مواقف في خميس حداد بيروت لم يجمع بينها إلا المطر الغزير
14 آذار تكسب رهانها وquot;حزب اللهquot; ينتقل إلى مرحلة جديدة

مشيعون لمغنية
إيلي الحاج من بيروت: تحت سماء ماطرة بغزارة استعاد فريقا النزاع في لبنان مواقفهما الأولى من بداياتها، فقوى 14 آذار/ مارس التي ربحت رهانًا على جمهورها الذي لم يخذلها، وتقاطر إلى ساحة الشهداء وسط بيروت بمئات الآلاف، على الرغم من العواصف المناخية والسياسية أثبتت في الذكرى الثالثة للرئيس رفيق الحريري ما كانت تريد إثباته: إنها ليست أقلية أبدًا ومستعدة لكل أشكال المواجهة إذا اقتضى الأمر، وقوى 8 آذار/ مارس، وبالأحرى quot;حزب اللهquot; استعاد في تشييع المسؤول الأمني والعسكري في قيادته عماد مغنية وجهة الصراع الأولية ضد إسرائيل التي توعدها الأمين العام السيد حسن نصرالله بعمليات خارج الحدود على غرار ما فعلت باغتيال مغنية في سورية، على غرار ما كان مغنية يتهم به ويلاحق بسببه في عشرات الدول. لم يلتفت نصرالله طويلاً إلى قضايا الداخل في كلمته إلا للتأكيد أن حزبه لن يقبل بلبنان لا يتلاءم وخط الحزب في مقاومة إسرائيل والتحالف مع سورية.

أما في المضمون، فأراد quot;حزب اللهquot; أن يكون تشييع أحد قادته الفاعلين عماد مغنية نقطة تحول في الصراع مع إسرائيل التي أكد نصرالله إنها ستزول من الوجود، وكان لافتًا حضور وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي وإلقاؤه كلمة في التشييع شددت الروابط بين الحزب وإيران.
إلا أن أكثر ما قوّى موقف قوى 14 آذار/ مارس هو تحقق رهانها الأكبر على المحكمة الدولية التي باتت قاب قوسين من انطلاقتها بعدما كانت أشبه بحلم صعب التحقق، هكذا كان لهذه القوى هي أيضًا quot;وعد صادقquot;، إنجاز تبتاهه به وتبرر كل ما قدمت من تضحيات وما واجهت من صعوبات، فبقي أمامها من الأهداف الرئيسة التي رسمتها quot;ثورة الأرزquot; ما طرحه قادتها على المنبر الخطابي: الضغط في اتجاه ملء الفراغ الرئاسي وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسًا توافقيًا للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والتصدي لما تعتبره هذه القوى quot;مشروع العودة السورية المنهجية الى الداخل اللبناني بطرق سياسية وأمنية . على هذين المحورين تمحورت الرسالة السياسية التي حركت من أجلها14 قوى آذار جمهورها، محاولة استعادة quot;المبادرة الشعبيةquot; بعدما كانت فقدتها جزئيا مع اخلائها ساحة الشهداء، في موازاة تقدم فريق 8 آذار/ مارس في لعبة السيطرة على الأرض منذ نهايات العام 2006.

بتعبير آخر أرادت قوى تحالف 14 آذار/ مارس في الذكرى الثالثة للحريري اعادة ضخ الدم في عروق انتفاضة الاستقلال وتقديم عرض قوة لشعبيتها من أجل كسر توازن القوى على الأرض او في أسوأ الأحوال احداث نوع من توازن الرعب بإظهار أن هناك شارعًا موازيًا وجاهزًا لكل الاحتمالات، وبالتالي مواجهة 8 آذار / مارس وتحديدًا quot;حزب اللهquot; في نقطة قوتها الأساسية أي الشارع وتعطيل هذه النقطة بما يؤدي الى تثمير وتوظيف حالة الدعم الدولي العربي المتجدد والعائد الى ما كان عليه عام 2005 من زخم في دعم لبنان وتشدد في الضغط على النظام السوري تجلى خصوصًا في تحقيق المحكمة بسرعة غير طبيعية وربط القمة العربية في دمشق بانتخاب رئيس للبنان.

مشاركون بذكرى اغتيال الحريري
ولا شك أن نزول جمهور تحالف الغالبية إلى الساحة ndash; الحدث والرمز والتي شهدت ماضيًا أبرز التطورات الحاسمة في تاريخ لبنان الحديث كان هذه المرة في ظروف أشد توترًا وتعقيدًا، مما أشاع على مدى أيام سابقة حالة ترقب على أمل ان يمر يوم 14 شباط / فبرايرعلى خير وبسلام.

وفي الخلاصة كان العامل الشعبي عاملاً مساهمًا في تكريس واقع التوازن السياسيوالميداني، والأرجح أنه سيساهم في انضاج التسوية السياسية وتقريب موعدها. علمًا أن لغة الحشود والأرقام في الشارع ليست سبيلاً الى احداث انقلاب وتحوّل في السياسة في لبنان.

والأرجح في قابل الأيام أن حركة الاتصالات الخارجية الكثيفة تشكل، على الرغم من استمرار المنسوب العالي للخطاب الداخلي، عاملاً مرجحًا بقوة لإمكان اجراء الانتخابات الرئاسية في 26 من الشهر الجاري، لأن الجميع باتوا يدركون خطورة استمرار الفراغ الرئاسي والانكشاف السياسي الذي يجر حتمًا الى انكشاف امني في ظل اجواء اقليمية ودولية متوترة ومتشنجة.

جمعت ساحتا الشهداء وسيد الشهداء اكثر من نصف سكان لبنان أمس