استقرار الأمن وموارد الطاقة أولويات ثابتة للولايات المتحدة:
الوجود الأميركي ككيان مؤثر في العالم مرتبطبالخليج

واشنطن: تعد منطقة الخليج منطقة حيوية بالنسبة إلى واقع الدور الأميركي. تلك الأهمية التي لا ترتبط فقط بتأمين تدفق بترول منطقة الخليج. ولكنها تَكَمن أيضاً في مصلحة الولايات المتحدة في منع أي دولة معادية محتملة من التحكم في المنطقة ومواردها واستخدام ذلك لابتزاز العالم. كما أن للولايات المتحدة الأميركية مصلحة في الحفاظ على وجودها العسكري في الخليج العربي الأمر الذي يرجع إلى خطورة جغرافية الموقع. ومن ثم فإنه في حال منعت الولايات المتحدة الأميركية الوصول للخليج العربي، فإن قدرتها على التأثير في الأحداث في مناطق أخرى مهمة في العالم يمكن أن تَقِل. ومِن ثم يؤثرفي مصالحها. وفي ظل التحديات التي تواجه الدور الأميركي في منطقة الخليج العربي. يأتي تقرير صدر عن مركز quot; خدمة الأبحاث في الكونغرس quot; بعنوان quot; حوار أمن الخليج ومشاريع عرض مبيعات الأسلحة The Gulf Security Dialogue and Related Armed Sale Proposals quot;في 14 يناير 2008. ليشير إلى المساعدات الأمنية كأداة لإبراز الدور الأميركي في منطقة الخليج لمواجهة هذه التحديات.

السياق العام للتقرير

يُشير التقرير إلى أن الحفاظ على الاستقرار في منطقة الخليج العربي قد أصبح لفترة زمنية طويلة إحدى أولويات الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية. ويرجع ذلك إلى الرغبة في تأمين التدفق الحر للبترول والغاز الطبيعي للأسواق الدولية. إلى جانب دعم الحكومات الإقليمية الحليفة في جهودها الهادفة إلى تحقيق التوازن بين التهديدات الخارجية، والحفاظ على الأمن الداخلي.

وقد أسست دول الخليج العربي مجلس التعاون الخليجي في 1981 كآلية لحل قضايا الداخل السياسي والاقتصادي، وتنسيق التعاون الأمني المتعدد الأطراف. وخلال التسعينات، كانت وجهة النظر العسكرية الأميركية في منطقة الخليج ومحاولات الولايات المتحدة الأميركية لدعم تنسيق أمن مجلس التعاون الخليجي مصَمَمَة لاحتواء التهديدات العسكرية المألوفة المحتملة من جانب العراق وإيران. وفي أواخر التسعينات، عقدت إدارة كلينتون النية على برنامج لتعزيز التعاون لمواجهة تهديدات أسلحة الدمار الشامل.

تنشيط الحوار الأميركي- الخليجي

يشير التقرير إلى أن الإدارة الأميركية أطلقت جهودها لإنعاش مجلس التعاون الخليجي الأميركي (US.-Gulf Cooperation Council(GCC، للتعاون الأمني في إطار التكهن بحوار جديد لأمن الخليج Gulf Security Dialogue(GSD) في مايو 2006 كآلية لتحقيق تعاون مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة الأميركية، في مواجهة الإرهاب الناشئ وتهديدات الانتشار والاستجابة للتغيرات في التوازن الاستراتيجي الإقليمي.

وعرض التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها وجهات نظر فريدة بشأن التهديدات المتعددة للأمن التي يواجهونها، وأولياتهم بالنسبة إلى الاستجابة السياسية لها. وَيَدل على ذلك، أنه رغم التركيز العربي بشأن النيات والقدرات العسكرية الإيرانية، لكن دول مجلس التعاون الخليجي تستمر في التواصل مع القادة الإيرانية وتجنب مظهرهم بوقوفهم ككتلة موحدة مع الولايات المتحدة الأميركية ضد جيرانهم الخليجيين.

أيضاً أقرت دول مجلس التعاون الخليجي اهتمامهم بوحدة العراق. وقاموا بتقديم التزامات للعراق تَخص الصفح عن الديون والتمثيل الدبلوماسي. ذلك رغم أن بعض الحكومات الإقليمية التي يقودها العرب السنة يمكن أن تستمر في الحد من ارتباطاتها مع الحكومة العراقية بناء على إدراكهم أن بعض قادة الشيعة العراقيين يتم تحريضهم بمصالح طائفية متعصبة.

ويؤكد التقرير أن استقرار وأمن منطقة الخليج العربي وموارده من الطاقة ستظل من أولويات الأمن الوطني الأميركي. فعلى المدى القصير والمتوسط يشمل الاهتمام تهديدات الانتشار Proliferation Threats، والإرهاب المنشأ، الاستثمار الإيراني في الصواريخ البلاستيكية والتكنولوجيا النووية، والاهتمام المتزايد بالأمن الخليجي من جانب الصين، روسيا، والهند.

وبالنظر إلى ذلك، ربما يبحث الكونغرس عن التأثير على السياسة الخارجية الأميركية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي من خلال تخصيص بعض الأرصدة لبرامج يتم التنسيق بشأنها في إطار حوار الأمن الخليجي والتقويم لمشاريع عرض بيع الأسلحة.

ومن المحتمل أن يتم الإصرار على اهتمامات الكونغرس التقليدية بشأن الحفاظ على وضع إسرائيل كونها لديها quot; ميزات عسكرية نسبية qualitative military advantagequot;. أيضاً يمكن أن يتحكم أعضاء الكونغرس بمطالب خاصة برصد الأموال ومشاريع عروض بيع الأسلحة بهدف تأمين الأهداف الأميركية في تغيير بيئة الأمن.

ماهية الحوار الحالي حول أمن الخليج وأهدافه

وفي هذا السياق أكد التقرير أن الحوار الحالي يخدم كأساس لآلية التنسيق الأمني بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج الست لمجلس التعاون الخليجي The Gulf Cooperation Council(GCC)، والتي تشمل السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة، وعمان.

ويعد الهَدَف الأساسي للحوار هو دعم تعاون مجلس التعاون الخليجي، والولايات المتحدة الأميركية لمقابلة التهديدات المشتركة.

وقد ساعد الحوار على الإمداد بإطار للتعهدات الأميركية مع دول مجلس التعاون الخليجي في ستة مجالات:

تحسين قدرات الدفاع لمجلس التعاون الخليجي.

قضايا الأمن الإقليمي، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولبنان.

مواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل.

مقاومة الإرهاب والأمن الداخلي.

حماية البنية التحتية الخطرة.

العراق.

مشاريع عروض بيع الأسلحة ذات العلاقة والبلاغات للكونغرس

اقترحت الإدارة الأميركية سلسلة من عروض بيع الأسلحة بِنية تَعزيز قدرات الدفاع الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي. وفي هذا الإطار اقترحت الإدارة الأميركية حديثاً عروض بيع لأنظمة دفاع صممت لتقوية السلاح البحري، والجوي، وصواريخ الدفاع لبعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

وقد تَم إبلاغ تفاصيل مشاريع عروض بيع الأسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي للكونغرس منذ 1 أغسطس 2007.فبموجب القانون الأميركي التحكم في تصدير الأسلحةArms Export Control Act(AECA)، لابد أن يبلغ الكونغرس رسمياً قبل مرور 30 يوما رفضه للحكومة بشأن عرض بيع لمعدات أو أجهزة عسكرية بقيمة مالية محددة. والحقيقة أن عرض بيع الأسلحة تم الإبلاغ به رسمياً، وتم توضيح مراجعة الكونغرس، ولا يَعني ذلك بصورة ضرورية أن العقد تم التوقيع عليه لتنفيذ عروض البيع المقترحة.

وبشأن عروض البيع المستقبلية لتكنولوجيا ذخائر الهجوم المباشر المشترك Joint Direct Attack Munition(JDAM) Technology، أشار التقرير إلى أنه إبان عام 2007 أشار تقرير صحافي بشأن عروض بيع مستقبلية لهذه التكنولوجيا للمملكة السعودية العربية تم التعبير عنها في اهتمامات الكونغرس.

والـ JDAM عبارة عن نظام مركزي عالمي Global Positioning System(GPS) مزود بأقمار صناعية، توجيه داخلي يستطيع أن يلحق بمفرقعات تقليدية غير موجهة MK-82k ، MK-83، MK-84، BLU-109، وblu-110. وقد عبر بعض الملاحظين عن اهتمامهم بعروض بيع تكنولوجيا الـ JDAM للدول الأجنبية بسبب النتائج المحتملة لاستخدامها كأسلحة هجومية مؤذية.

وقد أشار التقرير إلى أنه في منطقة الشرق الأوسط باعت الولايات المتحدة الأميركية تكنولوجيا الـJDAM لإسرائيل، والإمارات العربية المتحدة، وعمان. فمنذ أغسطس 2007 أبلغت الإدارة الكونغرس بمشاريع بيع 10.000 قطعة من الـ JDAM لإسرائيل و200 قطعة JDAM للإمارات العربية المتحدة. وفي 14 يناير 2008 أبَلغت الإدارة بشكل رسمي الكونغرس مشروع بيع 900 قطعة من الـ JDAM للسعودية.

عقبات بشأن مراجعة الكونغرس

كما لوحظ سابقاً أن في إطار القسم 36 فرع B، لقانون التحكم في تصدير الأسلحة Arms Export Control Act(AECA)، أنه لابد أن يبلغ الكونغرس رسمياً قبل مرور 30 يوما من أن تستطيع الإدارة من اتخاذ الخطوات الأخيرة، برفضه لعرض بيع الحكومة العسكرية الأجنبية لأجهزة دفاع لحكومات دول غير الـNATO.

وفي إطار القانون الحالي، يواجه الكونغرس عقبتين رئيستين لمنع أو تعديل عرض البيع من جانب الرئيس للمعدات العسكرية: أولاً: لابد من أن يكون قادرا على تمرير التشريع المعبر عن الرغبة في عروض البيع، أيضاً: لابد أن يكون قادراً على إلغاء الفيتو الرئاسي المفترض لأي تشريع، الذي يشمل قرار عدم الموافقة. وذلك على الرغم من أن الكونغرس لديه الخيار في تمرير التشريع لمنع أو تعديل عرض بيع الأسلحة في أي وقت رغم بنود التسليم المتضمنة. غير أن مثل هذا الأمر، لو تم اتخاذه كقرار لعدم الموافقة يمكن أن يكون موضوع الفيتو الرئاسي.

الإدارة الحديثة ونشاط الكونغرس

في بداية 2007، تحدثت تقارير صحافية عن نية مسؤولين أميركيين (دون ذكر أسمائهم) على إبلاغ الكونغرس بعرض بيع مقترح لتكنولوجيا ذخيرة الهجوم المباشر المشترك Joint Direct Attack Munition(JDAM) technology للسعودية.

وعبر بعض المسؤولين الإسرائيليين عن معارضة موقتة لمثل عرض البيع. واستجابةً لذلك بدأ بعض أعضاء الكونغرس التعبير عن قلقهم عن عروض بيع تكنولوجيا الـJDAM المحتملة للسعودية. كما بَقَى بعض أعضاء الكونغرس معارضين لعروض البيع المرتقبة بناء على قلقهم بشأن حماية الولايات المتحدة الأميركية والقوات المتحالفة في منطقة الخليج والحفاظ على احتفاظ إسرائيل بـ quot;ميزة نسبية عسكريةquot; وسط جيرانهم العرب. وفي 14 يناير 2007، أبَلَغت الإدارة بشكل رسمي الكونغرس لمشروع البيع 900 قطعة من الـ JDAM للسعودية.

وجدير بالذكر أن الرئيس بوش قد أعلن إبان زيارته الأخيرة لمنطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد في الثلاثاء 15 من يناير 2008 أن الولايات المتحدة تنوي تزويد السعودية بـ900 صاروخ من أكثر الصواريخ تطوراً والتي توجه بالأقمار الصناعية، بالإضافة إلى أكثر أنظمة الأسلحة التي تنتجها الولايات المتحدة تقدماً، وذلك كجزء من مساعدات أمنية تبلغ كلفتها 20 بليون دولار للدول الخليجية.

مبادرات الكونغرس

منذ يوليو 2007، عرض أعضاء الكونغرس سلسلة من الخطابات للرئيس بوش معبرين عن قلقهم بشأن عروض بيع الأسلحة المحتملة للسعودية ومطالبة الإدارة باتخاذ أفعال محددة. وفي هذا الإطار أشار التقرير إلى حرص الإدارات الأميركية المتعاقبة على جعل حكومات الخليج معتمدة على الولايات المتحدة الأميركية، ودعمها التكنولوجي.

ويصرح بند 4 من قانون تحكم تصدير الأسلحة Arms Export Control Act(AECA) بأن سلع الدفاع الأميركي وخدمات الدفاع يباع للدول الصديقة quot;فحسبquot; لاستخدامها:

في الأمن الداخلي.

لاستخدامها في الدفاع الشرعي عن النفس.

لتمكين الحاصلين عليها من المشاركة في الترتيبات الإقليمية أو الجماعية أو كمؤشرات لتماسك ميثاق الأمم المتحدة.

لتمكين المستقبلين للمشاركة في المقاييس المطلوبة من جانب الأمم المتحدة بغرض حفظ أو إحياء السلام والأمن الدولي.

ولتمكين القوات العسكرية الأجنبية في الدول النامية من إنشاء الأعمال العامة وللتعهد في أنشطة أخرى مساعدة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لمثل هذه الدول الصديقة.

وأشار التقرير إلى أن حكومة الولايات المتحدة الأميركية لديها خيارات أخرى في إطار قانون الـ AECA لمَنع نقل بنود الدفاع والخدمات العسكرية والتي مازالت تعاقداتها سَارية المفعول وموجودة. وتَشمل هذه الخيارات أن تكون الدولة الأجنبية منتهكة لاتفاقية عرض بيع الدفاع القابل للتطبيق مع الولايات المتحدة الأميركية ومن ثم يمكن إرجاء التسليم لمواد الدفاع المأمور بها بالفعل، والرفض بالسماح لأنظمة تسلح جديدة.

كذلك عرض التقرير وجهة النظر الإسرائيلية الرسمية حيث أشار إلى تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود ألمرت Ehud Olmert في يوليو 2007. والخاص بأن إسرائيل تسلمت quot;تعهدا تفصيليا وصريحاquot; من الولايات المتحدة الأميركية quot;يؤكد تمكين إسرائيل ميزة عسكرية فوق الدول العربيةquot;. وأنه رغم أن القادة الإسرائيليين سَجلوا تصريحاتهم بالثقة في التزام الولايات المتحدة الأميركية في الحفاظ على التفوق النوعي للقوة العسكرية Israel's qualitative military edge ، إلا أنه لم يتم التأكيد من جانب المسؤولين الأميركيين أو الإسرائيليين على أي خطط بشأن بيع أنظمة JDAM لإسرائيل.