أحمد عبدالعزيز من موسكو: لم تعقد لجنة الرقابة المختلطة اجتماعها الذي كان من المقرر عقده في عاصمة أوسيتيا الجنوبية تسخينفالي اليوم. وتبادلت تبليسي وتسخينفالي الاتهامات بإحباط هذا الاجتماع. ومن المعروف أن النزاع بين الطرفين احتدم بسبب ترشيح آمر كتيبة صنع السلام الجورجية العاملة ضمن قوات حفظ السلام المشتركة بآت بيدياناشفيلي لعضوية لجنة الرقابة والذي لم يسمح الجانب الأوسيتي الجنوبي له بالمرور إلى تسخينفالي اليوم.
وحسب ادعاءات الرئيس المناوب للجنة الرقابة المختلطة من الجانب الأوسيتي الجنوبي بوريس تشوتشييف فإن الجانب الجورجي كان على علم تام بأن ايفاد تبليسي الرسمية آمر كتيبة حفظ السلام الجورجية العاملة ضمن قوات حفظ السلام المشتركة بآت بيدياناشفيلي إلى اجتماع لجنة الرقابة غير مقبول لدى الجانب الأوسيتي الجنوبي. وقال بوريس تشوتشييف إنه تم ترشيح بيدياناشفيلي خرقا للائحة الخاصة بقوات حفظ السلام، لأنه شارك شخصيا بنشاط في الأعمال القتالية ضد أوسيتيا الجنوبية في عام 2004. إضافة إلى أنه تولى الإشراف على قصف تسخينفالي بقذائف الهاون في يوم استقلال أوسيتيا الجنوبية يوم 20 أيلول (سبتمبر) عام 2005.
ومن جانبه أكد وزير الدولة الجورجي لشؤون تسوية النزاعات ميراب أنتادزه، الرئيس المناوب للقسم الجورجي للجنة الرقابة المختلطة، أن بيدياناشفيلي عضو في الوفد الجورجي. وكان قد شارك في الجولة الأولى من اجتماع لجنة الرقابة الذي عقد في الفترة من 17 إلى 18 آب (أغسطس) الماضي في موسكو. ووصف أنتادزه رفض الجانب الاوسيتي الجنوبي مرور بآت بيدياناشفيلي بأنه خطوة استهدفت إحباط اجتماع اللجنة. وكان من المقرر أن يقدم إبان الاجتماع تقريرا عن الوضع القائم في منطقة النزاع والتراشقات التي وقعت هناك مؤخرا، وكذلك عن إطلاق النار على المروحية الحربية الجورجية، إضافة إلى العثور في منطقة النزاع على عدد من الملاجئ غير الشرعية والمعدات الثقيلة.
في غضون ذلك وصف سفير المهمات الخاصة لدى وزارة الخارجية الروسية يورى بوبوف رئيس الجانب الروسي في لجنة الرقابة المختلطة طرح الجانب الجورجي قضية تغيير أبعاد المفاوضات المتعلقة بتسوية نزاع أوسيتيا الجنوبية بأنه quot;سابق للأوانquot;. وكانت السلطات الجورجية عرضت مقترحا بتغيير أبعاد المفاوضات وجعلها ثنائية (جورجية-أوسيتية جنوبية). وقال وزير الدولة الجورجي المكلف بتسوية النزاعات ميراب أنتادزه إن هذا البعد يتماشى تماما مع مهمات يومنا الراهن وخطط تسوية النزاع سلميا. وأن الأبعاد الحالية للجنة الرقابة المختلطة التي تشمل مشاركة أوسيتيا الجنوبية والجانب الروسي لا تتيح حل حتى القضايا البسيطة مثل التنسيق بشأن عقد اجتماعات اللجنة.
وأشار وزير الدولة الجورجي السابق بشأن تسوية النزاعات غيورغى خايندرافا، الذي شغل هذا المنصب من شباط (فبراير) عام 2004 إلى تموز (يوليو) عام 2006، اليوم لدى تناوله قضية تغير أبعاد المفاوضات إلى أنه بعد المؤتمر الدولي للدول الممولة في بروكسل، في حزيران (يونيو) من العام الحالي، تغيرت عمليا أبعاد المفاوضات، حيث انضمت إلى عملية التسوية الولايات المتحدة وهولندا والعشرات من الدول الأخرى التي شاركت في عمل المؤتمر وقررت اعتماد أموال ضخمة لتنمية منطقة النزاع اقتصاديا.
وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أثناء لقائه اليوم في موسكو مع رئيس أوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكويتي إلى ضرورة تسوية النزاع الجورجي- الأوسيتي بالوسائل السلمية حصرا. وذكر مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن الوضع المثير للقلق فى منطقة النزاع الجورجي-الأوسيتي كان القضية الرئيسة التي طرحت اليوم للنقاش، حيث أكد الطرفان الضرورة الملحة لمواصلة التسوية بالوسائل السلمية على أساس الاتفاقيات المتاحة وفي إطار القوام الحالي للتفاوض بمشاركة الطرفين وممثلي روسيا وأوسيتيا الجنوبية ومراقبين من منظمة الأمن والتعاون الأوروبي. بينما اقترح إدوارد كوكويتي أن يعقد السبت لقاء جديد للرؤساء المناوبين للجنة المختلطة للرقابة التي تعرضت جلستها الاعتيادية للفشل.
على هذه الخلفية أعربت وزارة الخارجية الجورجية عن استيائها نظرا لموقف روسيا الاتحادية بخصوص قرار سلطات أوسيتيا الجنوبية بإجراء استفتاء عام حول الاستقلال. وذكر بيان رسمي أنه من المؤسف أن يساند ممثلو القيادة السياسية العليا لروسيا الاتحادية إجراء الاستفتاء العام في أوسيتيا الجنوبية من خلال تصريحاتهم، وهو ما يمثل سعيا لتقويض سيادة الدولة الجورجية على حدودها الدولية المعترف بها. ورفض البيان مشاركة أي فريق من المراقبين في الاستفتاء، وخاصة من جانب ممثلين على مستوى نواب مجلس الدوما الروسي (البرلمان). وشدد على أن أي دعم لإجراء الاستفتاء العام المذكور يعتبر خطوة غير بناءة ضد عملية التسوية السلمية للنزاع الجورجي-الأوسيتي الجنوبي. ووصفت وزارة الخارجية الجورجية إجراء الاستفتاء العام بحد ذاته بأنه غير شرعي وغير بناء.
وكانت وزارة الخارجية الروسية نددت بمحاولات تبليسي لتحميل موسكو وقوات حفظ السلام الروسية مسؤولية الوضع المتأزم في منطقة النزاع. وأعلنت أن نهج قيادة جورجيا الرامي لضرب استقرار الوضع في منطقتي النزاع (الجورجي-الأبخازي، والجورجي-الأوسيتي الجنوبي)، ورفضها للاتفاقات وإفشالها للمفاوضات الجارية ولآليات صنع السلام، كل ذلك أدى إلى تدهور شديد للوضع في منطقتي النزاع وللتجميد الفعلي لعملية التفاوض. وأكدت الخارجية الروسية أيضا أنه من واجب روسيا عدم تجاهل طلبي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بحمايتهما من الاعتداءات الصادرة من الخارج . وأن هذا الأمر حتمي ومشروع تماما على خلفية التهديدات والاستفزازات من الجانب الجورجي، كما ورد في بيان الخارجية الروسية التي اعتبرت أنه لا يحق لها تجاهل هذين الطلبين، نظرا لأن مواطني روسيا يشكلون أغلبية سكان أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.