خلف خلف- إيلاف: من المقرر أن تستأنف المباحثات السورية - الإسرائيلية غير المباشرة بمعونة تركية الأسبوع المقبل، وذلك بعد انقضاء مهلة نحو أربعة أسابيع، منذ أعلن رسميًا عن استئناف محادثات السلام بين الطرفين. وتجري المفاوضات بشكل مركزي جدًا بإدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت بينما مندوبيه في اللقاءات مع الأتراك هما رجلي ثقته في مكتبه، يورام تربوبيتش وشالوم ترجمان. أما الجانب السوري فيمثله بحسب التقارير الصحافية مدير الدائرة القانونية بوزارة الخارجية، رياض داودي.

في هذه الأثناء، أفادت صحيفة معاريف الصادرة اليوم أن اولمرت يفكر بالاستجابة لدعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعقد لقاء قمة أول في باريس ndash; إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد. إذا ما وافق اولمرت والأسد ndash; الذي حتى اليوم لم يعلن عن موقفه من الموضوع بعد ndash; على الاقتراح الفرنسي، فستكون هذه قمة تاريخية ndash; الأولى بين زعيمي إسرائيل وسوريا.

ووسط هذه المعطيات يفرض المناخ تساؤلا هامًا، هل تنجح تركيا في وساطتها، بعدما عجزت على مدار عقود مضت العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية في إيجاد اتفاقية سلام بين دمشق وتل أبيب؟

دراسة إستراتيجية صادرة حديثاً عن مركز بيغن للسادات للأبحاث الإستراتيجية، جامعة بار ايلان، العدد 23، وأعدها الباحث عميكام نحماني تحاول الإجابة على السؤال السابق، مستعرضة في الوقت ذاته، سياسة تركيا ضمن ما تعيشها من تطورات على كافة المستويات، كما تبحث الدراسة في مميزات العلاقة بين إسرائيل وتركيا، بالإضافة إلى التناقضات التي قد تفسخ العلاقة بين الطرفين مستقبلاً.

الدراسة التي عنونت بـquot;تركيا: سياسة المستقبلquot;، ترى أن اللاعب الأقوى في الشرق الأوسط هو تركيا، ولكن هذا اللاعب لا يريد أن يلعب في الشرق الأوسط. حيث أن الأتراك يقولون: quot;لا نريد، عمل أكثر من مجرد إطلاق بيانات للرئيس السوري ورئيس الوزراء اولمرت، نقل رسائل، استضافة محادثات سلام وما شابهquot;.

وتقول الدراسة: quot;الأتراك يقولون ذلك بشكل فظ وواضح جداً: عندما يكون هدفنا هو أن نكون عضواً في أوروبا، عندما يكون الهدف هو دخول الاتحاد الأوروبي، فسيكون من الغباء في الدرجة الأولى التورط في الشرق الأوسط، أو كبديل التوجه بالتورط في جمهوريات وسط أسياquot;.

وتعتبر الدراسة أن الأتراك الذين يبذلون كل ما في وسعهم كي يدخلوا إلى الاتحاد الأوروبي، وكل انشغالهم يتركز على ذلك، لا مصلحة لهم في أن يكونوا شرطة اقليمة في الشرق الأوسط. لا مصلحة لهم للقيام بعمل يورطهم في المنطقة. والنتيجة هي أن اللاعب الأقوى في الشرق الأوسط لا يلعب على الإطلاق.

إضافة إلى ذلك، وعلى نحو يشبه الاتحاد الأوروبي، فان للأتراك موقفاً طيباً من سوريا، وموقفاً طيبا من إيران، أو أنهم على الأقل يتصرفون اتجاه إيران مثلما يتصرف الاتحاد ا لأوروبي، وتشير الدراسة أيضا إلى أن سوريا التي كانت في مواجهة مشتركة مع تركيا ومع إسرائيل، شكلت النسغ بين تركيا وبين إسرائيل، حيث أنه يوجد حاليًا شهر عسل بين سوريا وتركيا.

ولكن إلى جانب العلاقة الجيدة بين سوريا وتركيا، فأن للعلاقة ببين أنقرة وتل أبيب ما يميزها أيضا عن غيرها من العلاقات مع دول أخرى كإثيوبيا وفرنسا وجنوب أفريقيا، فبحسب الدراسة فهي، علاقة ليست أمنية، فشبكة العلاقات بين إسرائيل وتركيا هي ثلثيها مدني وثلثها فقط أمني.

وتشير المعطيات الى أن 350 ألف سائح إسرائيلي يسافرون كل سنة إلى تركيا، ويتركون هناك نحو نصف مليار دولار. كل منتج في إسرائيل إن لم يكن صنع في الصين، فقد صنع في تركيا. تلفزيونات، إطارات سيارات، أغذية، أجهزة التسخين السريع، ملابس. ومصانع تجميع المنتجات الأكثر فخراً في العالم توجد في تركيا.

وعليه تعتبر الدراسة أن هناك احتمال إلا تسير شبكة العلاقات بين إسرائيل وبين تركيا بصعوبة، وألا تنهار بضجيج مثلما حصل في الماضي. وذلك لأنها تقوم على أساس مبدأ العلاقات المدنية، فالجماهير واسعة في الطرفين، يوجد ما يخسرونه من انهيار العلاقات بين تركيا وبين إسرائيل.

ورغم ذلك إلا أن الدراسة تحذر من مخاطر قد توتر العلاقة بين أنقرة وتل أبيب، وبخاصة أن تركيا غضبت في السنوات الأخيرة على إسرائيل بسبب ثلاثة أمور، وهي: معلومات استخبارية مغلوطة، ظاهراً، زودتها إسرائيل وبسببها اندلعت الحرب في العراق في العام2003. بالإضافة إلى اتهام الأتراك لإسرائيل بمساعدة الأكراد، رغم أنه في جملة وفيرة من المبررات والتفسيرات إسرائيل تقول للأتراك بأنه لا يوجد صحة في هذا الاتهام.

كذلك هناك سبب آخر يوتر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وهو أن الأخيرة - بحسب الدراسة- تسعى لرؤية العالم العربي مفككًا ومنحلا، وستشعر مثلا بأمان أكبر إذا ما تفكك العراق إلى عناصره، وفي المقابل فإن تركيا لا ترغب في أن ترى تفكك دول المنطقة إلى مزيد من الدول، وبالتأكيد لا ترغب في أن ترى على حدودها قيام دولة تركية في العراق.