أسامة العيسة من القدس: خلال الأسبوع الماضي، كان لدى يوفال ديسكن رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) ما يفخر به، وهو أن جهازه تمكن بالتعاون مع مختلف الأذرع الأمنية الإسرائيلية الأخرى من اعتقال 15 شابا فلسطينيا وصفهم بأنهم quot;منتحرون كانوا على أهبة الاستعداد لتنفيذ عمليات إسرائيلية في المدن الإسرائيليةquot;، ولكن لسوء حظ ديسكن، لم يكن بينهم سامر سميح حماد (20) عاما، الذي تمكن اليوم من التسلل إلى تل أبيب ليفجر نفسه في محطة الحافلات في الساعة 1.41 دقيقة من بعد ظهر اليوم، بالتوقيت المحلي.

وينتمي حماد، إلى سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، التي كانت نفذت آخر عملية تفجيرية، وفي المكان نفسه لعملية اليوم ، بتاريخ 10 كانون الثاني (يناير) الماضي. وتمت العملية التي نفذها حماد اليوم، بالسيناريو نفسه الذي نفذت به العملية الماضية، حيث فجر حماد نفسه خارج مطعم لبيع الشاورما، بعد ان اشتبه به حارس المطعم.

ولكن الفرق بين العمليتين، أن الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، طور في هذه العمليات تقنيات جديدة من مواد أولية، ليجعل الانفجار أقوى وهو ما حدث، ليرفع عدد قتلى العملية إلى تسعة إسرائيليين وعدد الجرحى إلى أربعين ستة منهم في حالة خطرة، وفقا لإحصائية رسمية جديدة.

ووقعت عملية تل أبيب، مع بدء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عملية اجتياح كبيرة لمدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، لاعتقال مطلوبين، وانتهت بإعلان هذه الأجهزة عن اعتقالها ثلاثة quot;انتحاريين مفترضينquot;. ومن الصعب على ديسكن أن يحدد، إذا كان المعتقلون الثلاثة هم من quot;قائمة الاستشهاديينquot; التي أعلن عنها ناطق باسم الجناح العسكري لحركة الجهاد اليوم.

وقال أبو احمد المتحدث باسم سرايا القدس، في حديث للتلفزيون الإسرائيلي ان السرايا quot;شكلت فصيلا من 70 استشهاديا واستشهادية في الضفة الغربية لضرب أهداف في العمق الصهيونيquot; متوعدا الإسرائيليين بعمليات جديدة. ولا يعرف مدى صدقية التصريحات التي أطلقها أبو احمد، ولكن ثبت بان حركته التي تعرضت طوال الأشهر الماضية إلى حرب ضروس شنتها عليها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وقتلت وجرحت واعتقلت خلالها قادتها وكوادرها خصوصا في شمال الضفة الغربية، قادرة على توجيه ضربات في العمق الإسرائيلي، مثلما حدث اليوم، عندما لدغت تل أبيب من الجحر نفسه مرتين.

وعكست ردود الفعل الإسرائيلية على العملية الأولى بعد تسلم الحكومة الفلسطينية الجديدة زمام الأمور بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، هستيريا واضحة، خصوصا وان العملية تزامنت مع بدء الكنيست الـ 17 الجديدة عملها اليوم.

وهاجم ممثلو التيارات السياسية الإسرائيلية المختلفة، حركة حماس، وقال عضو الكنيست سيلفان شالوم عن حزب الليكود إن quot;الوضع الذي تترأس فيه حكومة حماس السلطة الفلسطينية هو وضع لا يحتملquot; واعتبر أن تولي حكومة حماس رئاسة الحكومة الفلسطينية هو quot;خطأ فادحquot; قائلا quot;حكومة حماس لا تفعل شيئاً، سوى تشجيع القيام بعمليات مسلحة وذلك يعد أمر خطراً للغاية. لقد تولت السلطة من خلال تعهدات للفلسطينيين مواصلة العمل على تدمير إسرائيلquot;. وحاول أن يظهر شيمون بيرس عضو الكنيست عن حزب كاديما، اكثر توازنا واصر على أداء اليمين للكنيست، كما كان مقررا مسبقا.

وقال عمير بيرتس رئيس حزب العمل quot;هذا وقت عصيب، وبالأخص هذا اليوم. أنا على ثقة من أن الكنيست كله سيعلن الحرب ضد الإرهاب الذي يُعد عدونا جميعاً. سنمنح كل الدعم لقوات الأمنquot;.

أما رجل الاستخبارات السابق داني ياتوم عضو الكنيست عن حزب العمل، فحاول التقليل من تداعيات العملية قائلا quot;إن حقيقة أن المنظمات المسلحة لم تنجح في تنفيذ عمليات إرهابية حتى الآن هو نجاح لقوات الأمن التي أحبطت عمليات إرهابية عديدةquot;.
واضاف quot;للأسف الشديد هذه ليست العملية الإرهابية الأخيرة. يجب محاربة الإرهاب بكل قوة، وفي المقابل البحث عن مسار تفاوض مع أبو مازن وليس مع منظمة حماس، لان ذلك يؤدي إلى التعاون في طريق مكافحة الإرهابquot;.

وقال أوري أريئيل عضو الكنيست عن حزب الاتحاد القومي المتطرف ان العملية تعتبر تنبيها مؤلما إلى quot;أن الهرب لن يؤدي إلى الهدوء، بل سيؤدي إلى وقوع عمليات إرهابية أخرىquot;. واضاف quot;أتمنى أن يعلم رئيس الوزراء كيفية معالجة الأمر وألا يفر من الإرهاب، لأنه سيلاحقه وسيلاحقناquot;.

وحمل رعنان غيسين المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي حكومة حماس مسؤولية العملية، التي شكلت إحراجا كبيرا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وفقا لمصادر مستقلة، ولكن هذه الأجهزة حاولت تبرير فشلها، في إحباط العملية، مشيرة إلى انه لم يكن هناك أي إنذار محدد بشأن تنفيذ عملية في مدينة تل أبيب اليوم، رغم أن مصادر هذه الأجهزة أعلنت أنه لديها ما وصفته 19 إنذاراً محدداً بشأن اعتزام فصائل المقاومة تنفيذ عمليات، بالإضافة إلى نحو 80 إنذارا عاما. ولم يشكل هذا عزاء مناسبا لأصحاب المحلات في محطة الحافلات القديمة في مدينة تل أبيب، الذين قرر كثيرون منهم، الرحيل عن المكان فورا، أما الباقي، فانهم على اعتقاد بان وقوع عملية جديدة هو مسألة وقت.