كوالالمبور:
تواصل الأحزاب السياسية في ماليزيا حملاتها المكثفة لإستقطاب التأييد الشعبي تمهيدا للإنتخابات النيابية العامة ال12 التي ستجرى يوم السبت المقبل وقد برز هذا واضحا من خلال تركيز الصحف ووسائل الاعلام على التصريحات التي يدلى بها قيادات الحكومة والمعارضة حول برامجهم الانتخابية. ومن الاحزاب التي تقود حملة انتخابية شرسة ضد تالف الاحزاب الحاكمة هو الحزب الاسلامي المعارض (باس) الذي يعد احد اقطاب العملية السياسية في ماليزيا والذي يعتبر الشقيق النقيض لحزب (امنو) الحاكم.

ويحظى حزب (باس) الاسلامي بشعبية واسعة لدى الماليزيين من عرق الملايو المسلم (اكبر الاعراق التي يتشكل منها النسيج الماليزي) حيث يعود تاريخ نشاته الى الخلاف الذي وقع بين قادة المنظمة القومية الملاوية المتحدة (امنو) في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي. وانتهى هذا الخلاف بانشقاق البعض وتشكيلهم للحزب الاسلامي التي يتخذ من الولايات الشمالية ذات الاغلبية المسلمة معقلا له حيث تمكن في الانتخابات العامة عام 1999 من تحقيق افضل النتائج كما تمكن من السيطرة على ولاية جديدة وهي ولاية (ترينغانو) ذات الاغلبية الملاوية المسلمة مكتسحا جميع مقاعدها التشريعية. كما تمكن حزب (باس) خلال انتخابات 1999 من احكام قبضته على ولاية (كلانتان) التي حكمها الحزب الاسلامي على مدى ثلاثة عقود في الفترة من 1959 وحتى 1974 ومن عام 1990 الى الان.

وفي الانتخابات العامة لعام 2004 مني حزب (باس) الاسلامي بخسائر فادحة فقد على اثرها ولاية (ترينغانو) الغنية بالنفط رغم ان الغالبية الساحقة من السكان كانت تناصر الاسلاميين كما تمكن وبشق الانفس من الاحتفاظ بحكمه لولاية (كلانتان) بعد حصوله على اغلبية متواضعة وهي 24 مقعدا من اصل 45 مقعدا للمجلس التشريعي للولاية.

- وتواصل مسلسل خسائر الحزب في عام 2005 وذلك اثر وفاة احد اعضاء المجلس التشريعي في ولاية (كلنتان) الذي كان مصنفا من الاعضاء الاسلاميين حيث تمكن التالف الحاكم مجددا من الفوز في تلك الانتخابات والسيطرة على مقعد تشريعي اخر ليصبح حزب (باس) بعدها حاكما للولاية باغلبية مقعد واحد فقط. وبالرغم من النكسات التي تعرض لها الحزب الاسلامي وهو الذي يقود تالف معارض خلال الانتخابات الحالية الا انه يشن حملة انتخابية واسعة ومكثفة ضد التالف الحاكم حيث تعتبر الانتخابات المزمع عقدها بعد ايام مفترق طرق بالنسبة لحزب (باس) الذي يبذل كل ما في وسعه لاستعادة ثقه الشعب الماليزي على الاقل في الولايات التي كان مسيطرا عليها.

يذكر ان تمثيل حزب (باس) الاسلامي داخل البرلمان تراجع بشكل كبير الى سبعة مقاعد برلمانية بعد ان كان مستحوذا على 27 مقعدا في الدورة البرلمانية للفترة 1999 - 2004 اذ فقد على اثرها زعامة المعارضة داخل البرلمان التي تسلمها من بعده حزب العمل الديمقراطي الصيني (داب). ومن ابرز الاسباب التي ادت الى هزيمة الاسلاميين في الانتخابات الماضية غياب التنسيق في كثير من الدوائر الانتخابية بين تحالف الحزب الاسلامي وحزب العدالة الشعبي من جهة وحزب العمل الديمقراطي (داب) من جهة اخرى مما ادى الى تشتت اصوات الناخبين الى جانب الاختلاف الايدلوجي الكبير بين الحزب الاسلامي وحزب العمل الذي يمثل الاقلية الصينية المعارضة في البرلمان.

وتمكن الحزب الاسلامي مؤخرا من تجاوز عقبة غياب التنسيق بين الاحزاب المعارضة والانضمام الى توحد قوى المعارضة التي اطلقت على نفسها اسم (الجبهة البديلة) اذ تبدو محاولات تفعيل التعاون وايجاد التازر في استراتيجيات العمل السياسي واضحة بين الحزب الاسلامية وحزب العدالة الا ان مشكلة الايدلوجية لاتزال قائمة بين الصينيين والاسلاميين في حزب العمل حول موضوع اسلمة الدولة.