واشنطن: أعرب الرئيس جورج بوش عن ثقته في قدرة الولايات المتحدة على تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها، وقال بوش في كلمة ألقاها في واشنطن أمام العاملين في إحدى شركات لوازم المكاتب في فرجينيا إنه سبق للولايات المتحدة أن عانت من المصاعب المالية والاقتصادية وقد تمكنت من تجاوزها. وأضاف: quot;لا شك في أن الأوقات صعبة ولكن لا شك أيضا في أن أميركا ستخرج من هذه الأزمة. لدينا الكثير من العمل وأريد أن أتحدث إليكم عما ما سنفعله.quot;
وتحدث بوش عن بداية الأزمة قائلاً: quot;بدأت المشكلة تتجلى حين بدأت سوق المنازل بالتراجع وهذا ما أدى إلى تراجع قيمة موجودات مالية كثيرة ومركّبة مرتبطة بسوق المنازل.quot;
وأوضح بوش أن هذا التراجع أدى إلى وقوع المصارف في أزمة سيولة وفقدان قدرتها على التسليف. quot;قد يبدو لبعض الناس أن أزمة التسليف قضية تقنية، لكن من مثلكم يدرك أن التسليف هو شريان الحياة بالنسبة للتوسع الاقتصادي وخلق فرص العمل. وأضاف بوش أنه قرر التحرك منعاً لتحول أزمة التسليف إلى أزمة اقتصادية اكبر تـُدخل البلاد في انحسار اقتصادي طويل الأمد.
وفي نفس السياق، تعمل الحكومات والسلطات النقدية في العالم الثلاثاء على بذل جهود حثيثة ساعية لإعادة الاستقرار والهدوء إلى الأسواق المالية القلقة فتعهدت بمساعدة المصارف التي تواجه مأزقا وبضمان الودائع المصرفية.
وصرح رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي بن برنانكي بأنه سيتعين على البنك المركزي الأميركي مراجعة سياسته النقدية على ضوء الأزمة معتبرا أن المخاطر التي تحدق بالنمو قد ازدادت وتوقع أن يكون النشاط الاقتصادي ضعيفا حتى نهاية السنة وربما إلى ما بعد نهاية السنة.
وقد تحرك مجلس الاحتياط الفيدرالي في مسعى لاحتواء الأزمة في قطاع القروض الذي بدأت فيه، فأعلن انه سيشتري سندات خزينة للسماح للمؤسسات بضمان حاجاتها غير المتوقعة من السيولة.
وساهم هذا الإعلان في دعم الأسواق المالية التي كانت تشهد تقلبات قوية غداة quot;الاثنين الأسودquot; في بورصات العالم، في ظل تضارب التصريحات والشائعات حول قيم السندات المصرفية التي بقي العديد منها خاضعا لضغوط قوية تدفعه إلى التراجع.
غير أن بورصة نيويورك واصلت تدهورها الثلاثاء فتراجع مؤشر داو جونز 3.16 بالمئة ومؤشر ناسداك 3.56 بالمئة.
وفي لندن سيطرت أجواء من الذعر على معظم المصارف البريطانية الكبرى ومنها رويال بنك أوف سكوتلاند.
كما أكد رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه الثلاثاء أن مؤسسته تبذل كل ما في وسعها لإمداد الأسواق بالسيولة، غير أنها ليست قادرة على تسوية المشكلة التي تعاني منها المصارف.
واتخذ وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي الثلاثاء أول إجراء عملي مشترك بعد الفوضى التي سادت الصفوف الأوروبية في الأيام الماضية فاتفقوا على زيادة الحد الأدنى من الادخار الفردي الذي تكفله الدولة بأكثر من الضعف من 20 إلى 50 ألف يورو في حالة الإفلاس.
ومضت بعض الدول إلى ما هو أبعد من ذلك فرفعت كل من اسبانيا وبلجيكا واليونان وهولندا والنمسا قيمة الودائع المضمونة إلى 100 الف يورو، فيما أعلن رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو إنشاء صندوق خاص بقيمة 30 مليار يورو لدعم النظام المالي الاسباني وإنعاش القروض للمؤسسات والأفراد.
وفي مسعى لإعادة الثقة إلى الأسواق، وعدت دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 بمساندة مجموعاتها المالية التي تواجه أوضاعا صعبة، مع الاحتفاظ بحق تغيير إدارات المجموعات التي تقدم لها المساعدة وإلغاء التعويضات الباهظة لمدرائها الذين يرغمون على التخلي عن مناصبهم.
كما تعهدت الدول الأوروبية بـتنسيق خطواتها بشكل وثيق والأخذ في الاعتبار الانعكاسات المحتملة للقرارات الوطنية عبر الحدود.
وبحث الرئيس جورج بوش الأزمة المالية العالمية الثلاثاء مع قادة فرنسا وبريطانيا وايطاليا، مشددا على ضرورة قيام تعاون بين مختلف الدول، بحسب ما أعلن البيت الأبيض، وبالرغم من هذه المساعي، بقي التخوف مخيما.
وأكد دويتشيه بنك، أكبر المصارف الخاصة الألمانية أنه لا ينوي زيادة رأسماله، نافيا بذلك شائعات أدت إلى هبوط أسهمه.
غير أن المستشارة الألمانية انغيلا ميركل اعتبرت الثلاثاء أن ألمانيا، القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، quot;قوية ومسلحة بشكل جيد لمقاومة الأزمة المالية العالمية.quot;
وانتقدت في المقابل الإستراتيجية التي قررتها ايرلندا بشكل أحادي لحماية مصارفها معتبرة أنها غير مقبولة واعتبرت أن حماية مصارف معينة بدون إجراء مشاورات وبدون منح الحماية ذاتها لمصارف دولية تدفع ضرائب منذ فترة طويلة في ايرلندا، يؤدي بنظرنا إلى انحراف تنافسي غير مقبول.
وفي بريطانيا نفى مصرفا باركليز ورويال بنك أوف سكوتلاند معلومات أوردتها هيئة الإذاعة البريطانية ومفادها أنهما طلبا عملية إعادة رسملة خلال اجتماع للمصرفين وشركة لويدز تي اس بي مع وزير المالية اليستير دارلينغ.
وأكدت باريس الثلاثاء تعهدها منع إفلاس أي مصرف وقال رئيس الوزراء فرنسوا فيون quot;قررنا ضمان استمرارية النظام المصرفي الفرنسي بالكاملquot;.
وبذلت المصارف المركزية جهودا كثيفة لتجنب تجميد القروض وضخ الأموال إلى سوق التسليف بين المصارف بعد أن توقفت المصارف عن تقديم قروض لبعضها البعض خشية عدم التمكن من استرجاع المبالغ.
ونشرت ستة مصارف مركزية بينها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان، جدولا زمنيا لعمليات إعادة التمويل التي تقوم بها والرامية إلى إمداد النظام المصرفي الدولي بالدولارات حتى نهاية السنة.
كما أعلن البنك المركزي الأوروبي الثلاثاء أنه سيضاعف إلى 50 مليار يورو قيمة عملية إعادة تمويل لستة أشهر أعلنها مطلع سبتمبر/أيلول.
وشهدت البورصات الأوروبية تقلبات تبعت وتيرة الأخبار والشائعات حول المصارف كما كانت جلسات التداول مضطربة في آسيا حيث أقفلت بورصة طوكيو على تراجع بنسبة 3.03 بالمئة.
كما أقفلت بورصة لندن على ارتفاع طفيف بنسبة 0.35 بالمئة كما سجلت بورصتا باريس ومدريد ارتفاعا بنسبة 0.55 و 1.27 بالمئة على التوالي، فيما تراجعت بورصة فرانكفورت بنسبة 1.12 بالمئة. وارتفع مؤشر يوروستوكس الأوروبي 0.22 بالمئة.
وخارج الاتحاد الأوروبي، أعلنت ايسلندا تأميم مصرف quot;لاندبانكسي quot;بعد أن أممت مصرف غليتنير.
وفي روسيا، وعد الرئيس ديمتري ميدفيديف بتقديم قروض تصل قيمتها إلى 950 مليار روبل أي حوالي 26.7 مليار يورو إلى المصارف الروسية لتعزيز وضعها المالي.
وفي إسرائيل، أعلن البنك المركزي الثلاثاء تخفيض نسبة الفائدة الرئيسية من 4.25 بالمئة إلى 3.75 بالمئة اعتبارا من 12 أكتوبر/تشرين الأول سعيا لاحتواء آثار الأزمة المالية العالمية على اقتصاد البلاد مما شكل دفعا للبورصة التي أغلقت على ارتفاع.
وسجل مؤشر quot;تي ايه quot;25- الذي يضم أكبر 25 شركة في السوق ارتفاعا بنسبة 3.91 مسجلا 797.92 نقطة في حين إرتفع مؤشر تل-تيك الذي يعكس حركة أسهم مؤسسات تكنولوجية بنسبة 6.78 بالمئةعند 169.88 نقطة. وتشكل هذه الشركات التكنولوجية محرك الاقتصاد الإسرائيلي في السنوات الأخيرة.
وفي بداية فترة بعد الظهر سجل مؤشرquot; تي ايه-25- quot;ارتفاعا بنسبة 2 بالمئة مع إعلان خفض نسبة الفائدة الرئيسية مما عزز هذا التوجه نحو الارتفاع.
وأعلن البنك المركزي في بيان له أنه اتخذ هذا القرار على ضوء الغموض الكبير المخيم على الأسواق المالية في العالم وانعكاسه على السوق المالية الإسرائيلية.
وسيدخل القرار حيز التنفيذ الأحد بسبب إغلاق بورصة تل أبيب مساء الثلاثاء لأربعة أيام بمناسبة عيد الغفران.
وفي بيان آخر، وصف البنك المركزي الاقتصاد الإسرائيلي بانه متين وثابت. وأوضح أن معدل النمو مرتفع نسبيا، ومستوى التوظيف مرتفع وميزان المدفوعات يشير إلى فائض ونسبة الدين العام على إجمالي الناتج الداخلي في انخفاض والاحتياطات بالعملات الصعبة مرتفعة وفي تزايد.
وأبدى البنك المركزي استعداده لمساعدة المصارف المحلية من اجل دعم المودعين مع الإشارة إلى أن هذا غير ضروري في الوقت الحاضر نظرا إلى استقرار النظام المصرفي. وأخيرا، عمت أجواء الذعر الأسواق المالية العربية فأقفلت سوق المال السعودية على تراجع بنسبة 7 بالمئة فيما تراجع المؤشر الرئيسي في البورصة المصرية quot;كاسquot;30- بنسبة 16.47 بالمئة عند الإقفال.
التعليقات