تفاصيل التحقيقات في أحداث الوفد المصري

نبيل شرف الدين من القاهرة: في بيان اتسم بلهجة بالغة القسوة، وفي خطوة تبدو كأنها انقسام في مواقف القضاة المصريين حيال المواقف المثارة في الشارع السياسي المصري، أكد مجلس رؤساء محاكم الاستئناف رفض ما أسماه quot;أي ممارسات من قضاة خارجة على الشرعية والدستور والقانون والتقاليد القضائية المتفق عليها في جميع دول العالمquot;، مشدداً على أن مجلس القضاء الأعلى هو المهمين على شؤون القضاة طبقا للقانون لا يزاحمه أي فرد أو مجموعة أو جهة سياسية أو غير سياسية تنفيذية أو غير تنفيذية وليست هناك أي وصاية عليه من قاض أو مجموعة قضاة أيا كانت تسميتهم .

وفي لهجة لا تخلو من مغزى، وتلميحاً للأزمة بين نادي القضاء ومجلسه الأعلى، أشار مجلس رؤساء محاكم الاستئناف ـ في بيان أصدره عقب اجتماعه اليوم الأحد ـ إلى أن quot;تقاليد القضاء في مصر راسخة رسوخ الهرم .. وأن مصر العريقة لها مؤسساتها الشرعية لايجوز الوصاية عليها من الخارجquot;، وفق ما ورد في بيان المجلس الذي تلقت (إيلاف) نسخة منه .

المجلس والنادي

وانتقل القضاة المصريون إلى بؤرة الخلاف بين مؤيدي النظام ومعارضيه ونشرت الصحف المحلية عدة بيانات عبر فيها فريقان من القضاة، الأول يمثله quot;نادي القضاةquot; المنتخب، والثاني المجلس الأعلى للقضاء الذي يضم كبار القضاة المعينين في مناصب رفيعة، وقد عبر كل فريق عن مواقفه حيال عدة قضايا منها الاشراف على الانتخابات، وإقرار قانون جديد للسلطة القضائية وضوابط استقلال القضاء وغير ذلك من القضايا المطروحة بإلحاح على الساحة المصرية .
وكان مجلس رؤساء محاكم الاستئناف المصرية قد اجتمع اليوم الأحد في مقره في دار القضاء العالي برئاسة المستشار أحمد خليفة رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس المجلس، وعضوية كل من المستشارين عادل زكي أندراوس رئيس محكمة استئناف الاسكندرية، زكي بقطريس رئيس محكمة استئناف طنطا، حسن سليمان رئيس محكمة استئناف المنصورة، ناجي حبيب غبريال رئيس محكمة استئناف الاسماعيلية، محمد عبدالحكم البنا رئيس محكمة استئناف بني سويف، محمد حسن مصطفى غيته رئيس محكمة استئناف اسيوط، أبوبكر وهبه الهلالي رئيس محكمة استئناف قنا، وأصدر المجلس بيانا هذا نصه :

نص البيان

quot;إن مجلس رؤساء محاكم الاستئناف وهو يمثل مجموع مستشاري محاكم الاستئناف في مصر وبالنظر للأحداث الراهنة وما تم من مداولات وإبداء للآراء من السادة المستشارين بمحاكم الاستئناف، فقد انعقد اجماعهم استشعارا منهم لمسؤوليتهم تجاه وطنهم واعتصامهم بالشرعية وتمسكا منهم بتقاليد القضاء الراسخة وأعرافه المستقرة، فإن مجلس رؤساء الاستئناف وهو يمثلهم، وقد أهمه ما يفعله بعض من القضاة استغلوا ظروفا ومواقع ادعوا لأنفسهم وصاية على زملائهم وعلى الأمة بأسرها ليخرجوا على غير مسبوق عن غاية القضاء وحيدته ونزلوا من مكانه السامق إلى الطريق العام ليعتركوا مع المعتركين خروجا على القانون في حماية من حصانة وضعت لتحميهم لا ليمتطوا صهوتها ملوحين بصفتهم القضائية وأوشحتها ليخرجوا على الشرعية ضاربين بالدستور والقانون عرض الحائط، ملتحفين عباءة ما أسموه استقلال القضاء، وكأن القضاء في مصر غير مستقل .
ولم يكن القضاء في يوم من الأيام في مصر غير مستقل، فالقضاء الحديث منذ نيف وقرن من الزمان والدولة في كافة عهودها تنأى بنفسها عن التدخل في القضاء فضلا عن النيل من استقلاله، هذا الاستقلال ليس عماده نصا في قانون أو منحة من حاكم ولكن عماده وركيزته قضاة، كانوا وما زالوا دوما مستقلين، وحكاما دائما يفخرون بقضائهم ويعرفون قدر قضاتهم، ولنسأل انفسنا من قضي على غير رأيه تحت قوة أو إرهاب حاكم، فالعيب يكون في شخص من فرط في استقلاله وهرول هنا أو هناك، أم أن معنى الاستقلال، أن تكون الغلبة والقوة والسيطرة لقلة واجبهم هو خدمة رجال القضاء الاجتماعية - ولهم دون غيرهم - دون اعتبار لدستور أو قانون أو مجلس قضاءquot; .
وكانت الطامة الكبرى يوم خرج القضاة إلى وسائل الإعلام دائبين على النيل من كل عزيز ليفرضوا وصاية بالصوت العالي والعبارات غير اللائقة، يوم خرجوا من محراب القضاء يتكلمون في الطرقات يضعون زي القضاء على أبدانهم، الأوسمة التي ما كانت إلا لتكون على منصات القضاء أوسمة بحق، وصمتنا لعلهم يرعوون ولكن كانت واقعة توجب من الوقوف والقول .

التدخل الدولي

ومضى بيان مجلس رؤساء محاكم الاستئناف المصرية قائلاً : quot;يقول خبر الواقعة إن قضاة يلتقون في ناديهم العتيد مع ما يسمى بجماعة (حقوق الإنسان) الأميركية ... ونقول :
أولا: إن مجموعة حقوق الإنسان الأميركية هي مجموعة شكلها أميركي وقلبها صهيوني فإذا لم تكونوا تعرفون فاسألوا تعرفوا، أم أنكم تريدون حقوق إنسان على طريقة غوانتنامو وأبو غريب، أو حقوق إنسان على الطريقة الصهيونية في فلسطين .
ثانيا: ياترى يشتكون إليهم فيأتون لهم باستقلال القضاء المدعي بفقدانه على أسنة الرماح، أم هناك أمور لايعلمها باقي القضاة .
ثالثا: أم أن الاجتماع استكمال لدعوة من بعض القضاة بوجوب التدخل الدولي ويوضع موضع التنفيذ أهو استدعاء للوصاية الدولية على مصر ممثلا في قضائها ضمير الأمة كما يقولون، أو هو استكمال لدعوة لجنة تحقيق دولية هدما لتاريخ القضاء المصري، وإذا لم تكن مصر مستقلة فهل يمكن أن يكون هناك قضاء مستقل ؟ .
رابعا: القضاء هو القضاء فإذا لم يعجبكم فاستقيلوا وجاهدوا في السياسة كما تشاؤون ولايكون القضاء مطية لأغراض سياسية ولانعتقد أن هذا مقبول ممن يلبسون ثياب الشجعان والبطولة وضمير الأمة .
خامسا: وإذا كان لكم يا قضاة رأي في الحكم والدستور والقانون في الشارع السياسي، هل يمكن بعد ذلك أن تدعوا الحيدة في احكامكم التي هي ميزة القضاة، ميزة وجوب لا ميزة رفاهية .
سادسا: لقد أهنتم القضاة فكانوا غير مستقلين وكانوا خانعين وكانوا مزورين ومنبطحين فماذا بقي لنا سامحكم الله .
سابعا: هل لمجرد أن يقف قضاة على قارعة الطريق بالوشاح المقدس ليس محله إلا المنصة العالية .. أن يكون لهم الوصاية على جميع القضاة .
ثامنا: إن الدعوة إلى ما يسمى بالوقفة الاحتجاجية في دار القضاء العالي يوم الخميس الموافق 25 / 5 / 2006 ودعوة مؤسسات المجتمع المدني ومن يريد أن ينضم إلى تلك الوقفة، يرى مستشارو الاستئناف أنها تفتح مجالا وسجالا لكل التيارات على تباينها وتعارضها وتخلق مناخا سياسيا داخل القضاء وتعبر عن انتماء لفكر بعينه أو تبني وجهة نظر دون أخرى مما يخرج القاضي عن حياده وتجرده وتقاليده ويوقع بالقضاة في المعترك السياسي بكل ما يعتريه من متغيرات وانتماءات ما يؤثر بلا ريب على آدائهم لرسالتهم السامية، وهي أمور يربأ القضاة بأنفسهم عنها .