أسامة مهدي من لندن: حذرت منظمة عراقية من ان تؤدي حالة الاضطراب الحالية التي تمر بها البلاد بالوقوع في فراغ دستوري وسياسي يعمق انهيار الامن وشل مؤسسات الدولة والسلطات القانونية وبما ينعكس بصورة مأساوية على حياة العراقييين الذين عانوا من تصاعد موجات العنف الاخيرة ، في محاولة من قوى الارهاب لجر العراق لفتنة دموية و حرب اهلية تقوم على الهوية المذهبية و التطهير المذهبي ، فيما اكد الاتحاد الاوروبي تضامنه مع الشعب العراقي في ظروفه الصعبة الحالية واكد تطلعه لتشكيل الحكومة الجديدة لتطوير التعاون المشترك .

فقد حذر مرصد الديمقراطية في العراق من ان حالة من الاضطراب السياسي والصراعات الحزبية والشخصية الحالية والاكثر حدة منذ ثلاث سنوات تهدد بنسف العملية الديمقراطية القائمة على الانتخابات وصناديق الاقتراع والمرجعيات الدستورية المتمثلة بقانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية والدستور المستفتى عليه وتتنكر لارادة قطاعات الشعب التي اختارت بتضحيات نادرة في تاريخ الديمقراطيات الحديثة ممثليها ونوابها وحكومتها.

واشار المرصد وهو منظمة مدنية غير حكومية تتخذ من العراق ودول اوربية مقرات له في بيان صحافي حول التطورات السياسية والامنية الحالية في العراق في بيان صحافي ارسل نصه الى quot;ايلافquot; اليوم ان حالة الاضطراب هذه تهدد بوقوع البلاد في فراغ دستوري وسياسي يعمق انهيار الامن وشل مؤسسات الدولة والسلطات القانونية التي ما تزال ضعيفة وفي بداية تشكيلاتها , مما ينعكس بصورة سلبية ومأساوية, على حياة العراقييين الذين عانوا من تصاعد موجات العنف في الاسابيع الاخيرة بعد تفجير مرقدي الامامين الهادي والعسكري في سامراء في محاولة من قوى الارهاب لجر البلاد لفتنة دموية وحرب اهلية تقوم على الهوية المذهبية والتطهير المذهبي .

واضاف ان حكومة منتخبة تمثل طرفا واحدا و خاضعة لبرلمان منتخب افضل لأي بلاد من أي فراغ سياسي او فوضى امنية وسياسية تقود البلاد إلى الهاوية. ان الاستحقاق الانتخابي امر دستوري , و هو محتوى الديمقراطية وجوهرها, واذا كان العراق اليوم بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية فان هذه الوحدة تقوم على الحوار والتسويات والاتفاقات الطوعية والتنازلات المتبادلة بين القوى السياسية, وليست حكما قاطعا لرغبات الاحزاب والاشخاص والايديولوجيات والمصالح الحزبية او الشخصية.ان مرجعية الدستور في النظام الديمقراطي اعلى واكبر من نفوذ أي حزب او شخص او منصب في البلاد. ولا يمكن اخضاع نتائج الانتخابات لاية اعتبارات شخصية او حزبية او نوايا , ولايمكن الغاء التعددية التي تمثلها , وهي تعددية متحققة في العراق في البرلمان ومؤسسات الدولة كمجلس الرئاسة ورئاسة البرلمان والحكومة حيث تضم هذه المؤسسات مكونات الشعب العراقي التي اخذت تتردد باستمرار وبتسميات شاعت مثل الشيعة والسنة والاكراد بالدرجة الاولى .

وقال المرصد ان اغلب القوى التي شاركت في الانتخابات وحصلت على اصوات تؤهلها الدخول إلى البرلمان, تضعف من هيبة البرلمان ولاتقدر اهميته ووظيفته حين لا تعير اولوية لدوره ووظيفته التي يجعلها الدستور فوق الحكومة ومشرفة على اعمالها . بل ان ما يحدث اليوم هو قلب للمنطق الديمقراطي حيث تعطي القوى السياسية العراقية الحكومة دورا اكبر من البرلمان باصرارها على المشاركة الحكومية واصرار بعضها على التهديد بتخريب العملية السياسية اذا لم تحصل على وزارات , وهو موقف غير ديمقراطي وغير دستوري يشير إلى ضعف الايمان بالديمقراطية اواحتقارها واعتبارها عملية خاضعة لقوة السلاح او التهديد به , او تعريض مصالح البلاد الوطنية العليا للخطر , ومنها مصلحة البلاد في الاستقرار وبدء العملية السياسية على اسس الاستقرار الامني والدستوري , وتفعيل القانون والشروع بتلبية الحاجات الاساسية للمواطنينن , واعادة اعمار البلاد واطلاق فرص العمل وتقليص البطالة , واعادة اللحمة الوطنية للنسيج الاجتماعي الممزق والذي يهدد البطء بتتشكيل الحكومة ووضع العراقيل امامها, بتمزيقه أكثر فاكثر.

واشار الى ان معارضة برلمانية قوية امر لابد منه للديمقراطية لتحقيق توزيع السلطات ومراكز القرار ومراقبة للحكومة وهذه الحالة افضل بكثير لأي بلد من حكومة من جميع الاطراف حيث لايبقى ثمة فرصة للرقابة ومعارضة الاجراءات الحكومية غير المقبولة , كما ان قضايا النزاهة واستقلال القضاء وحرية الصحافة واستقلال منظمات المجتمع المدني ترتبط اساسا بتوزيع القوى على حكومة وبرلمان واحزاب. واضاف ان الامر المقلق هو ان وعود الديمقراطية اصبحت تتبخر وان هناك محاولات محمومة تستخدم لغة التصعيد والتوتير والتهديد لالغاء معايير وقيم الديمقراطية وقتل ارادة الشعب والتنكر لمفهوم الاغلبية والغاء هوية المواطنة على اساس الانتماء للدولة وليس للحزب او الحكومة او الفكر السياسي ، في وقت يقلق ايضا تصاعد موجة الاغتيالات التي تطال الاكاديميين الذي وصل عدد من اغتيل منهم أكثر من مائة وخمسة اكادييمين حصلنا على اسمائهم وعناوين وظائفهم, وسنقوم بنشرها لاحقا, وكذلك الصحفيين الذين اصبحوا يتعرضون للقتل وهم في بحثهم عن الحقيقة , فضلا عن الحلاقين والخبازين واصحاب محلات القوت اليومي للمواطنين. كما يقلقنا اعتماد معايير التوظيف في مؤسسات الدولة على اساس التزكيات الحزبية والقومية والدينية , اذ ان هذه الظاهرة تحزب الدولة وتجعلها مقتصرة على اتباع الاحزاب وليس على مواطنين.

في مثل هذا الاضطراب وفقدان الامن والخدمات والتصفيات الجماعية على الهوية , تسعى بعض القوى السياسية لخرق الديمقراطية وبالتالي لابقاء البلاد في آتون الفوضى والخراب وفقدان الامن والخوف دون ادنى شعور بمسؤوليتها الدستورية في اطار برلمان شرعي منتخب قادر على تلبية حاجات الناخبين وتأمين متطلباتهم التي شاركوا في عملية الانتخاب على اساسها .
واوضح ان صوت الناخب هو من اجل مصلحته وليس من اجل مصلحة المرشح الذي يستخدم هذا الصوت لتعطيل العملية الديمقراطية من اجل مصالحه الشخصية والحزبية.
ان مخاطر تعطيل الديمقراطية ربما تقود البلاد إلى نظام لايمثل ارادة الشعب ولا يلبي مطامحه , و ربما يقود إلى تطببق نموذج باكستان ذات الحكم المدني الديمقراطي الذي تعطله بين حقبة واخرى انقلابات الجيش والغاء الديمقراطية وفرض دكتاتورية عسكرية باستخدام العنف والعسف.كما نراقب بقلق محاولات الالتفاف على الديمقراطية وتعطيل الدستور بالاصرار على تشكيل مجالس - من اجل الاشخاص وادخالهم بدور جديد - خارج الدستور ولاتحمل أية صفة دستورية كاقتراح مجلس فوق الحكومة او مواز للبرلمان يتجاوز تسميته الاستشارية إلى مايذكر بدور مجلس قيادة الثورة المنحل.
ودعا المرصد جميع القوى والشخصيات وفئات المواطنين العراقيين الى اتباع وسائل الحوار والاقناع للوصول الى تسويات عادلة استنادا الى نتائج الانتخابات والاخذ بنطر الاعتبار الحاجة الى المشاركة السياسية للجميع في استقرار الاوضاع وتأمين متطلبات الحد الادنى من تحمل المسؤولية في الظروف الراهنة وطالب بحكومة استحقاق انتخابي زائدا مشاركة وطنية بما لايخرق قواعد الديمقراطية ولا ينتهك الدستور.

ومن جهة اخرى أكدت القائمة بأعمال السفارة النمساوية في العراق كودرن هايير على اهتمام الاتحاد الأوروبي بالشأن العراقي وقالت في مؤتمر صحافي عقدته اليوم الأحد في بغداد عقب اجتماعها مع الرئيس جلال طالباني quot;ان وجودي في بغداد كممثلة للحكومة النمساوية في فترة رئاستها للاتحاد الأوروبي هو دليل على حرص الاتحاد الأوروبي على استتباب الوضع في العراقquot;.
و أضافت quot;ان وجودنا اليوم في بغداد هو دليل على تضامننا مع الشعب العراقي في هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها البلادquot;. وعن سؤال بشأن دور الاتحاد الأوروبي في العراق أوضحت هايير quot;ان الحكومة النمساوية و الاتحاد الأوروبي ينتظران تشكيل الحكومة في العراق للسنوات الأربع المقبلةquot;، مؤكدة ان quot; العلاقات مع العراق ستتطور على نحو ملموس بين العراق و الاتحاد الأوروبي بما فيه خير للشعب العراقيquot;.