موسكو: تحتفل روسيا في الثالث والعشرين من فبراير بيوم المدافعين عن الوطن. وكانت روسيا في الحقبة السوفيتية الماضية تحتفل في هذا اليوم بعيد تأسيس الجيش الأحمر الذي رأى النور في فبراير من سنة 1918، وهو وليد الثورة التي وقعت في روسيا في عام 1917 وأوقعت روسيا وباقي دول العالم في منعطف مصيري. وساعد الجيش الأحمر شعوب روسيا وغيرها من بلدان العالم على تلمس طريقها.

ويرى د. اندريه سميرنوف، وهو باحث روسي معاصر، أن قادة الثورة الاشتراكية أقدموا على إنشاء الجيش quot;رغم إرادتهمquot; لأن منظري الثورة البروليتارية (العمالية) وعلى رأسهم ماركس ولينين رأوا ضرورة أن تستغني الثورة العمالية عن الجيش النظامي وتستعين بـquot;فصائل المقاومة الشعبية العماليةquot; لحماية النفس. وتمكن الثوار في روسيا عام 1917 من حل الجيش النظامي القديم ولكنهم لم يتمكنوا من إلغاء الحرب (العالمية الأولى) التي ما زالت نيرانها تلفح روسيا أيضا. وفضلا عن ذلك فإن الثورة العمالية لقيت مقاومة من جانب مناوئي نظام الحكم الجديد في روسيا.

ولم يتم، مع ذلك، إنشاء جيش نظامي حقيقي في روسيا السوفيتية - بحسب رأي الباحث - لأن مؤسسي الجيش الأحمر أصروا على إنكار أهم مبادئ الجيش النظامي - مبدأ الضبط والربط الذي يفرض على الجندي أن يطيع تعليمات وأوامر قائده. صحيح أنهم لم يعترضوا بل رحبوا بانتساب ضباط الجيش القيصري المنحلّ إلى الجيش الأحمر، لكنهم استحدثوا مؤسسة الموجه السياسي quot;الكوميسارquot; في الجيش. وكانت مهمة الموجهين السياسيين مراقبة ضباط الجيش. ومن هنا حصل الخلط حول ما إذا كان أفراد الجيش يتبعون لإمرة قادته العسكريين أو الموجهين السياسيين.

ولم يمكن لهذه الحالة أن تدوم إلى الأبد. فعندما لاحت في الأفق نذر الحرب الجديدة في نهاية ثلاثينات القرن الماضي بدأ quot;سيميون تيموشينكوquot; وزير الدفاع السوفيتي حينذاك النضال من أجل تطبيق مبدأ الانضباط في الجيش الأحمر. ولم يكن مصادفة أن يلعب ضباط صف الجيش القيصري أمثال quot;جوكوفquot; وquot;روكوسوفسكيquot; الأدوار الرئيسية في الجيش الأحمر في سنوات الحرب العالمية الثانية لأنهم تربوا على حب الانضباط.

وينهي الباحث حديثه قائلا إن ما يميز الثورة التي وقعت في روسيا في عام 1917 هو أن هذه الثورة غيرت - بخلاف الثورات الأخرى - أسس بناء الجيش.