جنيف: لم يعد السويسريون كما يبدو يعرفون بلادهم الهادئة المسالمة، فالناخبون البالغ عددهم خمسة ملايين مدعوون الاحد لاختيار نوابهم واعضاء مجلس الشيوخ في ختام حملة اصطبغت بالشتائم والاعلانات المعادية للاجانب ومشاهد الشغب.

وكان الحزب الشعبوي اليميني، اتحاد الوسط الديمقراطي، محرك الحملة بادخاله اساليب تسويق سياسي جريئة وغير معهودة في سويسرا، اربكت وهمشت الخصوم. ويبدو ان هذه الاستراتيجية اعطت ثمارها، فاتحاد الوسط الديمقراطي سيبقى بحسب استطلاعات الرأي الحزب الاول في سويسرا ويتوقع حتى ان يحقق نتيجة افضل من 2003 متخطيا عتبة 27%.

لكن هذا الحزب الذي ركز حملته على مسائل انعدام الامن والهجرة اثار باعلاناته التي تنضح بالكره للاجانب --مثل quot;مآذن مخيفةquot;-- الجدل في جنيف وحتى انه تم التنديد بها في الامم المتحدة. وقد أدانت رئيسة الكونفدرالية الاشتراكية ميشلين كالمي-راي هذه الدعاية quot;الكريهةquot; فيما اعتبرت وزيرة الاقتصاد دوريس لوتار (ديمقراطية-مسيحية) quot;ان الخطر حقيقي بان يخاف المستثمرونquot; من نزعة التطرف في الحملة.

الا ان استفزازات الحزب الشعبوي لم تمنعه من ان يطرح نفسه كضحية عندما قام مشاغبون بتخريب مركز برن العاصمة الفيدرالة لدى اعتراضهم تظاهرة لاتحاد الوسط الديمقراطي قبل خمسة عشر يوما من الاستحقاق الانتخابي. كما نجح الحزب ايضا في تركيز حملته للانتخابات التشريعية على زعيمه وزير الشرطة والعدل كريستوف بلوشيه، باعلانه ان تنحيته المحتملة عن الحكومة ستكون سببا للحرب. وبذلك اتخذ الاقتراع منحى مخالفا تماما للتقاليد والعادات السويسرية.

وفي الواقع يطالب اليسار بعدم تعيين بلوشيه من قبل البرلمانيين كعضو في الحكومة في 12 كانون الاول/ديسمبر المقبل. ويتذرع بالاتهامات الموجهة الى وزير العدل بانه دفع المدعي العام الفدرالي الى الاستقالة لان تحقيقات الاخير كانت تهدد مصرفيا من اصدقائه. ويحذر خصومه من انه ان بقي في الحكومة سيتولى هذا الناشط المعادي لاوروبا في العام 2009 الرئاسة الدورية للكونفدرالية ويمثل البلاد في الخارج لاسيما امام الهيئات الاوروبية.

ويرد اتحاد الوسط الديمقراطي منددا بquot;المؤامرةquot; ومهددا بنسف quot;الصيغة السحريةquot; التي تضمن منذ اكثر من نصف قرن الاستقرار والازدهار للبلاد من خلال تعايش ممثلي الاحزاب السياسية الكبرى (حاليا 2 من اتحاد الوسط الديمقراطي، واشتراكيان، و2 من اليمين الليبرالي الراديكالي وديمراطي-مسيحي واحد) في حكومة ائتلافية.

والسويسرون متمسكون بعمق بهذا النوع من حكومة الوحدة الوطنية في بلد يضم 26 كانتونا يتمتع كل منها بالحكم الذاتي، ويعتمد اربع لغات رسمية.وكان يؤمل ان يؤدي دخول بلوشيه الى الحكومة في 2003 الى اعتدال هذا الخطيب القومي من خلال حملة على ممارسة الحوار والتفاهم.. لكن quot;ظنوا النمر هراquot; على ما قال احد نواب حزبه ساخرا.

في مجمل الاحوال تثير الحملة اهتماما غير عادي لدى الناخبين الذين تعودوا على منافسات سياسية باهتة عموما. وقد تقارب نسبة المشاركة كما يتوقع ال50% فيما تقترب نسبة الامتناع بصورة عامة من 55%. ويتوقع ان يكون الحزب الاشتراكي الخاسر الاكبر في الانتخابات. فهو يبقى الحزب السياسي الثاني في البلاد لكنه سيحظى بنسبة تصويت اقل من 22%.

وهذا الانخفاص سيفيد خصوصا الخضر الذين يحظون ب10% من الاصوات ويرسخون موقعهم كقوة صاعدة في الحياة السياسية السويسرية. اما حزبا الوسط اليمين --الراديكاليون والديمقراطيون المسيحيون-- فيتعادلان، اذ يتراوح نصيب كل منهما 5،15% كما يتوقع ان يستمرا في لعب دور الحكم في البرلمان.