تقارب في عهد السادات.. وquot;مدّ وجزرquot; طيلة عهد مبارك
نائب إيراني يناقش مع أبوالغيط علاقات القاهرة وطهران
نبيل شرف الدين من القاهرة: مرة أخرى عادت معضلة العلاقات المصرية ـ الإيرانية إلى واجهة الحدث في موجة جديدة من quot;المد والجزرquot;، وهي السمة التي غلبت علاقات البلدين طيلة عهد الرئيس المصري حسني مبارك، وفي هذا السياق إستقبل أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصري، علي رضا ميرندي، النائب بالبرلمان الإيراني ووزير الصحة الإيراني الأسبق، وصرح المتحدث بإسم الخارجية المصرية بأن النائب الإيراني حرص خلال اللقاء على توجيه رسالة من رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، مفادها رغبة إيران في تحقيق المزيد من الإنفتاح في العلاقة المصرية الإيرانية.
وأوضح المتحدث أن المسئول الإيراني حرص خلال اللقاء على التأكيد على أن الفيلم الذي أثار إستياء واسعاً في مصر ليس حكومياً، ولم يصدر بتوجيه حكومي، وأن السلطات الإيرانية إتخذت إجراءات حاسمة للحد من توزيعه، وهو ما رحب به الوزير أبوالغيط، لافتاً إلى ضرورة أن يتنبه الإيرانيون إلى التأثيرات السلبية لمثل تلك الأحداث على مسار العلاقات الثنائية، وأضاف أن مصر لن تتوقف طويلاً عندها، خاصة بعد أن أوضح الجانب الإيراني الملابسات المحيطة بإنتاج ذلك الفيلم وتوزيعه.
وذكر المتحدث أن اللقاء شهد تبادلاً صريحاً ومفيدًا للرأي ووجهات النظر بين الجانبين حيث أوضح أبوالغيط حرص مصر على مبادلة الرغبة الإيرانية بالإنفتاح لتكون دائماً على أسس من الإحترام المتبادل للمصالح والرؤى والعمل من أجل إستقرار الإقليم .
وأوضح المتحدث أن أبوالغيط أعرب للنائب الإيراني عن نية مصر الإستمرار في العمل بإخلاص مع الجانب الإيراني لتحقيق مصلحة الشعبين في المزيد من التقارب والعمل المشترك.
القاهرة ـ طهران
ومن المعروف أن العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، مقطوعة رسمياً منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، وحتى الآن، ومع ذلك فإن إيران تحتفظ بمكتب لرعاية مصالحها في القاهرة، وتتبادل البلدان بين الحين والآخر فعاليات تجارية وثقافية محدودة كالمعارض والندوات والزيارات القليلة المتبادلة للمهنيين والإعلاميين وممثلي جمعيات رجال الأعمال
من جانبه، قال علي رضا إن مصر وإيران بلدين كبيرين ولديهما حضارة وتاريخ قديم منذ آلاف السنين، وهناك تاريخ مشترك، كما ان الشعب الإيراني قريب من الشعب المصري، وكذا فإن أي مسئول إيراني يزور مصر يحرص على التعبير عن مشاعر الشعب الإيراني المحب لمصر.

وحول رؤيته للعلاقات المصرية الإيرانية قال إن تلك العلاقات تتحسن يوما عن يوم، وهناك تبادل للآراء مستمر بين المسؤولين في كلا البلدين، وهو الأمر الذي يشعرنا بالسعادة، معرباً عن أمله في إستمرار ذلك التشاور والتحسن في العلاقات.
وحول رفض مجلس الأمن ضم إيران كعضو غير دائم قال إن هذا القرار كان متوقعاً، لأن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية تعمل منذ فترة من أجل الوصول لذلك لأنهم لا يريدون دولة مثل إيران أن تصبح عضوا بالمجلس، وبالتالي فقد كان متوقعاً أن يتم اختيار اليابان بدلاً من إيران لأنهم تكتلوا ضدنا.
حكاية العلاقات
ويقف الملف الأمني عائقاً كبيراً في طريق إعادة العلاقات بين الدولتين الكبيرتين في الشرق الأوسط، إذ تؤكد القاهرة إن طهران تستقبل العديد من عناصر الجماعات الأصولية المتطرفة، وأنها قدمت لهم المأوى والدعم طيلة العقود الماضية، وتصر طهران على إنكار ذلك رغم ظهور بعض الأصوليين في عواصم أوروبية قادمين من إيران مؤخراً، مما يعني أن طهران بدأت تتخلى عنهم.
وبقيت العلاقات بين إيران ومصر خلال نصف القرن الماضي متوترة غالباً، خاصة منذ قيام شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي بطلاق الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كانت هناك خصومة كاملة بين البلدين بسبب قيام علاقات دبلوماسية بين إيران وإسرائيل، والفترة الوحيدة التي شهدت ازدهارا في العلاقات بين البلدين هي السنوات القليلة التي سبقت قيام الثورة في إيران حيث كانت هناك علاقة حميمة تربط شاه إيران بالرئيس المصري الراحل انور السادات وسرعان ما تدهورت تلك العلاقات ووصلت الى حد القطيعة الكاملة في العام 1980 بعد إندلاع الثورة في إيران، وإبرام مصر إتفاقية quot;كامب ديفيدquot; مع إسرائيل، في مقابل إنقلاب تام في إيران بإتجاه إسرائيل وواشنطن، هذا التناقض في التوجهات الأيديولوجية وصل إلى ذروته في الخلاف بين البلدين بإستقبال السادات لشاه إيران لاجئاً، ومر عقد الثمانينات دون تقدم في مسار العلاقات، وحلت التسعينات لتلقي بكرة التحولات الدولية في مرمى المنطقة برمتها.