قراء إيلاف ربطوا بينهم وبين الإرهاب
قراصنة الصومال ثراء فاحش وتخطيط محكم
عبد الرحمن الماجدي: لم يكن ظهور القراصنة قبالة السواحل الصومالية فجأة دون مقدمات، لكنّ حلاوة العمل وغياب الرادع وسهولة الإستجابة لمطالبهم شجعت أعدادًا كبيرة من رجال الميليشيات الصومالية تنتظم في فرق القرصنة وهم يرون لمواطنيهم يثرون بسرعة بامتلاكهم سيارات حديثة ومنازل فخمة ومتزوجين أجمل وأصغر الفتيات بل صار بعض رجال الاعمال يقترضون من هؤلاء القراصنة مقابل فوائد في السداد أو يدخلون كشركاء بأعمالهم بنسب معينة حد أن مهنة القرصنة باتت مبعث وجاهة في عدد من مناطق الصومال لما تدره من أرباح وهيبة. وكان ممثل الأمين العام للامم المتحدة للقرن الأفريقي أحمدو ولد عبد الله،أشار قبل نحو شهرين الى أن القرصنة قد أصبحت تجارة تبلغ قيمتها عدة ملايين من الدولارات الأميركية، وتجذب الكثير من الصوماليين باستخدام غطاءات سياسية واجتماعية مختلفة لأنشطتهم غيرالمشروعة. وقد بلغ عدد السفن التي هوجمت من قبل القراصنة قبالة السواحل الصومالية البالغة 1800 ميل نحو 60 سفينة يحمل بعضهما معدات عسكرية وأخرى كيميائية دون أن يفرق القراصنة بين هويات الدول التي تمتلك تلك السفن. فما يهمهم هو جنبي الكثير من المال وحسب.
ما ميّز قراصنة الصومال عن نظرائهم في البحر الكاريبي الذين ظهروا قديمًا، هوان قراصنة الصومال لم يقتلوا رهينة حتى الان وربما هذا ما جعل ردود الفعل تجاههم غير حازمة. لكن المواقف تجاههم زادت مع رفع مبلغ الفدية التي يطلبونها لإطلاق سراح أي سفينة يستولون عليها. فقد ارتفع المبلغ من ملويني دولار حيث كان الامر يمضي بهدوء وبعديًا عن ملاحقات وسائل الاعلام وربما كان الامر يشبه الاتفاق غير الموقع بين القراصنة وقباطنة السفن التي تبحر قبالة الساحل الصومالي اذ تتم تسوية الامر بدفع فدية خلال ساعات أو يوم او يومين بعد صعودهم للسفينة. لكن ذلك التساهل شجع مئات الشباب الصوماليين الذين تترواح أعمارهم بين 20 و35 على تكوين عصابات قرصنة منظمة وطلب المزيد من المال، مما تسبّب بخطف اعداد كبيرة من السفن الامر الذي أعاق الملاحة في خليج عدن وتحويل اعداد من السفن مسارتها الى رأس الرجاء الصالح لتجنب شبح القرصنة.
ولا يمكن مكافحة القرصنة بشكل تمام وسريع فالبحارة لا يمكنهم معرفة ان كانت الزوارق التي تقترب منهم هي لصيادين او مسافرين أو لقراصنة ولا يتضح الامر لهم الا بصعود ركاب تلك الزوراق للسفينة شاهرين اسلحتهم الخفيفية والمتوسطة. ويوضح محمد محمد الخبير بالشؤون الصومالية في مؤسسة بي بي سي إن عصابات القراصنة الصوماليين تكون من مجموعات: الاولى من بحارة سابقين، وهم عقل هذه العمليات لأنهم يعرفون البحار بشكل جيدًا. والمجموعة الثانية من أعضاء سابقين في الميليشيات المتحاربة، والذين يعتبرون عضلات العمليات، بسبب خبرتهم العسكرية. والمجموعة الاخيرة وهي الاهم من خبراء تقنيين، وهم العقول المحركة للعمليات بسبب خبرتهم في عالم الكمبيوتر ومعرفتهم بتشغيل أجهزة تحديد المواقع الملاحية وهواتف الأقمار الاصطناعية والمعدات العسكرية المتطورة.
وتتقاسم المجموعات الثلاث الفديات المالية الكبيرة المتحققة من وراء عمليات القرصنة والتي تدفعها شركات الشحن البحرية نقدًا. وجميع هذه المجموعات تطلق على نفسها اسم quot; حراس السواحلquot; كمبرر تطهيري لا شعوري لما يقومون به من أعمال.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تسعى إلى الحصول على توضيحات حول حجم القوة التي يمكن استخدامها لمعالجة قضية القرصنة التي تهدد حركة الملاحة الدولية قبالة سواحل الصومال، وعلى الرغم من كل الإحطياطات التي اتخذتها دول عدة من ارسال فرقاطات وسفن حربية للسواحل الصومالية وبعد أن أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا في حزيران/يونيو الماضي يسمح ـ بالتعاون مع الحكومة الانتقالية الصومالية ـ ولفترة ستة أشهر بدخول المياه الإقليمية quot;لمكافحة أعمال القرصنة والسطو المسلح في البحارquot;. الا ان عمليات القرصنة لما تزل مستمرة والسفن المخطوفة لما تزل تنتظر تسيديد الفدية لكل منها ليطلق سراحها.
لكن زيادة عمليات الخطف وسقوط سفن تحمل أسلحة كبيرة واخرى مواد خطرة نبه المجتمع الدولي الى امكانية خطف سفينة تحمل وقودًا او فضلات نووية تقع بأيدي القراصنة. اذ تم حشد عدد من السفن الحربية مكونة اسطولاً لايمكنه الحد من القرصنة الامر الذي جعل دولا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وتركيا وألمانيا وروسيا والهند ودول أخرى تستعد لارسال تعزيزات اخرى اذ بات خطر القرصنة امرًا يجب معالجته بغير دفع المال. وعلى الرغم من تصريح شيخ عبد الرحيم عيسى ادو وهو متحدث باسم الإسلاميين لرويترز بعد خطف الناقلة سيريوس ستار التي تعود ملكيتها للملكة العربية السعودية التي تحمل شحنة نفط قيمتها 100 مليون دولار وعليها طاقم مكون من 25 فردًا، بأنquot;السعودية بلد مسلم وخطف احدى سفنها جريمة أكبر من خطف السفن الأخرىquot; ربما يوحي بالتساهل في خطف السفن التي ترفع اعلامًا لدول غير مسلمة.
قراصنة الصومال او حراس السواحل كما يسمّون أنفسهم كانوا موضوع استفتاء إيلاف في الاسبوع الماضي حيث ربط معظم من اشترك في التصويت بين القرصنة والارهاب اذ وجد (1903) ما نسبتهم 61% رابطًا بين القرصنة البحرية والإرهاب فيما خالفهم (1132) أي 36% ولم يبد 3% (92) من المشاركين أي رأي وبلغ عدد من اشترك بالتصويت 3127.
التعليقات