تل أبيب: لا للهدنة المؤقتة ونعم للدائمة
الإسرائيليون يحتمون بالملاجئ خوفا من quot;بقعة الزيت الحارقةquot;
عواصم، وكالات: دعا وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في افتتاح الاجتماع الوزاري الطارىء للجامعة العربية الى اجتماع مصالحة فلسطيني فوري مؤكدا ان العرب لن يستطيعوا quot;مد يد العونquot; لهم ما لم يتوحدوا ومحذرا من ان الانقسام سيجلب لاسرائيل quot;انتصارا وراء انتصارquot;. وقال الفيصل الذي يتراس الاجتماع، في كلمته الافتتاحية quot;اقول للاشقاء الفلسطينيين ان امتكم العربية لا تستطيع ان تمد لكم يد العون الحقيقية ما لم يمد الواحد منكم يده للاخرquot;.
واضاف quot;آن الاوان لكي تلتقي كل الفصائل الفلسطينية في اجتماع حاسم ينتهي الى حكومة وحدة وطنيةquot;. وتابع ان quot;بقاء الانقسام سيقدم للعدو الاسرائيلي انتصارا بعد انتصار وسمنع الاخوة الامة العربية من الحركة الفعالةquot;. واعتبر الفيصل ان quot;هذه المأساة الرهيبة ما كانت لتقع لو كان الشعب الفلسطيني خلف قيادة واحدة ينطق بصوت واحدquot;. وختم quot;ادعو الاخوة الفلسطينيين الى الوحدة وبهذا وحده يتحقق الحلم الفلسطيني في الاستقلال والحرية والكرامةquot;.
بدوره دعا الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الفصائل الفلسطينية الى الاجتماع quot;فوراquot; للتوصل الى اتفاق مصالحة وطنية. وطالب موسى quot;الفصائل الفلسطينية بالاجتماع فورا فوراquot; للتوصل الى اتفاق مصالحة وطنية.
وبالعودة الى قطاع غزة فقد إستفاق سكانه على جولة جديدة من الغارات وعمليات القصف لليوم الخامس على التوالي، حيث ذكر ناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن قصف ليل الأربعاء إستهدف مكتب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، ومبنى وزارة الداخلية التابعة لتلك الحكومة.
وفي وقت قالت فيه حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot; إنها لن تقبل ما تردد عن quot;هدنةquot; لمدة 48 ساعة، وأعلنت عن سقوط صواريخ في مناطق تبعد أكثر من 40 كيلومتراً عن القطاع للمرة الأولى، ذكر مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، أن غزة هي بين quot;الجبهات الأساسيةquot; لما وصفه بـquot;الحرب العالمية على الإرهاب،quot; مقارناً ما تقوم به بلاده بالحرب التي تشنها واشنطن على تنظيم القاعدة وحركة طالبان. وقال الناطق إن الغارة على وزارة الداخلية تأتي بعد أخرى جرت الثلاثاء، واستهدفت مجمّعاً للوزارات في غزة، مضيفاً أن صواريخ غارات الأربعاء ضربت أيضاً ما زعم بأنه quot;شبكة أنفاقquot; كانت تصل بين غزة والأراضي المصرية.
وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية ان اسرائيل تبحث اليوم مقترحات دولية بشان اقرار الهدنة الدائمة ةقال المتحدث يغال بالمور quot;هناك عدة مقترحات مقدمة من اطراف مختلفةquot; في العالم. واضاف ان quot;هناك حوارا مع هذه الاطراف من اجل التوصل الى مشروع هدنة دائمة جاد مع بعض الشروطquot; التي تتيح وقفا quot;تاماquot; لاطلاق الصواريخ على اسرائيل.
ملاجئ إسرائيل
ولا يقيس الكثيرون من سكان جنوب إسرائيل القتال الدائر في غزة المجاور لهم بالأيام أو الساعات لكن بعدد الثواني التي يضطرون إلى قضائها أثناء الإحتماء من الصواريخ التي تطلقها حماس. وفي مدينة أشدود الساحلية قتل صاروخ إمرأة يوم الإثنين بعد 40 ثانية بين إطلاق صافرات أقصى درجات التحذير وسقوط الصاروخ. وتبعد أشدود 35 كيلومترا عن غزة ولم تمس صواريخ الإسلاميين الفلسطينيين المدينة قبل أن تشن إسرائيل حملتها الجوية على القطاع يوم السبت. وما زال الكثيرون من سكان المدينة البالغ عددهم 230 ألف نسمة لا يصدقون أنهم الآن تحت النيران. وقال إيلي وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 40 عاما quot;مازلنا في صدمة. لم أسمع طوال حياتي صافرة تشير الي أقصى درجات التحذير في اشدود.quot;وقتلت الصواريخ ..وبعضها مصنع محليا والاخر من انتاج مصانع وجرى تهريبه الى غزة.. أربعة اسرائيليين منذ بدء القتال. وتطلق حماس صواريخ أكثر قوة بمرور الايام ضمن استراتيجية اطلقت عليها quot;بقعة الزيت الحارقةquot;. وقتلت اسرائيل أكثر من 380 فلسطينيا في غزة منذ بدأت الهجمات يوم السبت وتشترط ان تتضمن اي هدنة جديدة في غزة انهاء اطلاق الصواريخ. وقال حاييم روزن (13 عاما) انه يفكر دوما في المخابيء التي يجد فيها حماية اذا انطلقت صافرات الانذار مرة اخرى. واضاف روزن اثناء فترة استراحة وهو يتجول بدراجته على الارصفة التي لا تزال مزدحمة بالمشاة quot;انه مثل أي يوم اخر... حتى الان كنا نعتقد ان الانذارات لن تسمع الا في عسقلان وحدها او الي الجنوب منها.quot;
وفي عسقلان التي تبعد 20 كليومترا عن غزة تمنح صافرة أقصى درجات التحذير السكان 30 ثانية للعثور على مخبأ. ورغم ان السكان اكثر اعتيادا على صافرات الانذار لانهم عايشوا زخات من الصواريخ في السابق الا ان نمط حياتهم تغير. فمراكز التسوق مغلقة في احيان كثيرة والبلدية والمصالح الحكومية تعمل من غرف محصنة او في مخابيء تحت الارض.
لكن التأثير ملموس اكثر في التجمعات الاسرائيلية السكانية الحدودية الصغيرة التي يمكن لسكانها ان يروا غزة من الفناء الخلفي لمنازلهم. ويستمر التحذير في هذه التجمعات عشر ثوان فقط. واذا اطلق الفلسطينيون قذائف مورتر على ارتفاع منخفض فان هذه القذائف قد لا ترصدها اجهزة الرادار الاسرائيلية على الاطلاق. وكثير من البلدات خاوية حيث تفضل النساء والاطفال البقاء مع الاصدقاء والاسر في مناطق بعيدة عن ذراع حماس. وفضل نيتزان شاي (42 عاما) وهو عامل زراعي يعيش في كيبوتز نيريم الذي يبعد كيلومترين من غزة البقاء للعمل في الحقل بينما انتقلت الاسرة الى الشمال. وقال شاي quot;الرجال خم في الاغلب من بقوا هنا.... وخصوصا الاكبر سنا الذين شهدوا حروبا من قبل ولا يهابون أي شيء.quot;
الإجتياح البري
فيما تتواصل الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، كشفت مصادر رسمية وتقارير إعلامية أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، تبحث اقتراحاً يتضمن وقف إطلاق النار لمدة يومين، قبل أن تشرع باجتياح القطاع بالقوات البرية. وأكد مسؤول بوزارة الدفاع الإسرائيلية أن الوزير إيهود باراك، يأخذ اقتراحاً بتهدئة quot;مؤقتةquot; في قطاع غزة جدياً، بهدف السماح بدخول المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن باراك سيناقش هذا الاقتراح، الذي جاء بمبادرة من وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، مع أولمرت في وقت لاحق.
وبحسب تقارير نقلتها إحدى الصحف الإسرائيلية واسعة الانتشار، بالإضافة إلى شبكتين تلفزيونيتين إسرائيليتين، فإن مسؤولون عسكريون quot;نصحوا رئيس الوزراء إيهود أولمرت، بالسعي لمبادرة سياسية لوقف الحرب ضد حماس، وإعلان وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة.quot;
إلا أن حماس لم تعرب عن استعدادها لقبول هدنة من هذا النوع، وقال ممثلها في لبنان، أسامة حمدان، في حديث لـ السي أن أن: quot;ما من مجال لمناقشة هدنة لـ48 ساعة فقط، علينا التحدث عن وضع حد للهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين وفتح كل الحدود أمام الفلسطينيين من أجل الحصول على مساعدات، وبعدها يمكن التحدث في السياسة.quot; من جانبه، دعا الرئيس الأميركي، جورج بوش، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس حكومته، سلام فياض، إلى البحث مع الجانب الإسرائيلي في سبل التوصل إلى quot;هدنة قابلة للاستمرارquot; الأمر الذي شكك خبراء في جدواه، باعتبار أن قطاع غزة خاضع لسيطرة quot;حماس.quot;
ميدانياً، ذكرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لـquot;حماسquot; في بيان الخميس، إنها quot;كسرت حاجز الـ40 كيومترquot; وضربت بلدات إسرائيلية جديدة قائلة: quot;في تطور نوعي للمقاومة الفلسطينية، تمكنت كتائب القسام أن تُدِخل مدنا تحتلها دولة الاحتلال منذ عام 48، (في عملياتها) بعد أن استهدفتها بصواريخ من نوع غرادquot;. وأضافت الكتائب أنها: quot;وسعت دائرة الاستهدافquot; بعد أن قامت مساء الثلاثاء بضرب مدن ومستعمرات بئر السبع وكريات جات وكريات ملاخي واسدود واوفيكيم وعسقلان وسديروت بثمانية صواريخ غراد و14 صاروخ قسام.
وكان الجيش الإسرائيلي قد فند تلك التقارير فور صدورها، معتبراً أنها quot;غير دقيقةquot;، مشيراً إلى أنه لم يطلب أحد من القادة العسكريين من رئيس الوزراء وقف العملية الجارية ضد حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot;، حسبما جاء على لسان متحدث عسكري إسرائيلي.
وقالت صحيفة quot;هآرتسquot; الإسرائيلية في موقعها على شبكة الانترنت إن quot;الهدف من هذه التهدئة المؤقتة المقترحة، معرفة ما إذا كانت حماس ستلتزم بالهدنة، وتوقف إطلاق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية.quot; وتعليقاً على تلك التقارير، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، مارك ريغيف، إن إجتماعاً رفيعاً ستعقده الحكومة مساء الثلاثاء، لتقييم العملية العسكرية ضد حماس، إلا أنه ذكر أنه ليس لديه معلومات بشأن اقتراح بالتهدئة على جدول أعمال الاجتماع.
تأتي تلك التقارير بعد قليل من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي الثلاثاء، أن القصف الجوي المتواصل منذ أربعة أيام على غزة، ليس سوى مرحلة أولى من عملية عسكرية واسعة النطاق أجازتها الحكومة ضد حركة quot;حماس.quot; وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، قد صرح أمام الكنيست الاثنين، بأن الحملة العسكرية، التي استهلت السبت، ما هي إلا حرب شاملة ضد حركة المقاومة الإسلامية. وأضاف قائلاً: quot;مددنا يد السلام إلى الفلسطينيين مرات عديدة.. لا نكن العداء لسكان غزة.. إلا أن هذه حرباً شاملة ضد حماس وفصائلها.. ضبط النفس الذي أبديناه من قبل هو مصدر قوتنا حين تدق ساعة القتال.quot;
وواصلت المقاتلات الإسرائيلية ضرب أهداف لحماس، في الوقت الذي تجاوزت فيه حصيلة القتلى الفلسطينيين أكثر من 384 قتيلاً، فضلاً عن نحو 1750 جريح آخرين، فيما سقط ستة قتلى من الجانب الإسرائيلي. وفيما قالت مصادر طبية فلسطينية إن غالبية القتلى الفلسطينيين من نشطاء حركتي quot;حماسquot; وquot;الجهادquot;، فقد أفادت مصادر بالأمم المتحدة بأن ما يزيد على 60 مدنياً فلسطينياً قُتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي.
مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة
وصف سالاي ميريدور، ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، قطاع غزة بأنه أحد quot;الجبهات الأساسية للحرب العالمية على الإرهاب،quot; مقارناً ما تقوم به بلاده بالحرب التي تشنها واشنطن على تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية. وقال ميريدور، في حديث للصحفيين: quot;هذه ليست مشكلة منفصلة تخص إسرائيل وحدها، بل هي متصلة بمخاطر كبيرة تواجهها المجتمعات الغربية حالياً جراء الإرهاب، سواء أكان ذلك في مومباي أو العواصم الأوروبية أو بئر السبع في إسرائيل أو - لا سمح الله - في نيويورك.quot; واعتبر ميريدور أن الغارات الإسرائيلية هي quot;أعمال تندرج في إطار الدفاع عن النفسquot; رافضاً وصف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لها بأنها تتضمن استخداماً مفرطاً للقوة.
اللجنة الرباعية
وكانت دعت اللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة. وذكرت وكالة الأنباء الروسية quot;نوفوستيquot; أن اللجنة الرباعية دعت إلى ذلك بعد مناقشة أطرافها اليوم هاتفيا سبل وقف العنف في قطاع غزة. وشارك في الاتصال الهاتفي الجماعي وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة كوندوليزا رايس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا.
وتتكون quot;اللجنة الرباعيةquot; من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة. وكان وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة دعيا في اتصال هاتفي سابق اليوم إلى وقف العنف في قطاع غزة، وتهيئة الظروف لمواصلة المفاوضات.
قافلة جديدة من المساعدات
كما اعلن متحدث عسكري اسرائيلي ان قافلة جديدة من المساعدات الانسانية الدولية تقوم صباح الاربعاء بالعبور من اسرائيل الى غزة، وقال المتحدث باسم منسق النشاطات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية بيتر ليرنر ان quot;قافلة من 106 شاحنات تنقل مساعدة انسانية قدمتها دول عدة ومنظمات دولية وشركات ورجال اعمال بدأت تمر عبر معبر كرم سالمquot;. واوضح ان هذا المعبر فتح لليوم الرابع على التوالي بينما ابقيت كل المعابر الاخرى بين اسرائيل وغزة مغلقة.
بدورها اعلنت الحكومة الاسبانية ارسال مساعدات طبية بقيمة مليون ونصف مليون دولار الى سكان غزة، وقالت وزارة الخارجية الاسبانية في بيان ان هذه المساعدة quot;ستتيح تزويد مستشفى غزة الامدادات لاربعة اسابيع على الاقلquot;، في حين انها كانت ستلبي حاجاته في الظروف الطبيعية لستة اشهر. واوضحت ان هذا التدبير يضاف الى تزويد الصليب الاحمر الاثنين اليتين محملتين خمسين طنا من الادوية والمواد الاستشفائية كمساعدة عاجلة اولى للسكان المدنيين في غزة. واقامت مدريد خلية ازمة لتنسيق المساعدات الانسانية المقدمة الى فلسطينيي القطاع برئاسة وزيرة الدولة الاسبانية للتعاون الدولي ثريا رودريغيز. واعلنت الوزيرة الثلاثاء ان quot;الحكومة الاسبانية تعول على وفاء اسرائيل بالتزاماتها الدولية بحيث تسهل وصول المساعدات الانسانية الى السكان المدنيين المتضررينquot;.
التعليقات