سكينة اصنيب من نواكشوط: كان من بين معتقلى سجن غوانتانامو الذين نشرت وزارة الدفاع الأميركية للمرة الأولى أسمائهم وبلغ عددهم 558 معتقلا، ثلاثة موريتانيين هم محمد الأمين ولد سيد محمد، وأحمد ولد عبد العزيز، ومحمدو ولد صلاحي. كما تضمنت لائحة وزارة الدفاع الأميركية أسماء وأرقام التعريف وجنسيات المعتقلين، والذين كان من ضمنهم معتقلا من 41 بلدا بما فيهم 132 معتقلا من المملكة العربية السعودية، تليها أفغانستان 125 معتقلا، ثم اليمن 107 محتجزا.

وكان نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع الذي أطيح في 3 أغسطس (آب) الماضي بعد أن أمضى 21 سنة رئيسا لموريتانيا، قد سلم الموريتانيين الثلاثة لأمريكا، وظل مصير هؤلاء مجهولا بعد أن رفضت السلطات الأمنية تحديد مكان اعتقالهم إلى أن سقط النظام الجمهوري وسقطت معه ورقة التوت كاشفة عن تعاون سري بين quot;بلاد المليون شاعرquot; وquot;بلاد العم سامquot;، فبات لزام على النظام الجديد الذي وعد بالعدالة واتخذها شعار له بعد أن سمى الضباط التسعة عشر الذين قادوا الانقلاب الأخير بـquot;المجلس العسكري للعدالة والديمقراطيةquot;، فتح ملفات طبعت بخاتم السرية لسنوات طوال.

أما الرأي العام الموريتاني فقد استغرب كون مواطنيه المصفدين في الجزيرة الكوبية قد سلموا لأميركا من قبل سلطات بلدهم، وزاد تعجبا واستغرابا لكون هؤلاء لم يتهموا لا بالمشاركة في أعمال إرهابية ولا بالتخطيط لأخرى، وهو ما دفع بأحد المحامين البارزين للقول معلقا quot;أرادت واشنطن أن تضع عينة مصغرة من العالم الإسلامي في غوانتانامو، والموريتانيون جزء من هذا العالم الإسلامي، وبالتالي لابد أن يكونوا ضمن العينةquot;.

ورغم حسن علاقات المجلس العسكري الحاكم بأمريكا فهو لم يبادر الى تحريك ملف المعتقلين على غرار دول كباكستان والسعودية والمغرب والتي استطاعت استرجاع بعض أبنائها المعتقلين هناك، وحصلت على وعود باستلام آخرين. الى ذلك أعلنت مجموعة من الشباب الموريتاني عن إطلاق مبادرة شعبية للدفاع عن أسرى موريتانيين معتقلين في سجن غوانتانامو بكوبا منذ أكثر من أربع سنوات، وقال حمود ولد النباغ رئيس المبادرة إن دوافع إنشاء هذه المبادرة quot;وطنية وإنسانية بالأساسquot;، مشيرا إلى quot;أن الصمت الطويل الذي طبع موضوع معتقل غوانتانامو خلال الفترة الماضية كان دافعا أساسيا لذلكquot;.

وقال أن تسليم المواطنين الموريتانيين إلى حكومتهم هدف أساسي تسعى المبادرة إلى تحقيقه، مؤكدا أنها التقت خلال الأيام الماضية ببعض المسؤولين في السفارة الأميركية لبحث بعض القضايا المتعلقة بمجال عملها. وطالبت quot;المبادرة الشعبية للدفاع عن معتقلي غوانتاناموquot; التي يتكون مكتبها من سياسيين ونشطاء حقوقيين وأشقاء المعتقلين، كافة مكونات المجتمع الموريتاني بالانتساب quot;من أجل خلق ديناميكية شعبية تؤدي لإطلاق سراح المعتقلينquot;، كما دعت quot;الشعب الأميركي وكافة فعاليات المجتمع المدني في الولايات المتحدة الأميركية للمساعدة في هذه القضيةquot; والتجاوب مع ما أسمته quot;نداء الشعب الموريتاني من أجل السلام والإخاءquot;.

ويأتي إنشاء هذه المبادرة الأولى من نوعها في موريتانيا بعد صمت طويل دام عدة سنوات، على تسليم حكومة ولد الطايع موريتانيين إلى أمريكا وهم: محمدو ولد صلاحي، ومحمد الأمين ولد سيد محمد، فيما اعتقلت القوات الأمريكية أحمد ولد عبد العزيز الذي كان في أفغانستان إبان الحملة العسكرية على نظام طالبان.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد نقلت عن المعقل محمدو ولد صلاحي البالغ من العمر 34 سنة قوله أن السلطات الموريتانية سلمته إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي نقلته إلى الأردن ثم الى أفغانستان في رحلة استمرت ثمانية أشهر. وأضافت الصحيفة أن ولد صلاحي مهندس الإلكترونيات والذي عمل إماما لجامع في مونتريال وارتبط في ألمانيا باثنين من مختطفي الحادي عشر من سبتمبر، نقل جوا من أفغانستان إلى معتقل اغوانتنامو لانتزاع معلومات منه تحت التعذيب عن علاقة مفترضة بينه وأعضاء في تنظيم القاعدة.