جنيف: نجحت لويز اربور في تعزيز وترسيخ المفوضية العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة خلال ولايتها التي تنتهي الاثنين، لكن سيتعين على خلفها ان يصمد بحزم في وجه نفوذ دول تحلم في اسكات ضمير المنظمة الدولية.واعلنت القاضية الكندية السابقة البالغة من العمر 61 عاما، في اذار/مارس انها تضع حدا لمهمتها الاممية لاسباب quot;شخصيةquot; رسميا بعد اربع سنوات من ولاية مضنية.

واشاد دبلوماسي غربي quot;بالشجاعة السياسية الكبيرةquot; التي تحلت بها اربور على رأس المفوضية العليا لحقوق الانسان، مضيفا quot;لقد تركت حصيلة ممتازة، واظهرت الميزة الرئيسة المتوخاة من مهمتها: الاستقلاليةquot;. وقد اكتسبت اربور شهرة عالمية في 1999 بعد توجيهها الاتهام الى الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش امام محكمة الجزاء الدولية، لكنها اثارت في الامم المتحدة غضب العديد من الدول بادانتها انتهاكات الحريات الاساسية.

وفي اواخر العام 2005، تعرضت لانتقادات شديدة من الولايات المتحدة لتنديدها بفضيحة السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه). وكانت حذرت انذاك من quot;ان السعي الى الامن باي ثمن يمكن ان يخلق عالما لن نكون فيه في الواقع لا اكثر امنا ولا اكثر حريةquot;. وضاعفت اربور من تنقلاتها الصعبة، بدءا من كمبوديا وصولا الى الشيشان، وتعرضت لرشق سيارتها بالحجارة اثناء زيارة الى اسرائيل. ولم تتمكن من التوجه الى التيبت بعد ان رفضت الصين طلبها لزيارة المنطقة اثر اضطرابات لاسا في اذار/مارس الماضي.

غير ان جمعيات الدفاع عن حقوق الانسان لم تبخل بكيل المديح لها. فقالت منظمة العفو الدولية quot;ان اربور كانت بطلة مناضلة حقيقية من اجل حقوق الانسان وابدالها لن يكون سهلاquot;، مضيفة quot;انها محامية مقتدرة وبارعة لحماية حقوق الانسانquot;. وهنأت منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; اربور لانها تمكنت من الحصول على ميزانية مضاعفة للمفوضية العليا التي تمكنت من تعزيز وجودها على الارض في العديد من الدول.

وقال سيباستيان جيلوز مسؤول quot;هيومن رايتس ووتشquot; للعلاقات مع الامم المتحدة، quot;انها تغادر مكتبا في وضع افضل مما كان عليه عندما تسلمت مهامها. فقد ناضلت داخل الامم المتحدة من اجل تعزيز نفوذها بفضل صلتها المميزة مع (الامين العام السابق) كوفي انانquot;. ولفت جيلوز الى ان مهمتها كقاضية دفعتها بطبيعة الحال الى ان تستمد قوتها من معايير القانون الدولي في علاقاتها مع الدول. وهذا التوجه نفسه خيب امال بعض المدافعين عن حقوق الانسان الذين كانوا يفضلون اداء سياسيا اكثر للتنديد بالانتهاكات التي ارتكبت على وجه الكوكب.

وسيكون امام خلفها الذي يتوقع ان يعينه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون سريعا، عمل كبير مع مجلس حقوق الانسان، المؤسسة التي تضم 47 دولة عضو ليست جميعها قدوة ومثالا يحتذى به في هذا المجال. ويميل المجلس الذي تهيمن عليه عدديا الدول النامية وتقاطعه الولايات المتحدة، الى التركيز على انتقاد اسرائيل وفشل في التحرك لحل ازمات اخرى مثل دارفور.

وباتت المؤسسة تسعى الى وضع مكتب المفوض الاعلى تحت وصايتها مطالبة بالتمكن من المصادقة على ميزانيته وعلى فتحه مكاتب تابعة له. وفي رسالتها الوداعية الى المجلس، ذكرت اربور الدول الاعضاء quot;بانها تحمل مسؤولية تتخطى رهاناتها الصغيرة اليوميةquot;، مضيفة quot;اتمنى لها، جماعيا وافراديا، ان تستحق مكانتها في التاريخquot;.