاني ان الجنود قتلوا والدته وشقيقاته الثلاث وخالته وابناءها امام عينية وذلك خلال عمليات الهجوم على القرى الكردية عام 1988.
وادلى امام المحكمة باقوالهم 80 مشتكيا منذ بدء جلساتها للنظر في هذه القضية في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي. واكد المدعي العام للمحكمة ان لديه شريطا صوتيا ووثائق تثبت ان الرئيس العراقي السابق امر شخصيا بضرب الاكراد العراقيين في شمال العراق في الثمانينيات بالغاز.
وقال منقذ الفرعون ان لديه اشرطة صوتية لاجتماعات جرت في بغداد بين صدام وكبار مسؤوليه في قيادة حزب البعث بشمال العراق. وفي احدها يقول لهم انهم يجب الا يستخدموا مثل هذه الاسلحة الا بتفويض منه وقال لهم ان امر استخدام الاسلحة الكيماوية بيد صدام وحده. واشار الى ان الادعاء سيقدم الاشرطة الى المحكمة التي ستراجعها وتقرر ما اذا كان يمكن قبولها كأدلة. واضاف ان الادعاء لديه ايضا وثائق موقعة من صدام وصادرة من مكتبه امر فيها باستخدام الاسلحة الكيماوية ضد الاكراد اثناء حملة الانفال موضحا ان هذه الوثائق والاشرطة ستكون مفتاح الادعاء في اثبات المسؤولية الجنائية ضد صدام.
المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي الكيماوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot;إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنانquot;.
التعليقات