البيرة (الضفة الغربية) : انهمك رواد مقهى فلسطين القديم وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية، في لعب الورق واحجار النرد بينما كانت وقائع الجلسة الافتتاحية لقمة دمشق تبث عبر جهازي تلفزيون في المقهى.ولم يعر اي من هؤلاء الفلسطينيين انتباها للخطب التي تبث ولا حتى لكلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في المقهى الذي اكتظ بالرواد خلافا لايام الاسبوع الاخرى اذ ان السبت يوم عطلة اسبوعية رسمية.
وقال صاحب المقهى تحسين ابراهيم (56 عاما) quot;لم الاحظ اي اهتمام من الزبائن بتتبع خطابات الزعماء العرب ولم يكترث احد للنظر الى اي من التلفازين عند افتتاح القمة ولم يكترث احد بأي خطاب من خطب الزعماء العربquot;.ورأى حسن الذي كان في المقهى ان الفلسطينيين لم يكترثوا باخبار القمة العربية لانهم quot;باتوا على قناعة بان القمم العربية لن تقدم او تؤخر من اوضاعهم شيئاquot;.وتحدث بحنين عن الماضي، قائلا quot;قبل سنين طويلة كنا نستخدم الراديو في المقهى. اذكر ان رواد المقهى كانوا يتجمعون بكثرة حول الراديو وقت بث اخبار صوت العرب للاستماع الى انباء الامة العربيةquot;.وتابع quot;اليوم القمة تنقل بالصوت والصورة ولا احد يكترثquot;.ورأى ان quot;الفلسطينيين اليوم وصلوا الى قناعة بان الزعماء العرب لن يأتوا بشيء جديد خصوصا بعد هذه السنوات من الاحتلال الاسرائيلي بدون ان يقدم العرب للفلسطينيين شيئاquot;.
وبين رواد المقهى الذين قدر عددهم بحوالى مئة شخص، شاب واحد فقط في الثلاثينات من عمره وقف ليستمع الى خطاب الرئيس الفلسطيني في القمة.وقال رمضان ابو مسلم (32 عاما) quot;سمعت ان ابو مازن يطالب العرب بالعمل على منع تهويد القدس (...) هذا شيء مضحك لان القدس اصلا تم تهويدها والعرب نيام ولم يقدموا او يؤخروا لنا شيئاquot;.واضاف ابو مسلم وهو بائع خضار quot;لا افهم في السياسة لكنني غير مقتنع بان العرب في قمتهم هذه سيقدمون لنا شيئا لانهم لو ارادوا ذلك لقدموه لناه من سنواتquot;.
وقال ان quot;حكي الزعماء العرب كله عالفاضي مثل الذي ينفخ في قربة مخزوقة وكل كلامهم اليوم سمعناه منذ الانتفاضة الاولى في 1987quot;.
وتجمع اربعة شبان حول احدى طاولات المقهى لانجاز عمل خاص بينهم. وقال احدهم محمد ابو دية (46 عاما) ان quot;هذه القمة لن تعمل شيء لا للفلسطينيين ولا للعربquot;.
واوضح ابو دية بينما كان زملاؤه يصغون اليه ويهزون رؤوسهم تأييدا له، ان quot;رغبة العرب جميعا هي ان يتحدوا اولا (...) ومثلما سمعت فان ثمانية زعماء عرب قاطعوا القمة، فاذا لم يتحدوا فكيف سيحققون لنا شيئا؟quot;.واضاف quot;نحن كفلسطينيين لا نؤمن ولن نصدق اي شيء يخرج عن القمم العربية الا اذا كان هناك شيء ملموس على الارض سواء حرب على اسرائيل او تحقيق السلام معهاquot;.
وفضل الشاب احمد شعبان (41 عاما) الخروج من المقهى عندما بدأ بث خطب القادة العرب على الهواء مباشرة، وجلس تحت اشعة الشمس على كرسي خارج المقهى وطلب نرجيلة.وقال شعبان quot;كل كلامهم حكي فاضي. منذ سنوات ونحن نسمع الكلام ذاته وفي المقابل تقتل اسرائيل منا اطفالا ونساء ولا يقدم لنا الزعماء العرب سوى الاستنكار والادانةquot;.واضاف شعبان ان quot;الجلوس هنا تحت اشعة الشمس بعد شهر الشتاء مع النرجيلة يساوي مئة قمة عربية فاضية مثل هذه القمةquot;.ويبدو ان حالة عدم الاكتراث هذه امتدت الى ربات البيوت في منازلهن ايضا.
وفضلت الحاجة لطيفة ابو حميد (66 عاما) ان تجهز طبخة ملوخية لاحفادها لحظة بدء بث جلسة القمة الافتتاحية في دمشق.وتعتقل اسرائيل ستة من ابناء الحاجة لطيفة بينما قتل ابن سابع لها في اواسط الثمانينات، وهدم الجيش الاسرائيلي منزل العائلة في مخيم الامعري مرتين. وقالت لطيفة في منزل احد اولادها في مخيم الامعري ان quot;هذه القمة مثلها مثل القمم الاخرى التي عقدت سابقا، ومثل المفاوضات السابقة، وكلها حكي في حكيquot;.
واضافت ام ناصر بشيء من الحنق ان quot;هؤلاء الزعماء لا يمكن ان يشعروا بنا الا اذا هدمت منازلهم مثلنا وفقدوا ابناءهم مثلنا، وغير ذلك من المستحيل ان يقدموا لنا شيء او ان يشعروا بناquot;.
التعليقات