بيروت: لطالما اشتهر شجر الأرز في لبنان بأنه رمز لبلد عصفت به الخلافات السياسية والطائفية. فشجرة الأرز منتشرة في مختلف أرجاء لبنان، فهي تتوسط العلم، وترفع شعارا للبنوك، والطيران الوطني، إضافة إلى أنها أسم لأحد أنواع النبيذ المحلي.

وشجرة الأرز لا يقتصر دورها على تسويق المنتج اللبناني، بل هي رمز لحكاية تاريخية تعود إلى زمن الإنجيل عندما كانت كل هذه المنطقة مغطاة بغابات من الأرز.

وحول تاريخ الشجرة في لبنان، تقول ميرنا سمعان، ناشطة في مجال البيئة: quot;لقد ذكرت شجرة الأرز 83 مرة في الإنجيل، وبالأخص الأرز اللبناني، كما أن وصف الإنجيل لهذه الشجرة عبر عن شموخها وعزتها وعمرها الطويل.quot;

وميرنا درست بتعمق تاريخ شجرة الأرز منذ بدء ظهورها في لبنان، وتكونها في غابات ممتدة منذ الأزل.

تقول سمعان: quot;أشعر بالانتماء الشديد لهذه الأشجار، كما أنني أعرف كل شجرة هنا، وأعرف كل الطرق الصغيرة منها والكبيرة المؤدية لكل شجرة في هذه الغابة.quot;

ورغم المطالبات المنادية بحماية تلك الشجرة الرمز، إلا أنها، وللأسف، لم تنج من أيدي المخربين الذي لا يهتمون لأمرها، بل تطاولوا وبطرق غير الشرعية لقطعها.

وحول هذه المحاولات، تقول ميرنا: quot;60 في المائة من أشجار الأرز تم قطعها لاستعمال خشبها خلال الحرب العالمية الأولى وذلك لبناء خط القطار الرابط بين الحجاز ودمشق، كما تم استخدامها كوقود للقطارات.quot;

وفي نهاية العقد الأخير من القرن الماضي، تعرضت محمية تنورين، التي تحتوي على ملايين أشجار الأرز لهجوم أسراب كبيرة من الحشرات زحفت الى الأشجار الخضراء مخلفة وراءها جفافا لم تعهده البلاد أبدا.

ولكن، لم تتوقف الجهود أبدا، فنورا جنبلاط، زوجة السياسي وزعيم الدروز وليد جنبلاط، ناشطة بيئية، لطالما اهتمت بغابات الأرز، وأسست ما يعرف الآن باسم quot;جمعية حماية الأرزquot;.


تقول جنبلاط: quot;قمنا بإصلاح بعض الطرق المؤدية إلى غابات الأرز، ومن ثم قمنا بإغلاقها حتى لا يصل الناس إليها، ومن ثم بدأنا بإجراءات لحماية الأرز تحت مسمى جمعية حماية الأرز.quot;

وتبقى شجرة الأرز صامدة في وجه كل المتغيرات والخلافات والنزاعات السياسية والطائفية، تماما كلبنان.