هافانا: إستأنف الإتحاد الأوروبي وكوبا رسميا علاقاتهما المنقطعة منذ أن كان الإتحاد قد فرض قبل حوالي خمس سنوات عقوبات سياسية على هافانا في أعقاب موجة من الإعتقالات الجماعية للمنشقين والمعارضين للحكومة. وتعليقا على هذه الخطوة، وصف لويس ميشيل، رئيس المفوضية الأوروبية، الاتفاق الذي وقعه مع وزير الخارجية الكوبي، فيليبي بيريز روك، في العاصمة هافانا قائلا: quot;إنه نقطة تحول في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وكوبا.quot;

احترام الاستقلال

أما روك، فقد رحب بدوره باحترام الاتفاق لاستقلال بلاده السياسي وعدم التدخل بشؤونها السياسية. ووفقا لاتفاق إعادة علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، فستتلقى كوبا مبلغ 2.6 مليون دولار أميركي كمساعدة عاجلة ترمي إلى مساعدتها على تجاوز الأضرار التي تكبدتها من جراء إعصاري جوستاف وآيك اللذين ضربا كوبا خلال الشهرين الماضين وكبَّدا البلاد خسائر قُدِّرت بمليارات الدولارات.

وكانت الحكومة الكوبية قد رفضت حينها قبول أي معونات، ليس من الولايات المتحدة فحسب، بل من دول الاتحاد الأوروبي، وذلك في مؤشر على التوتر الذي كانت قد بلغته علاقة هافانا مع تلك الأطراف. إلا أن الاتفاق الموقع يوم أمس الخميس يتيح لكل من كوبا والاتحاد الأوروبي استئناف التعاون بينهما في شتى المجالات.

مساعدات أوروبية

كما ستحصل كوبا بموجب الاتفاق على مساعدات إضافية خلال العام المقبل تبلغ قيمتها 38.9 مليون دولار أميركي. وسوف يتوجه وفد من الاتحاد الأوروبي إلى كوبا خلال الشهر المقبل لدراسة وتحديد احتياجات هافانا والوقوف على أولويات عمليات التمويل التي يتعين توفيرها لها خلال عام 2009.

من جهة أخرى، قال ميشيل إن الاتفاق الموقع بين الطرفين ينص أيضا على أن الحكومة الكوبية قد وافقت على استئناف الحوار الدبلوماسي مع الاتحاد الأوروبي بحيث quot;لا تكون هناك محرمات لا يجوز التطرق لها.quot; وأضاف قائلا إن هذا يعني أن الاتفاق سيفتح المجال أمام إجراء محادثات في المستقبل حول قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والسجناء السياسيين.

خلاف أوروبي-أميركي

وقد شكلت قضية كيفية التعامل مع كوبا أحد المجالات التي جرى الاختلاف عليها بشكل جوهري بين أوروبا والولايات المتحدة على مر السنين الماضية. فمنذ استلام الرئيس الكوبي الحالي راؤول كاسترو مقاليد الحكم في أعقاب تقاعد أخيه المريض، الزعيم فيديل كاسترو، تركزت سياسة الاتحاد الأوروبي على السعي لتطوير نوع من الحوار مع كوبا، وذلك أملا بالنجاح بإحداث نوع من التغيير في سياسة هافانا.

إلا أن الكوبيين أصروا على طلب أن يرفع الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي العقوبات الدبلوماسة التي يفرضها عليهم منذ عام 2003، وذلك في أعقاب اعتقال حكومة الرئيس السابق فيدل كاسترو أكثر من 70 منشقا ومعارضا سياسيا في البلاد. يُذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد علق عام 2005 عقوباته المفروضة على كوبا، إلا أن لم يلغها بشكل كامل إلا خلال قمة الاتحاد التي عُقدت في شهر يونيو/حزيران الماضي.

استئناف الحوار

وكانت كوبا قد أعلنت أواسط الشهر الماضي قبولها بشروط استئناف الحوار السياسي مع الاتحاد الأوروبي، بناء على اقتراح الأخير، وذلك بعد رفع العقوبات الدبلوماسية المفروضة على هافانا، والتي شملت تحديد الزيارات ذات الطابع الحكومي بين الطرفين ومشاركة الدبلوماسين الأوروبيين في النشاطات الثقافية المقامة في كوبا. كما عمدت معظم السفارات الأوروبية في كوبا إلى دعوة المعارضين والمنشقين إلى المشاركة بالفعاليات التي كانت تقيمها، وذلك في تعبير عن الاحتجاج على سجل كوبا في مجال حقوق الانسان.

وكانت الحكومة الإسبانية قد مارست ضغوطا كبيرة من أجل رفع العقوبات الأوروبية عن كوبا بشكل نهائي منذ تسلم راؤول كاسترو مقاليد الحكم، إلا أن دولا أخرى، مثل السويد وجمهورية التشيك، أعربت مرارا عن اعتقادها أن التغييرات التي أدخلتها هافانا في مجال حقوق الإنسان لم تكن كافية.

ومن الناحية العملية، كانت العقوبات الأوروبية على هافانا رمزية الطابع مقارنة بتلك التي تفرضها الولايات المتحدة عليها منذ عام 1962، حيث أن العقوبات الأوروبية لم تشمل فرض أي قيود على التجارة أو الاستثمار في كوبا.