عضو كنيست يميني يدعو لحمل السلاح
حرب في عكا بين الفلسطينيين والإسرائيليين
خلف خلف- إيلاف: الاشتباكات التي اندلعت بين الفلسطينيين والإسرائيليين داخل مدينة عكا ليلة أمس الأول، تتجاوز في معانيها وأبعادها أحداث العنف الطارئة التي تبدأ لتنتهي في مكانها، فالمواقف ما زالت متوترة، ويخيم هدوء مشوب بالحذر على شوارع المدينة، وخرجت اليوم الجمعة مجموعة من اليهود المتطرفين في مسيرة غاضبة رفعوا خلالها الأعلام الإسرائيلية، وطوق بعض الملثمين منهم، منزلا يعود إلى مواطن فلسطيني في عكا، كان تعرض للاعتداء يوم أمس. بينما وجه عضو كنيست يمني من حزب quot;المفدالquot; دعوة لليهود في عكا لحمل السلاح، وهو ما دفع الشرطة لدفع عناصرها إلى مفترقات الطرق لكبح أي مناوشات على خلفية قومية أو دينية، قد تزيد من دموية المشهد وتعقيده.
والحكاية بدأت في الأساس، الساعة 21:30 من ليل الأربعاء، عندما قام رجل فلسطيني يدعى جمال توفيق، بالدخول إلى حي يقع شرق مدينة عكا، معظم سكانه يهود، وصادف هذا التوقيت، ليلة عيد الغفران، وهو أول يوم صوم، يمتنع به اليهود عن الاحتفال والسير بسياراتهم، ولكن توفيق دخل بسيارته إلى الحي لجلب ابنته من بيت خطيبها أحمد شعبان، غير أن السكان اليهود لم يروا في هذه الخطوة، عملا بريئا، وفي غضبهم بدأوا يرشقون الحجارة على السيارة المسافرة. وشرح أب الفتاة، أمس لصحيفة معاريف،: quot;كنت أعرف أن هذا يوم الغفران ولكن ما كان بوسعي أن اتركها (أبنته) في الشارع على مسافة 3كمquot;.
وفي ظل هذا التطور، وصلت إشاعات، إلى حي عكا القديم، الذي تسكنه غالبية عربية، تفيد بأن اليهود قتلوا مواطنا عربيا، فهبت مجموعة من الشبان العرب لمواجهة ثلة من الشبان اليهود في شرق عكا، وسجلت مواجهات عنيفة بين الطرفين، لم تتوقف إلا الثالثة فجرا، بعد تدخل قوات خاصة من الشرطة الإسرائيلية، التي عملت على فصل المتعاركين، وخلال المواجهة، جرى تكسير واجهات بعض المحلات، وتم الاعتداء على العديد من السيارات المتوقفة على أرصفة الطرقات.
ورغم أن ساعات نهار أمس، شهدت نوعا من الهدوء في شوارع عكا، إلا أن المواجهة عادت مع ساعات المساء، عندما انتهى عيد يوم الغفران عند اليهود، حيث خرج المئات منهم إلى الحي العربي في عكا، وصرخوا بعبارات مناوئة للعرب، مثل quot;الموت للعربquot;، ولم تمض سويعات قليلة، حتى احتشد في مقابلهم المئات من الشبان الفلسطينيين، وأصيب خلال المناوشات أربعة شبان بجراح طفيفة، وكادت المواجهة تتسع، لولا تدخل الشرطة في اللحظات الأخيرة، واستخدامها قنابل الغاز، وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، واعتقالها عشرة منهم.
تسارع الأحداث، وخطورتها، جعلت الساسة يتدخلون، حيث وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مساء أمس دعوة إلى المواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين لبذل كل ما في وسعهم من أجل تهدئة الخواطر. وجاء في بيان صدر عن مكتب أولمرت: quot;ينبغي الحفاظ على القدرة للعيش المشترك في هذه المدنquot;. وبدورها هاتفت تسيبي ليفني، المكلفة بتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، رئيس بلدية عكا، وعبرت عن قلقها من تطور الأحداث، ونقل عن ليفني قولها إنها لن تسمح للمتطرفين المنفلتين باستغلال كل فرصة لتحريض الجمهور.
ومن جانبها، اهتمت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الجمعة، بهذا الحدث، ونقلت صحيفة معاريف عن عضو مجلس بلدية عكا المرشح لرئاسة البلدية عن حزب quot;حداشquot; احمد عودة، قوله: quot;توجد 6 أو 7 عائلات عربية تسكن في الأحياء الشرقية، وينكلون بهم طوال الوقت. ما حصل هنا في اليومين الأخيرين هو مجرد ذريعة للتنفيس عن الغضبquot;.
وبدوره كتب الصحافي زهير بهلول في صحيفة معاريف مقالا، اعتبر خلاله أن ما جرى كان متوقعا، وبحسبه فإن من يزرع الفقر يحصد الجريمة والعنف، ويقول: quot;يدور الحديث في واقع الأمر عن ثقافتين مختلفتين أو مفهومين مختلفين: من لم يضفِ ثقافة في الجانب الآخر يجعلنا نجلس على برميل من البارود سينفجر في النهاية. عندما لا يعلمون الطفل اليهودي عن الثقافة العربية، عن الاحترام للغير، عن القضاء على العنصرية وعن أهمية احترام المختلف، فعندها لا تجري الأمور عمليا كما ينبغي، ويكون هناك هدوء هو مجرد مرض عضالquot;.
أما الكاتب الدائم في صحيفة هآرتس، ابيرغما غولان، فاعتبر أن التوتر بين السكان العرب واليهود يتصاعد على خلفية التخوفات من تعميق السيطرة اليهودية الجديدة في المدينة. وهو يحتدم في الأحياء المختلطة التي تعاني أيضا ضائقة اقتصادية واجتماعية.
وكتب يقول: quot;كان يوم الغفران منذ الأزل ذريعة هزيلة وبائسة لشبان سائمين يبحثون عن بعض النشاط. لو لم يكن هناك عربي في المحيط، فلعلهم كانوا سيهاجمون الواحد الآخر، أو يرشقون الحجارة على سائق يهودي ينقل زوجته إلى مستشفى الولادة. أما العرب من جانبهم فاشترطوا بتهور زائد الشائعة عن مقتل السائق. الخطر الآن هو أن جهات ذات مصلحة ستضخم الحدث وتلصق به جذورا قومية، أو على الأقل وطنية، أو على خلفية دينيةquot;.