الموافقة على المشروع الفرنسي ndash; الأميركي تعني حربا أهلية
لبنان عارياً من ورقة توت الدعم الدولي
إيلي الحاج من بيروت : غداً أو بعده سيصوت مجلس الأمن الدولي بإجماع الدول الدائمة العضوية فيه على إقرار المشروع الفرنسي- الأميركي في شأن لبنان الذي سيفقد عند ذلك دعم المجتمع الدولي له، باعتبار أنه رفض القرار الذي لم يأخذ بمطالبه الواردة في خطة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ذات البنود السبعة. وقد سادت مشاعر الذهول والصدمة الأوساط السياسية والرسمية في بيروت منذ أمس نتيجة للتطور السياسي المفاجىء، والمتمثل بتحوّل في الموقف الدولي وتوقع صدور قرار لمجلس الأمن في غضون يومين يتجاهل الاقتراحات اللبنانية، سواء في ما يتعلق بالقوات الدولية أو مزارع شبعا أو النص على الإنسحاب الإسرائيلي الفوري.
وإذا كان الموقف الاميركي لم يشكل مفاجأة للمسؤولين اللبنانيين لأنهم تبلغوه مراراً منذ إقدام مسلحي quot;حزب اللهquot; على أسر الجنديين الإسرائيليين في 12 تموز / يوليو الماضي، فإن موقف فرنسا جاء بمثابة صدمة لهم بعدما عوّلوا على خلافات في وجهات النظر بينها وبين الولايات المتحدة لا سيما في ما يتعلق بأسلوب التعامل مع quot;حزب اللهquot; . كذلك كان صادماً لهم موقف روسيا والصين المؤيدتين للمشروع، وإن رهنت موسكو مشاركة جنودها في القوات الدولية المقترحة لجنوب لبنان بانسحاب الإسرائيليين منه.
وبينما بات القرار الدولي في حكم المنتهي وإعلان صدوره مسألة وقت، يصعب على الجانب اللبناني المفاوض ، وتحديداً رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، ان يقبل
بمشروع لا بد أن يؤدي إلى نزاع غير محمود العواقب مع quot;حزب اللهquot; وداعميه من مؤيدي الخط الإيراني ndash; السوري في لبنان. ذلك لأن هؤلاء يعتبرون أن المشروع يحقق لإسرائيل بالسياسة والديبلوماسية ما عجزت عن تحقيقه بالحرب .
وهكذا يجد الرئيس السنيورة نفسه في وضع حرج جدا. فالموافقة على مشروع ا لقرار تعني نقل المشكلة الى الداخل اللبناني، ورفضه يعني إدخال لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي للمرة الأولى في تاريخ لبنان ، وخسارة ورقة الدعم الأقوى، التي لطالما شَبهت بأنها quot;ورقة توتquot; ليتبين لاحقاً أنها أيضاً خشبة خلاص.
من هذه الرؤية يسعى رئيس حكومة لبنان بكل قوى اتصالاته الى تحسين القرار بدلا من رفضه وادخال تعديلات عليه، تلحظ خصوصا مطلب سحب القوات الاسرائيلية فورا من الأراضي اللبنانية. ولكن العقبة الرئيسية التي تواجهه تتمثل في الموقف الأميركي الذي تبلغه ومفاده أن لا مجال لإدخال أي تعديلات على المشروع في الوقت الحالي وان ما كتب قد كتب ، ولكن مع تأكيد شفوي أن الإنسحاب الإسرائيلي سيتحقق خلال أيام وليس أسابيع ، وبالتزامن مع وصول القوات الدولية quot;الرادعةquot; بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ولا يريد لبنان الرسمي، أن تعمل القوات الدولية الجديدة على أراضيه بموجب الفصل السابع ، لأن ذلك يفقد الحكومة دورها في الإشراف على عمل هذه القوات وتوجيهها، وأقله التنسيق معها. وفي باطن الأمر تخشى الحكومة اللبنانية صداماً بين هذه القوات وquot;حزب اللهquot; الذي لا يقبل ولن يقبل بأن تقدم القوات الدولية على نزع سلاحه أو مصادرة مخزونه من الصواريخ والأسلحة الثقيلة ، لا في الجنوب ولا في غيره.
والغريب في الأمر أن فرنسا كانت تصر سابقاً على ضرورة أن يحظى موضوع القوات الدولية بموافقة جماعية في مجلس الوزراء اللبناني، في إشارة إلى اشتراطها حيازة موافقة quot;حزب اللهquot; على مهمتها.
وبديهي أنه في حال أقر مشروع القرار بصيغته الحالية، سيكون من الصعب جدا على حكومة السنيورة ان تتعاون مع المجتمع الدولي لتطبيقه وترجمته خطوات عملية ميدانية .
لذلك يرجح متابعو هذه المسألة أن تتواصل الحرب بين الجيش الإسرائيلي وميليشيا quot;حزب اللهquot; ولكن في ظل وضع أفضل لإسرائيل يتيح لها التحرر من حملات وضغوط دولية وإعلامية عليها، تكثفت خصوصاً بعد مجزرة قانا. وذلك في مقابل صورة للبنان يظهر فيها رافضاً للقرار الدولي ويتحمل بالتالي مسؤولية رفضه.
الواضح أن موقف لبنان الرسمي من مشروع القرار هو الرد على التحذيرات المتلاحقة التي تصدر هذه الأيام من quot;حرب أهليةquot; في حال المس بسلاح quot;حزب اللهquot; . ولكن السؤال الذي لا شك أنه يقلق الرئيس السنيورة وفريقه في هذه المرحلة: هل يستطيع لبنان الصغير والمدمّر والمنهك رفض القرار الدولي إذا لم يتمكن من تعديله؟
التعليقات