واشنطن-مقديشيوا: بعد اثني عشر سنة من التدخل العسكري في الصومال الذي شكل فشلا ذريعا يشغل الوضع في مقديشو مجددا الولايات المتحدة التي تخشى ان يتحول هذا البلد الواقع في القرن الافريقي وتسوده الفوضى، الى ملجأ للارهابيين.واعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماكأمس عن رغبة واشنطن في ان يتمكن الصوماليون من بناء مؤسسات تحترم حقوق الجميع و تحدث ايضا عن مخاوف اميركية من ان تتحول الصومال الى ملجأ للارهابيين الاجانب.

ورفض المتحدث التعليق مباشرة على اعلان ميليشيا المحاكم الشرعية سيطرتها على مقديشو مؤكدا انه ليس للولايات المتحدة اي وجود رسمي في العاصمة الصومالية.لكن سقوط مقديشو لا يمكن الا ان يشكل فشلا لواشنطن التي قدمت الدعم خلال الاشهر القليلة الماضية لزعماء الحرب الصوماليين ليقفوا في وجه الميليشيا الاسلامية التي يشتبه في انها مرتبطة بتنظيم القاعدة الارهابي بزعامة اسامة بن لادن.

وكانت الولايات المتحدة اجتاحت في كانون الاول/ديسمبر هذا البلد الذي كان يعاني من مجاعة وحرب اهلية، في مهمة عرضت على انها محض انسانية. لكنها انسحبت منها بعد سنتين تحت ضغط محمد عيديد احد زعماء الحرب المتنازعين في السيطرة على البلاد.وبعد ان اصيبت بخيبة امل تخلت الولايات المتحدة عن هذا البلدى ان اجتاحه المد الاسلامي فيه اعتبارا من 2004، فتحالفت مع اعداء الامس باسم مكافحة الارهاب.

ومع انها اكدت رسميا انه quot;لا يمكن الرد على المدى البعيد على الخطر الارهابي في الصومال الا باقامة حكومة مركزية قادرة على تسيير البلادquot; كما جاء في موقع وزارة الخارجية في شبكة الانترنت، شجعت واشنطن في شباط/فبراير تحالف زعماء الحرب من اجل ارساء السلم ومكافحة الارهاب.ولم تؤكد الادارة الاميركية كما انها لم تنف انها تدعم ماليا هذا التحالف. لكن مسؤولين اميركيين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم اكدوا لوكالة فرانس برس انهم مدوا زعماء الحرب بالمال والاستخبارات للتصدي quot;للمد الطالبانيquot; في الصومال.

واقر البيت الابيض الشهر الماضي ان الولايات المتحدة تدعم ما تسميه quot;الشركاءquot; المحليين للحؤول دون تمكن تنظيم القاعدة من اقامة quot;راس جسرquot; في الصومال بدون ان تاتي على ذكر تحالف زعماء الحرب بوضوح.ولا يلقى الدعم الاميركي لزعماء الحرب اجماعا في افريقيا.

واعرب رئيس الكونغو ديني ساسو-نغيسو الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي الاثنين في واشنطن عن امله في ان تعمل الولايات المتحدة على اقامة حكومة في مقديشو. وبعد استقباله في البيت الابيض قال ساسو-نغيسو quot;نعتقد وهذا ما قلناه للرئيس (جورج) بوش، ان الاهم هو التوصل الى اقامة حكومة وينبغي مساعدة الشعب الصومالي على ان تكون له حكومة حقيقيةquot;. واضاف quot;ان زعماء الحرب ليسو الحل النهائيquot;.

وكان الرئيس الكيني مواي كيباكي دعا الولايات المتحدة الشهر الماضي الى مساعدة الحكومة الانتقالية الصومالية التي تتخذ في نيروبي مقرا لها في المنفى quot;الى اعادة ارساء السلطة المدنية لاعادة وضع عادي الى البلادquot;.وتؤكد الصحف الاميركية ان هذه السياسة تثير استياء حتى داخل الادارة الاميركية نفسها. فقد طلب دبلوماسي في سفارة الولايات المتحدة في نيروبي مكلف الصومال، مؤخرا نقله موضحا انه يرفض الموافقة على هذه السياسة.

الميليشيا الاسلامية الصومالية تقترب من مدينة جوهر
ميدانيا، بدأ مئات من عناصر الميليشيا الاسلامية الصومالية الاقتراب من جوهر، 90 كلم شمال مقديشو،غداة اعلانهم الاستيلاء على العاصمة الصومالية وانتصارهم على زعماء الحرب المدعومين من واشنطن.و توقفنحو 500 عنصر في الميليشيا الاسلامية توقفوا على بعد عشرة كيلومترات جنوب جوهر على متن نحو مئة آلية مجهزة بالاسلحة الرشاشة. في حين تمركزعدد مماثل من عناصر ميليشيات تابعة لزعيم الحرب الذي يسيطر على جوهر محمد دهير،على بعد ثلاثة كيلومترات من الميليشيا الاسلامية في شمال المدينة، في قاعدة كونغو العسكرية السابقة.

تظاهرة ضد استيلاء المحاكم الشرعية على مقديشو

و في مقديشيو، لم تسجل اي معركة في العاصمة الصومالية حيث تظاهرت مجموعات ضد الميليشيا الاسلامية التابعة للمحاكم الشرعية التي اعلنت الاثنين سيطرتها على المدينة.وقال بعض السكان ان الميليشيا التابعة للمحاكم الاسلامية التي كانت موجودة الاثنين في شمال المدينة، انسحبت منها خلال المفاوضات حول تسليم سلاح المقاتلين التابعين لتحالف زعماء الحرب لاحلال السلام ومكافحة الارهاب.

ونظمت تظاهرتان معاديتان للميليشيا الاسلامية صباح اليوم الثلاثاء، احداها في الشمال جمعت نحو 1500 شخص، والاخرى في جنوب غرب المدينة شارك فيها 500 شخص.وهتف المتظاهرون في شمال المدينة quot;نحمي شمال مقديشو من اي هجومquot; وquot;لسنا طرفا في ما يحدث في مقديشوquot;. واحاط بالتظاهرة نحو مئة من ميليشيات زعماء الحرب على متن ثماني آليات مسلحة.

والاثنين اعلنت المحاكم الشرعية التي تشتبه اجهزة الاستخبارات الغربية بانها تأوي متطرفين مرتبطين بتنظيم القاعدة، انتصارها في المعركة على مقديشو بعد قتال ضار استمر اربعة اشهر ضد زعماء الحرب المدعومين من الولايات المتحدة.

وتولت ابغال وهي قبيلة متفرعة من قبيلة الهوية الرئيسية التي يتحدر منها زعماء الحرب في العاصمة، اليوم الثلاثاء مهمة مقاومة الميليشيا الاسلامية في مقديشو.

ويبلغ عدد سكان الصومال عشرة ملايين نسمة، وهم في غالبيتهم العظمى من الاتنية الصومالية. ويقسم الصوماليون الى قبائل رئيسية وقبائل فرعية تناحرت مرات عدة منذ بداية الحرب الاهلية عام 1991.