أبوظبي: اكد رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس الدولة ان العلاقة بين الدولة ومصر إستراتيجية في أبعادها كافة، مشيرا الى ما تمثله الأخيرة من ثقل في منظومة الأمن القومي العربي في أبعاده السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والثقافية.

جاء ذلك في مقابلة أجراها معه رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية أسامة سرايا، وتنشر غداً.
ذكّر فيها بالعلاقة المميزة التي كانت تربط الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالرئيس المصري حسني مبارك، لما كان يلمسه من الأخير من quot;تأمين أسباب المنعة للنظام العربي، بمواقفه المشهودة ومبادراته المحمودة، نصرةً للحقوق العربية، وتنقية للأجواء، وجمعاً للصف، وبحثاً عن السلام والوئامquot;.

وعن الواقع العربي اليوم، قال quot;قد يكون على غير ما نتمنى، ويتمنى المواطن العربي، لكن هذا الواقع على علاته فيه العديد من عوامل القوة الكامنة، تجعلنا متفائلين بالمستقبل إذا أحسنا استثمار ما نملكه من أسباب القوة والتطورquot;.

وأشار إلى أن من بين أبرز الأسباب التي تحول دون الاستفادة الكاملة من عوامل هذه القوة، quot;حالة عدم الاستقرار، التي يمر فيها العالم العربي منذ عقود عدة، وأدت إلى عدم تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على أرضهquot;.

وعبّر عن قلقه من quot;استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، والرفض المستمر لمساعي السلامquot;. إضافة إلى quot;تواصل التصعيد في العراقquot;، مطالباً المعنيين بذل مزيد من الجهد حتى يستعيد العراق عافيته، ودوره الإقليمي، ومكانته كعامل فاعل من عوامل الاستقرار في المنطقة.

واعتبر آل نهيان أن الابتعاد العربي عن العراق، أدى إلى انفراد بعض القوى الإقليمية بقدرة التأثير في الساحة العراقية، بهدف عزل العراق عن محيطه العربي.

وأكد على العمل في استكمال فتح سفارة للدولة في بغداد، كدعم سياسي ومعنوي للجهود المبذولة أمنياً.

ولدى سؤاله عن مستقبل قضية الجزر الثلاث المحتلة من قبل إيران، جدد تمسك الدولة بخيار التسوية السلمية لهذا النزاع، عن طريق تحكيم مبادئ الشرعية الدولية، وقبول التحكيم، أو الدخول في مفاوضات ثنائية جادة.

على صعيد آخر، أوضح أن هناك مستويات عدة لمعالجة الخلل في التركيبة السكانية، أولها ضبط سوق العمل، والعمل على تنمية القدرات البشرية المحلية، وتطوير أدائها وإشاعة ثقافة الاعتماد على الذات، في كثير من الأعمال التي تركت للعمالة الأجنبية، إضافة إلى دفع الكلفة المالية للعمالة الوافدة، من خلال تطوير شروط الاستقدام للعمالة الأجنبية، إلى المدى الذي تصبح فيها تلك الكلفة مغرية للبدائل المحلية.
ولدى سؤاله عن سر نجاح التجربة الوحدوية العربية الوحيدة، عزا الأسباب إلى صدق وإخلاص البناة الأوائل، وعلى رأسهم الراحل الشيخ زايد، الذي صاغ بحكمته أولويات الدولة الاتحادية، فركز أولاً على التنمية البشرية، باعتبارها الثروة الحقيقية للوطن إلى حانب اعتماده مبدأ التدرج والتأني في بناء الاتحاد. أما عن دوره كجيل ثان الجيل فالمحافظة على مكتسبات التجربة، وتعظيم انجازاتها.

وعن سؤال عما إذا كان هناك تنافس بين الإمارات، أجاب مباشرة نعم. لكنه استطرد موضحاً quot;إنه تنافس شريف لخدمة أبناء الإماراتquot;.

وفي ما يتعلق بالديمقراطية، أشار إلى إيمانه بالمشاركة والشورى،رغم أن لكل تجربة ديمقراطية خصوصيتها، تنسجم مع ظروفها وأولوياتها.

كما لفت إلى أن تنويع مصادر الدخل في الدولة هدف إستراتيجي لسياستها الاقتصادية، وأنه لا يتم فقط من خلال المبادرات الحكومية، بل من خلال تمكين القطاع الخاص من ممارسة دوره كاملا كشريك في عملية التنمية.

أما بخصوص الطاقة، فذكّر بإطلاق الدولة خطة عمل التنمية المستدامة، بهدف تطوير مدينة quot;مصدرquot;، التي ستكون أول مدينة عالمية خالية من الكربون، وستعتمد على تقنية الطاقة المتجددة والنظيفة، مثل الطاقة الشمسية المركزة، والتي يمكن استخدامها في توليد الكهرباء وتحلية المياه.

ورفض أن يكون الاستثمار في مجال الأمن الغذائي العربي قائما على اعتبارات سياسية، وإنما على اعتبارات اقتصادية.
وفي ما يتعلق بمساعدة الشعوب لمواجهة الكوارث التي تتعرض لها، أكد بأنها quot;جزء من ثقافتنا وواجبنا الديني والإنساني، وتعبير عن إحساسنا بالمسوؤلية والالتزام تجاه عالم نحن جزء منهquot;مفضلاً عدم ذكر أي أرقام في هذا المجال، حفاظا على الطبيعة الإنسانية لهذه المساعدات.

وعن رؤيته لمواجهة التحديات في حال تعرّض عوائد النفط لاهتزازات بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة، قال quot;إن التذبذبات في سوق النفط ليست جديدة، نحن نتابع ما يحدث في سوق البترول، ونعمل مع شركائنا في منظمة الأوبك، لمواجهة أي سلبياتquot;.

وأضاف quot;نعمل على استثمار عوائد النفط، لتنمية مواردنا البشرية، باعتبارها أثمن مواردنا، كما على تنويع مصادر دخلنا من خلال بعض الاستثمارات الداخلية والخارجيةquot;.

وفي أوجه التعاون الإماراتي- المصري بيّن أن الإماراتيين سباقون في التوجه إلى مصر، سواء بقصد السياحة والتعليم، أو الاستثمار. منوهاً بالمزايا النسبية التي يتمتع بها الاقتصاد المصري والتي تشكل حوافز مشجعة للمستثمر الإماراتي. وتمنى في الختام زيادة انخراط رجال الأعمال في البلدين في مشروعات مشتركة مستقبلاً.